مِضخّة الثور التي تسقي المحاصيل

«اليازرة» وسيلة للري.. وموسيقى المزارعين

«اليازرة» بسيطة في مكوناتها وفكرة تشغيلها لكنها تتطلب قوة تحمّل وخبرة ومهارة. الإمارات اليوم

«اليازرة»، أو مضخة الثور، كما يسميها البعض، هي وسيلة الري البدائية التي ابتكرها الأهالي في الماضي البعيد، ومكنتهم من زراعة النخيل وغير ذلك من المحاصيل التي تسد احتياجاتهم الغذائية، وتحقق لهم المكاسب المالية، لكن «اليازرة» سرعان ما اختفت عن الساحة بعد الطفرة الاقتصادية التي جاءت بأنظمة الري الحديثة.

جمعية شمل للفنون الشعبية حافظت على «اليازرة»، وجعلتها مَعلماً تراثياً يربط الأجيال بالماضي، ويُعرّفهم بجهود الآباء والأجداد، الذين حافظوا على الأرض اعتماداً على سواعدهم ومكونات بيئتهم.

ويقول عضو الجمعية والمشرف على «اليارزة»، الذي عمل فيها منذ طفولته، سالم عبيد: «إن (اليازرة) آلة بسيطة في مكوناتها وفكرة تشغيلها، لكنها تتطلب قوة تحمّل وخبرة ومهارة في التعامل مع الثور، وتحفيزه على جلب الماء من البئر، أثناء المشي هبوطاً وصعوداً، ومن أجل الحفاظ على قوة تحمّل الثور يخصص له المزارع طعاماً بمواصفات خاصة تسمى (الفخارة أو البورمة)».

ويضيف: «في بداية حياتي مع (اليازرة) تعلمت كيفية تجهيزها، ثم في وقت لاحق وقفت عند فوهة البئر، مشرفاً على عملية إفراغ الماء من الدلو في الحوض، وعندما اطمأن والدي لمهاراتي أوكل لي المهمة الصعبة وهي قيادة الثورنزولا وصعوداً».

• جمعية شمل للفنون الشعبية حافظت على «اليازرة»، وجعلتها مَعلماً تراثياً يربط الأجيال بالماضي.

ويكمل عبيد: «(اليازرة) صنعها الأهالي من المكونات المحلية، التي تساعد الثور على سحب الدلو المملوء بالماء من البئر، باشراف عاملين يطلق على أحدهما (اليازر)، وهو الذي يتولى مرافقة الثور أثناء سيره في (المخب) عند سحب الدلو، بينما يقف العامل الآخر عند فوهة الطوي (البئر) ليستقبل الدلو المملوء بالماء ويقوم بإفراغه في حوض التجميع، الذي ينساب الماء منه عبر قنوات الري الى الحقل».

كما تشمل مكونات «اليازرة» على مجموعة من جذوع النخيل الصلبة التي يتم نصبها إلى جوار البئر، وتسمى (التراكيب)، بينما يتم سحب الدلو المصنوع من جلد الحيوانات من البئر بوساطة حبل قوي يصنع من كرب النخيل، ويسمى (الرشا).

كما تضم أجزاء اليازرة «المرافس، المريل، التافر، الصدر، السواعد، الكلاب، الطوي، المقيلة، المدوار، الحوض والترجيبة».

وحول الطريقة التي تعمل بها «اليازرة»، يوضح عبيد: «مع طلوع الفجر يأتي المزارع بالثور إلى البئر، ويربط في رقبته المرواحة، لتبدأ عملية تشغيل (اليازرة)، خلال فترة تستمر حتى الضحى، حيث يتوقف العمل لأخذ قسط من الراحة، ليعود في الفترة الثانية بعد العصر ويستمر حتى مغيب الشمس».

ونظراً لمشقة عمل «اليازرة» فهي تتطلب بأن يتمتع القائمون عليها بالصلابة والقوة الجسمانية، وكذلك الحال بالنسبة للثور الذي يتم اختياره وفق مواصفات قوة التحمّل، التي تمكنه من جر الدلو المعبأ بالماء عبر ممر ينحدر نحو الأسفل لمسافة محسوبة بدقة، تكفي لسحب الدلو من البئر ثم العودة صعوداً حتى فوهة البئر.

ولم تكن «اليازرة» في ذلك الوقت أداة لري المَزارع فحسب، بل مصدراً لأصوات موسيقية تطرب المُزارع، وتحفزه على الغناء بأشعار وأغنيات تخفف عنه إرهاق العمل، وتحفزه على الصبر، والقيام بمزيد من جلب الماء لري الحقل، حسب سالم عبيد.

تويتر