الدورة الثالثة تشهد حضوراً فلسطينياً مميّزاً

«نساء تحت الاحتلال».. القدس في قلب «مهرجان شرم الشيخ»

صورة

حركة مسرحية فلسطينية نشطة وواعدة، تنشأ على أيدي عدد من المسرحيين الشباب، الذين اغتربوا عن الأرض، دون أن يغتربوا عن قضية الوطن ونبضه ومعاناة أبنائه اليومية، تحت قمع الاحتلال.. هذا هو المشهد الذي تحيل إليه تفاصيل الدورة الثالثة من مهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب، التي تشهد مشاركة فلسطينية متميزة، في محافظة جنوب سيناء المصرية.

عودة

حمل اسم إحدى بطلات العرض الفلسطيني، دلالة إيجابية مرتبطة بالقضية، عبر حضور الممثلة الشابة غدير عودة، التي أشار الممثل الفلسطيني الشاب المولود والمقيم بمصر، زياد أبوجبل، إلى أن لقبها «عودة»، هو المفردة الأهم بالنسبة لأسرته، وجميع المهجرين الفلسطينيين. وحضرت بطلات المسرحية، وغاب مخرج العرض ومدير الفرقة، الذي رُفض منحه تصريح مغادرة من قبل سلطات الاحتلال، في حين كشفت الفتيات الثلاث اللائي نهضن بمسؤولية تمثيل فلسطين بهذا المحفل الشبابي، عن معوقات زُرعت أمامهن، أثناء تجاوزهن الحواجز، قادمات من بيت لحم الفلسطينية، عبر الأردن، وصولاً إلى مصر.

عرض كويتي

استدعى العرض المسرحي الكويتي «يوميات أدت إلى الجنون»، الذي قدم خلال مهرجان شرم الشيخ المسرحي، قصة «يوميات مجنون» للكاتب العالمي نيكولاي غوغل، لكن يوسف الخال جذب النص إلى رؤية إخراجية حداثية ومختلفة، معتمداً على أداء تمثيلي منضبط ومتقن لكل من: يوسف الحشاش، دالي، محمد جمال الشطى، مشعل فرج الله، عثمان إبراهيم الشطى، وبدر البكر.

وأسهب الخال في التركيز على فكرة التمايز الطبقي، ليدور المحتوى حول خادم صغير يعيش خلال عصر الاستبداد، دافناً في أعماقه مشاعر الاحتقار والتهميش ممن حوله، التي لا تحول دون وقوعه في غرام ابنة رئيسه الفتاة الحسناء الجميلة التي لا تكترث لمشاعره، فيكون الانحدار نحو الجنون.

لا يرتبط المشهد فقط بالعرض المسرحي الفلسطيني «نساء تحت الاحتلال»، الذي جاء بمثابة أحد العروض الرئيسة ضمن محور الفضاءات غير التقليدية، بل أيضاً عبر حضور العديد من المواهب الفلسطينية الشابة التي استثمرت دراستها في معهد الفنون المسرحية بالقاهرة، لتكون لاعباً أساسياً في العديد من العروض المسرحية الشابة التي حملت هموماً مختلفة، بعضها على تماسّ بقضايا المقاومة ومرارة اغتصاب الأرض، والتمسك بتراب الوطن وهويته.

فسيفساء مكتملة

القدس في قلب مدينة شرم الشيخ وجمهور مهرجانها الشبابي، كما هي في قلب كل عربي، مشهد خارج الخشبة، بدا وكأنه تواصل فوري مع إبداع بطلات «نساء تحت الاحتلال»، اللاتي رسمن بالأحجار فسيفساء لمدن فلسطين مكتملة، وفي قلبها الحجر الأهم، حجر الزاوية، والقلب النابض القدس.

ومنذ البداية، وكأنه تمهيد واقعي، لمأساة العرض تعرّضت بطلات العمل الثلاث: غدير عودة، وكريستي دعبوب، وديما عوض، إلى صعوبات عديدة، في سبيل حضورهن هذا المحفل الشبابي المسرحي، إذ أشارت عودة، إلى صعوبات عدة تعرّضن لها، من جيش الاحتلال، لاسيما أن معلومات عزمهن تقديم عرض شبابي يحمل مأساة الوطن في محفل دولي، قد أصبحت حاضرة لدى المحتل.

وأضافت غدير: «إننا جميعاً من مدينة بيت لحم الفلسطينية، التي غادرنها إلى الأردن، ومن ثم مصر، من أجل التمكن من العرض، في ظل تفتيشات قاسية تعرّضن لها أثناء عبورهن الحواجز الأمنية بفلسطين من قبل جيش الاحتلال، الذي لم يسمح لمخرج العمل بالسفر من أجل القيام بمهامه لإنجاح العرض، ما ضاعف من عزيمتهن، لتقديم عمل يعكس معاناة الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال عموماً، والمرأة الفلسطينية خصوصاً».

لوحات استعراضية

وكأنهن ثائرات على كل شيء، بما في ذلك الشكل التقليدي للعرض المسرحي، بدأت الشخصيات الثلاث المحورية، التي اكتفى بها «نساء تحت الاحتلال» العرض بلوحات استعراضية مشفوعة باستدعاءات غنائية من الفلكلور والموسيقى الفلسطينية، وأيضاً العربية. وسلط «نساء تحت الاحتلال» الضوء على واقع الفتاه والمرأة الفلسطينية تحت الاحتلال، وتناقضات أخرى مستمدة من الواقع الفلسطيني، إذ يستدعي العمل أوجه الشبه بين الاحتلال للأرض الفلسطينية، وجسد النساء الفلسطينيات الذي قد يستكين، لكنه لا يستسلم، ولا يلبث أن ينتفض، مستدعياً استيعاب جميع المدن والأحياء والبلدان الفلسطينية، كاملة غير منقوصة، وفي قلبها القدس، التي بدت حاضرة في قلب مدينة شرم الشيخ ومهرجانها، عبر تلاحم كبير من قبل الحضور مع «نساء تحت الاحتلال».

تويتر