الكتاب يقدّم للمتلقي الأوروبي نموذجاً عن الشعر النبطيّ

«تأملات في أقوال وأشعار الشيخ زايد».. يُغني مكتبات اليونسكو والفرانكفونية

غلاف كتاب «تأملات في أقوال وأشعار الشيخ زايد». من المصدر

صدر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، وبالشراكة والتعاون مع شركة أبوظبي للإعلام، كتاب «تأملات في أقوال وأشعار الشيخ زايد» باللغتين العربية والفرنسية، وذلك بمناسبة تنظيم فعاليات الملتقى الإماراتي الفرنسي 2018 الأسبوع الماضي في منظمة اليونسكو تحت شعار «زايد شاعر السلام والإنسانية». ويُقدم الكتاب للمتلقي الأوروبي من خلال الترجمة الفرنسية التي أشرف عليها فريق من الشعراء والمترجمين الإماراتيين والفرنسيين، نموذجاً عن الشعر النبطي الذي يمتاز بألفاظه وصياغته وإيقاعاته الخاصة، ويكشف عن الأهداف الإنسانية

80 قصيدة و57 فناناً

قال الكاتب والباحث الإماراتي سلطان العميمي، مدير أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، إنه باستعراض قصائد الشيخ زايد المُغنّاة، نجد أن عددها يزيد على 80 قصيدة، تمّ غناء بعضها بصوت فنان واحد، وبعضها بصوت 11 فناناً وفنانة. وبلغ عدد الفنانين الذين غنوا قصائده 57 فناناً، منهم 14 فنانة، منهن خمس فنانات إماراتيات، في مقابل 30 فناناً إماراتياً، بما يصل مجموعه إلى 35 فناناً وفنانة إماراتيين. أي أكثر من نصف الأغاني. وهناك ثلاث فرق غنائية غنت قصائد الشيخ زايد، كما غنيت القصائد وأدّيت بالموسيقى وبأداة الربابة، «وهي أداة موسيقية وترية فردية».

السامية في أشعار وأقوال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وفقاً لما ذكره نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي عيسى سيف المزروعي، الذي كشف كذلك عن العمل لإصدار نسخة من الكتاب بعدد من أهم اللغات العالمية، في مقدمتها اللغة الإنجليزية.

وكشف المزروعي كذلك أن الوفد الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى منظمة اليونسكو في باريس قام بتزويد نحو 160 من أعضاء الوفود العربية والدولية الدائمة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بنسخ عن الإصدار، بما في ذلك 84 دولة أعضاء منظمة الفرانكفونية، متوجهاً بالشكر الكبير للسفير عبدالله علي مصبح النعيمي مندوب الدولة لدى اليونسكو، لجهوده المميزة في إنجاح فعاليات ملتقى «زايد شاعر السلام والإنسانية».

وذكر أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان يبني جيلاً بأقواله الحكيمة وقصائده المُبدعة، وترك لنا في ديوان الشعر النبطي باقة من أجمل القصائد التي امتازت بتعدد الأغراض الشعرية، والمعاني التي تُغني الشعر وتجعل منه رسالة نبيلة توحد الشعوب، وتحارب الأفكار المتشددة.

من جهته، أكد الكاتب والباحث الإماراتي سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، الذي قام باختيار باقة القصائد والأقوال المترجمة للشيخ زايد، أن براعة الوصف المُطعم بالحكمة، وجزالة العبارة، ومتانة البُعد الصوتي والإيقاعي الذي ليس بإمكان الترجمة مهما بلغت دقتها بطبيعة الحال أن تنقله باكتمال، وتعدد المضامين المتصلة بتجربة إنسانية عميقة، هي بعض مميزات أشعار الشيخ زايد البالغة الوفاء لتراث شعري أصيل تفاعلت معه بصدق واقتدار، وهو وفاء عبر فيه صاحبها عن تواضع دائم، وعن شغف بهذه الحكمة العريقة التي تفعم الشعر البدوي وتجعل منه نشيداً شعرياً وسجلاً أخلاقياً في آنٍ معاً، بعيداً عن أي شكل وعظي.

وتتميز القصائد المختارة في الإصدار المترجم ببراعة التأليف، وتعدد الأهداف، وتتضمن دعوة موجهة للجميع للتحلي بروح المبادرة، وبالشجاعة والكرم ومحبة البذل والعطاء، وبمثابة نداء إلى حب الأرض والوطن وامتلاك إرادة مسؤولة عادلة تسعى للسلام.

أما الطائفة المنتخبة من أقوال الشيخ زايد، فتأتي لتعزز مضامين أشعاره وتعمقها، من التأكيد على أهمية تعزيز الهوية الإماراتية في ضوء التطور والتقدم، إلى اعتبار التعاون بين البشر أساس السعادة، والمطالبة بارتباط الحرية بالمسؤولية. كما نقف فيها على هم بيئوي دؤوب يركز على معالجة مشكلة التصحر وزيادة الرقعة الخضراء. ونرى فلسفة سياسية واجتماعية تقوم على تزويد الأبناء بآخر مستجدات العلوم، وعلى تمكين الجامعات، وإشراك المرأة في بناء الوطن.

وأوضح العميمي أن الشيخ زايد تصدى عبر أشعاره وأقواله لمهام عديدة تتمتع كلها بصفة تأسيسية، من تحديث البلاد إلى توحيدها، فترسيخ روح المواطَنة، ومساعدة الشعوب الجارة والصديقة، وإقامة رؤية للعدالة تحمي الجميع وتُلزِم الجميع. وفي هذه المقولات المُنتخبة التي لها بلاغة الحِكَم ونفاذها ما يُعبر عن نظرته إلى كل هذه الأمور، بروح الأب والقائد.

وذكر الشيخ زايد رؤيته للشعر، في تقديمه لكتاب «تراثنا من الشعر الشعبي»، فقال: «لا شك أن تراثنا من الشعر الشعبي هو أحد ينابيع هذه الحضارة التي تألقت فوق أرضنا، وجداناً عربياً إسلامياً يفعم الحياة بالحب والجمال والمثل والقيم، إن هذا التراث الغالي ليس بدعاً ابتدعناه، ولكنه مفاخر ومآثر خلفها لنا الآباء والأجداد وأبدعوها إلينا عبر القرون رسائل حكمة، ووثائق أخلاق، ومصابيح فكر وهداية، حتى نواصل مسيرتنا على نفس الطريق».

كما يقول أيضاً ـ رحمه الله ـ: «من يتأمل هذا التراث يُدرك أنه قد استمد روائع القيم والمُثل العليا والحكم البالغة من القرآن والسنة الشريفة وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وأنه يُشيد بالجوار وإكرام الضيف، ويوضح مدى قوة وشائج القربى وأواصر الصداقة، ويهيب بالحفاظ على سمات العشيرة والأهل، ويصور شمائل النخوة والمروءة والصدق والشجاعة والوفاء، ويحث على كريم السجايا».

وكان سلطان العميمي تحدث كذلك في منظمة اليونسكو بباريس عن التجربة الغنائية في أشعار الشيخ زايد، حيث ذكر أنه يمكن القول إن الأغنية ارتبطت بالشيخ زايد عبر مسارين: الأول هو توجيهه الفنانين باختيار غناء القصائد النبطية الإماراتية، وهي خطوة لها أبعاد عدة، منها الربط بين القصيدة النبطية القديمة في الإمارات والأغنية والقصيدة المعاصرة، من حيث المفردة أو الصورة الشعرية أو تعزيز الهوية المحلية. أما المسار الثاني فهو غناء الفنانين لقصائد الشيخ زايد، حيث تتميز قصائد الشيخ المغناة بعدد من المميزات التي ساعدت على نجاحها وانتشارها، من أهمها: قوة العبارة الشعرية، ووضوح المفردات المرتبطة بلغته الشعرية. وبراعة الوصف المطعم بالحكمة، وجزالة العبارة، ومتانة البُعد الصوتي والإيقاعي الذي لا تقدر الترجمة بطبيعة الحال أن تنقله باكتمال.

تويتر