«آه يا أرضي الحبيبة».. ضاعت الرسالة في زحمة السرد
أثار العرض السوري «آه يا أرضي الحبيبة»، الذي انفردت بأدائه ممثلة فرنسية، مساء أول من أمس، على خشبة مسرح جمعية الفجيرة للفنون، الكثير من الجدل الذي انبثق معظمه من خيار مؤلفه ومخرجه، أمير نزار الزعبي، الاتكاء على تقنية السرد بشكل كبير، ما سبّب العديد من المشكلات في العرض.
اعتذار اعتذرت الممثلة الفرنسية، كورين جابر، عما وصفه مشاهدون وحضور في الندوة التطبيقية بالوقوع في فخ «الملل» والأداء السطحي، مؤكدة أنها كممثلة ظلت حذرة في طرح الموضوع السوري. وتابعت: «حاولت من خلال المطبخ أن نتحدث عن السوريين، وحاولت توصيل القضية السورية إلى العلن، لكن بكل تأكيد أعتذر عن هذه النتيجة الفنية التي لمستموها». سؤال ودهشة وجّه ناقد من جنوب إفريقيا سؤالاً إلى ممثلة عرض «آه يا أرضي الحبيبة»: هل أحببت العرض؟ وأكدت الممثلة كورين جابر أنها أدت عرض «آه يا أرضي الجميلة» لمدة أربع سنوات، وامتنعت عن الإجابة عن سؤال هل أحبت العرض أم لا، مضيفة: هذا سؤال شخصي ذاتي لن أجيب عنه، وأبدت كورين اندهاشها من إلحاح الأسئلة في الندوة التطبيقية عن التمثيل والإخراج، وابتعاد الأسئلة عن سورية والقضية السورية. |
وطرحت الممثلة الفرنسية، كورين جابر، العديد من قصص الحرب السورية، وبدأت بسردها أثناء قيامها بإعداد طبخة «الكبة» في المطبخ الذي بدا بمثابة الديكور الرئيس على المسرح، لتختلط قصص الحروب بطناجر ومقلاة وصحون وخلاط كهربائي، وغيرها من أدوات المطبخ.
وبدت كورين في كثير من المشاهد كأنها قارئة أخبار أو أقاصيص أخبار تنشر هنا وهناك، بعد أن ابتعدت تماماً عن التعايش حتى مع القصص المروعة التي تقوم بقراءتها، وكأنها مجرد قارئ محايد.
وتطوَّر أداء كورين في بعض المشاهد، لكن من دون أن يصل إلى الاستعانة الحقيقية بأدوات الممثل عموماً، وأدوات ممثل المونودراما خصوصاً، الذي يحتاج إلى غوص واستكشاف من أجل الإلحاح على بوح يبدو أقرب إلى المكاشفة التي يصنعها الممثل في جدلية تربطه بالجمهور، حيث بدت في المَشَاهد التالية أقرب إلى الاستعانة بفنون الحكواتي الذي يسعى إلى عبارات تلتقط السمع من قبيل «يا سادة يا كرام»، من دون أن تلتصق بالوجدان.
وعلى الرغم من الاستهلال الفيروزي للمسرحية، الذي ضاعف من توقعات الجمهور، إلا أن العرض لم يذهب بعيداً عن سرد خبري قد تتفوق عليه الأخبار الواقعية الآتية عبر نشرات الأخبار، والتقارير الميدانية اليومية، التي تحصي أعداد القتلى والمصابين، وأنباء المجازر المروعة بحق المدنيين والأسر والعائلات.
وما بين إعداد جابر للكبة السورية، الذي انفتح عليه المشهد الأول، وبين فتحها باب الثلاجة لتجد بدلاً من اللحوم الطازجة والمجمدة الصالحة للاستهلاك الآدمي، لحوماً آدمية مقطعة إرباً، في مشهد بدا أيضاً مقحماً على تطور الفعل الدرامي، ودفع باتجاه ختام مربك لعمل انتظر منه الجمهور أن يقول كثيراً عن مآسٍ تجري في سورية، ولكن بلغة مونودرامية فنية تصل إلى قلب ووجدان المشاهد، وتمتعه فنياً.
وامتد الجدل النقدي في الندوة التطبيقية التي أدارتها، سهير لحياني، بحضور مؤلف ومخرج العرض، أمير نزار الزعبي، والممثلة الفرنسية كورين جابر.
وفي حين أبدت الممثلة، عذاري العوضي، اندهاشها من قدرة الرجل على الكتابة عن معاناة امرأة، فقد تساءلت إحدى الحاضرات، التي عرّفت نفسها بأنها أستاذة علم المسرح من أوغندا، عن سبب اختيار الديكور بهذه الطريقة، والمحافظة على انسيابية الصوت الهادئة بالأداء الأفقي، وهو ما ردت عليه جابر «المطبخ يسهّل حركة الممثلة، وهو المكان الأمثل للحكايا، فالمرأة تحب المطبخ، والحكايات فيه كثيرة ومتعددة على الصعيد الواقعي».
وقال الدكتور خليفة الهاجري: «الممثلة أدت العمل بمستوى واحد»، متسائلاً: «لو سمعت العرض من خلال الراديو، أو الإضاءة المغلقة على المسرح، هل سيكون تأثير العرض مشابهاً بالنسبة لمن يقومون باستماعه؟».
من جانبه، اعتبر الناقد، يوسف الحمدان، أن العرض اشتغل على الذاكرة بالدرجة الأساسية، مشيراً إلى أن الممثلة لم تقم حقيقة بفعل التمثيل طوال العرض، بل ناقلة لواقع وأخبار.