النخلة.. «الشجرة المخلصة» لأهل الخليج في فقرهم وغناهم

«إذا مالت النخلة أتكلوها.. وإذا ماتت إبكوها»، مقولة يرددها أبناء منطقة الخليج أباً عن جد، ويتناقلونها في مجالسهم بصورة مستمرة، وهي تعبر بصدق عن تعظيم الناس لشجرة النخل وتقديرهم لدورها في حياتهم، فقد كانت النخلة سابقاً تتكفل بتذليل جميع مصاعب الحياة، بحسب رئيس جمعية بن ماجد للفنون الشعبية والتجديف ناصر حسن الكاس آل علي.

ويضيف آل علي «حين نحسب كم من المنافع جادت بها النخلة على مجتمعنا في سنوات الماضي البعيد نجدها تزيد على 163 منفعة، ولعل أبرزها إطعام الناس رطباً وتمراً، وعلاجهم من بعض المتاعب الصحية، وتحسين أحوالهم الاقتصادية».

ويتابع «كان المجتمع الخليجي على وجه الخصوص يعتمد على النخلة اعتماداً كلياً، فمثلاً يستفاد منها في بناء المساكن التي تسمى العريش، ومن سيقانها غير المقصوصة تبنى الأسوار حول المنازل، بينما ثمار النخلة بمختلف أصنافها وألوانها تمثل مصدر الغذاء الرئيس الذي يتناوله الناس الى يومنا هذا، ولأن التمور ودبسها تحوي العديد من العناصر الغذائية المهمة فهي تكسبهم الصحة والطاقة والعافية».

أما سعفها، حسب ناصر آل علي، فكان «يشكل مصدراً مهماً لصناعة الكثير من الأشياء التي تحتاجها البيوت مثل الحصير الذي يستخدمونه كفرش على الأرض، وغطاء للأكل وسجادة للصلاة، وأيضاً يصنعون منه (المهفة) التي تعينهم على تحريك الهواء في موسم الصيف، أضف إلى ذلك صناعة (المشية) التي هي بمكانة الثلاجة في وقتنا الحاضر، إذ كانت تستخدم لحفظ المواد الغذائية وتفادياً لوصول الحشرات اليها يتم ربطها بالسقف». ويضيف «من سعف النخلة كان يصنع غطاء يطلق عليه اسم (المنشية) ويستخدم في تغطية إناء الحليب أو الأسماك، وإناء يسمى (الطبق) وهو عبارة عن سلة تربط الى أعلى النخلة بحبل ويستخدم في جني ثمار الرطب».

أمّا «المزود» وهو عبارة عن إناء مصنوع من سعف النخلة فيستخدم في نقل التمر إلى حيث يجلس الناس على الشاطئ، ونظراً لحاجة أفراد المجتمع لما يساعدهم على وزن الشعير والتمر وغير ذلك من الأشياء، فقد صنعوا الميزان من سعف النخلة وقد كان على شكل وعاءين متساويين في الوزن بينهما عود خشبي.

• كان يستفاد منها في بناء المساكن التي تسمى العريش، ومن سيقانها غير المقصوصة تبنى الأسوار حول المنازل، وثمارها الغذاء الرئيس.

• إذا ماتت النخلة كان الناس يتناقلون أخبارها كحال موت عزيز لديهم، ويشاركون صاحبها المواساة.

النخلة والأطفال

لم تكن النخلة، وفقاً لناصر آل علي، بمنأى عن احتياجات الأطفال فمن جريدها صنعت العائلات لأطفالها أسرّتهم، ولعبة (الشاطوحة) أي المراجيح.

ومن الواضح أن اهتمام المجتمع بالنخلة كان منقطع النظير، والدليل على ذلك الحرص على زراعتها إلى جوار البيوت ورعايتها كما لو أنها فرد من الأسرة. وإذا ماتت النخلة فإن الناس كانوا يتناقلون أخبارها كحال موت عزيز لديهم، ويشاركون صاحبها المواساة، وبعد موتها يتم تقطيع ساق النخلة الى مجموعة كتل تحفر على شكل أحواض يستفاد منها في سقي وإطعام (الدبش) أي الأغنام، وبعض تلك الكتل الخشبية تستخدمها النساء في أعمال الطهي والتدفئة.

الإبر

من الأشواك الحادة التي في رؤوس الخوص صنع الناس الإبرة لخياطة شباك الصيد والملابس الممزقة، علاوة على أنهم صنعوا من مخلفات النخلة غطاء يمنع تلف السفن من الداخل.

أمّا ليفها الذي يستخرج من كرب النخلة فقد شكل مصدر رزق اقتصادياً يدر المال لكثير من الناس، خصوصاً أولئك الذين امتهنوا صناعة الحبال، والكر وهو يشبه الحزام ويستخدم في صعود النخلة، وكذلك الرسن لقيادة الحيوانات وربطها.

وقال ناصر آل علي شارحاً الكيفية التي تتم بها صناعة الحبال من ليف النخيل «كانت تتم بجمع كمية من ليف النخلة ووضعها في إناء به ماء، حتى يبتل ثم يجفف بواسطة حرارة الشمس، ثم يضرب ويُمشَّط ليكون جاهزاً لتحويله الى حبال بأشكال ومقاسات مختلفة».

الأكثر مشاركة