«خارج السيطرة - الاتحاد».. دعوة فنية للتأمّل
تحت عنوان «خارج السيطرة - الاتحاد»، قدمت مؤسسة فرجام معرضاً فنياً ضم ثمانية أعمال لستة فنانين، هم شاهين خسروي، وعويس حسين، وحليم الكريم، وعمران شانا، وسعد قريشي، وأفشان دانشوار. وتنتمي الأعمال الفنية إلى شبه القارة الهندية وإيران والعراق، وتقدم نظرة ثاقبة حول التقارب والتباعد الجغرافي، مع استكشاف لمفاهيم الانقسام والتوحد، فهي تحث المشاهد على التأمل، كما أنها تتيح للمتلقي التعرف الى اشتغالات فنية متنوعة.
منصة عالمية بهدف التأكيد على التكامل بين الأعمال الفنية للفنانين المشاركين بالمعرض، سيقوم معرض «خارج السيطرة - الاتحاد» بعرض هذه الأعمال الإبداعية لجمهور جديد، من خلال توفير منصة جديدة دولية لأعمالهم. وسيتيح المعرض الفرصة لتأطير هوياتهم وخبراتهم المشتركة ضمن صيغة متطورة ورفيعة من التعبير الفني، إلى جانب تزويد الزوار بمعلومات جديدة حول مفهوم الوحدة. |
تجربة شخصية بحتة تفرضها الأعمال الفنية، فالأعمال تتداخل مع بعضها، وتبدو منسجمة رغم اختلاف الوسائط والاشتغال الفني، وتفرض على المتلقي أن يراها بشكل خاص ومختلف، فهناك ديناميكية وحركة معقدة، تجعل كل شخص يرى الأعمال، ويشاهدها من منظوره هو، سواء في اللوحة أو حتى الأعمال التركيبية. يحث المعرض على استكشاف تصورات بصرية من خلال الأعمال التي تجسد الغموض وما هو غير ملموس، كلوحات الفنان شاهين خسروي الذي يعتمد فيها على الألوان الداكنة، لاسيما الرمادية، فينثر الألوان بضربات متداخلة، بينما نجد في كل عمل شخصاً يتوسط اللوحة، وكأنه يتحرك بداخلها، ويفرض على المتلقي تكهن الدوافع والكيفية لهذه الحركة. أما التكرار في المشاهد الموجودة في اللوحة، فيحث المتلقي على التوغل فيها والتأمل للوصول الى الحالات النفسية المختلفة التي يرصدها الفنان.
يقحم المعرض المتلقي في مواجهة تأملية مع الأعمال، فالأخيرة قابلة للتطور، لاسيما أن التجربة تصبح حية ومباشرة، وهذا ما نشهده في العمل التركيبي الخاص بالفنان عويس حسين، اذ يستخدم الستانلس ستيل، ويضع التراكيب المعدنية فوق بعضها بعضاً، والتي تبدو كما لو أنها بقايا طاولات ذات دواليب تجرّها، ثم نجده يضع بداخلها الشاشات التي تحمل الكثير من المشاهد المتحركة.
أما الفنان العراقي حليم كريم فيستخدم في أعماله تأثير الصور غير الواضحة، يصور المرأة التي تبدو كما لو أنها تضع غطاء على وجهها، ويستخدم اللونين الأبيض والأسود مع الخلفية الرمادية التي تدعم حالة الضبابية الغامضة التي يضعها في أعماله التصويرية. هذه الحالة الفنية تجعل العمل يتوجه الى تحريك المشاعر الداخلية، أكثر من فرض مشاهد تخاطب حاسة البصر، فينصرف عن النظر ليحاكي القلوب.
يمكن وصف الأعمال بكونها تنتمي للحقبة الفنية الجديدة، فنجد كيف يتم ترسيخ الرموز في العمل الفني، سواء التركيب الذي قدمته أفشان دانشوار، والذي يقوم على تكرار يدعو للتأمل، أو من خلال اللوحة التي قدمها الفنان سعد قرشي، والتي حملت بصمته في عالم التجريد اللوني، فوضع اللون الترابي في خلفية اللوحة، مستنداً الى الأسود لتجريده عبر تضاريس متباينة تحول الكانفاس الى مساحة تبدو كأنها قطعة من الأرض مصورة من ارتفاع.
وحول العمل التركيبي الذي قدمته الفنانة أفشان دانشوار، وعنوانه «نفس»، قالت الفنانة لـ«الإمارات اليوم»: «اخترت النفس لتصويره في عمل فني، انطلاقاً من تفكيري بالأجيال الجديدة، والأشياء الصغيرة والبسيطة التي لم يعودوا ينظروا اليها على الاطلاق، وأردت أن أبرز لهم ما يظهر جمالاً من جماليات هذه الحياة». وأضافت: «اعتمدت على كتابة الكلمة على ورق أبيض، وقد وضعت الورقة على أرضية ناعمة، ثم كتبت الكلمة بالمقلوب، لتمنح المشاهد هذا الأثر النافر». بدأت دانشوار هذه السلسلة من الأعمال في عام 2015، وهي تعمل على تطوير المفهوم الخاص بالنفس من خلال وسائط متعددة، وكان من بينها العمل الذي عرض في مركز تشكيل من قطع صغيرة من الأوراق البيضاء التي تتحرك مع الاقتراب من العمل والنظر اليه. ووصفت عملها مع تشكيل بالتجربة المتميزة، معتبرة المركز البيت الثاني لها، فهو يشكل بيئة خصبة للعمل، وهذا ينعكس على الأعمال التي يقدمها الفنانون في هذا المركز.
وعن اختيار الورق كمادة أساسية للعمل الفني، لفتت دانشوار الى أن هذه المادة تجذبها، كونها وجدت علاقة جديدة معها ومع الطبيعة، فمقارنة مع مواد أخرى تستخدم في الفن، تبدو المادة طبيعية وعضوية، كما أن اللون الأبيض الخاص بالورق يمنح الأعمال المزيد من الصفاء، وهذا يتناسب مع مفهوم الأعمال. أما المعرض الجماعي، وهو الأول لها في فرجام، فوجدته فرصة مميزة، خصوصاً أنه أوجد نوعاً من الحوار بين الأعمال التركيبية في المعرض.