إبداعات أصحاب الهمم في معرض «التصميم للأمل»

«قلادة».. أحجار كريمة مـن قصاصات الأوراق النقدية

صورة

وسط معرض «التصميم للأمل»، الذي يقام في نادي دبي للسيدات ويستمر حتى السابع من مايو، طاولة مستديرة تجلس عليها فتيات من صاحبات الهمم، يعملن باحترافية وإتقان على انتاج أحجار ملونة من قصاصات الأوراق النقدية. الإعاقة الذهنية لم تحل بينهن وبين عالم الإبداع، فبأناملهن التي تعتاد على العمل الروتيني وتتقنه بمهارة يبدعن في إعادة تدوير وتشكيل الأوراق النقدية، وتقديمها على شكل أحجار ملونة تتوسط قطعاً ذهبية في مشروع «قلادة». وبالكثير من الفرح والفخر بما يقمن به شاركت مجموعة الفتيات اللواتي يعملن في المشروع التابع لوزارة تنمية المجتمع في هذا المعرض الذي ينظمه نادي دبي للسيدات بالشراكة مع «برايدز دو غود»، والذي سيعود ريعه الخيري لمشروعين تعليميين في أوغندا وإثيوبيا.

مشروع «قلادة»

بدأت الفكرة الأولى لمشروع «قلادة» من خلال تكريس وتحقيق مفهوم الاستدامة بشكل مبتكر في دعم البيئة، بالتعاون مع المصرف المركزي الإماراتي. وخلال إطلاق المعرض، قالت وزيرة تنمية المجتمع، حصة بنت عيسى بوحميد: «أثبت مشروع قلادة، التابع لوزارة تنمية المجتمع، أن الابتكار في دولة الإمارات ليس حكراً على أحد، بل هو متاح للجميع». وأثنت بوحميد على المشروع الذي وصفته بالأول من نوعه، و«يحقق أهدافاً تنموية عديدة، أبرزها تمكين أصحاب الهمم عبر دمجهم في سوق العمل».


- 14 طالبة يقمن بتحويل قصاصات العملات المحلية الى أحجار كريمة.

- ريع المشروع سيموّل مشروعين تعليميين في أوغندا وإثيوبيا.

مدربة ورشة «قلادة»، نورة الشامسي، قالت لـ«الإمارات اليوم»: «يهدف المشروع الى إعادة تدوير العملات النقدية الورقية الخاصة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو تابع لمبادرات وزارة تنمية المجتمع، وبالتعاون مع المصرف المركزي الذي يقدم لنا القصاصات الورقية للعملات المحلية التي يتخلص منها المصرف المركزي، لكونها تسبب التضخم في اقتصاد الدولة، وتقوم 14 طالبة بتحويلها الى أحجار، حيث يتم وضعها في قوالب خاصة وتحويلها الى شكل الحجر الدائري».

تمر عملية صناعة الأحجار من العملات الورقية بمراحل عدة، وهي المراحل التي أوضحتها الشامسي بالقول: «في البداية يقوم المصرف بتقطيع العملات الورقية، ثم بعدها تقوم الفتيات بفرز العملات حسب الألوان، وكذلك يخترن الأوراق التي تحمل الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية، ثم توضع القصاصات الورقية في قوالب وتضاف اليها المواد اللاصقة، ومنها الريزن، عبر طبقات، وبعد الانتهاء من صياغة الشكل النهائي للحجر يتم وضعه في قالب من الذهب». ونوهت الشامسي الى أنهم يتعاونون مع مصممتين للذهب، هما شيخة السركال وعزة القبيسي، بينما يمكن شراء القلادات عبر الموقع الالكتروني لوزارة تنمية المجتمع. وأكدت الشامسي أن العمل على المشروع وتدريب الفتيات انطلق منذ ثلاث سنوات قبل اطلاقه بشكل رسمي في أسبوع الابتكار، وقد تدربت الفتيات خلال هذه المدة، الى أن وصلن الى المرحلة النهائية من الإنتاج. أما أعمار الفتيات فتزيد على 16 عاماً، في حين أن الإعاقات لديهن عبارة عن إعاقات ذهنية وسمعية ومتلازمة داون، أما عدد الإنتاج اليومي، فلفتت الشامسي الى أنه «يصل الى قطعتين عند كل فتاة، فهن يعملن لساعات طوال النهار، والعمل دقيق ويحتاج الى الكثير من الصبر».

وشددت مدربة ورشة «قلادة» على أن الأحجار التي تنتجها الفتيات تقسم الى أربعة أنواع، وهي جوهرة أخضر، وهو مصنوع من أوراق فئة 10 دراهم، وجوهرة أحمر، المصنوع من القصاصات الورقية للعملات من فئة 100 درهم، أما جوهرة أزرق فهو الحجر المصنوع من الأوراق من فئتي 500 و1000 درهم، في حين أن جوهرة «آر جي بي» هو الحجر المصنوع من القصاصات الورقية المتنوعة. وأكدت الشامسي أن التدريب يكون بحسب القدرات التي تتمتع بها الفتاة، فهناك فتيات بحسب حالتهن لا يمكن أن يقمن بأكثر من فرز النقود، بينما هناك فتيات أخريات يقمن بنصف الصناعة، في حين أن بينهن من ينتجن الحجر بالكامل، ولا يمكن تحديد القدرات بحسب نوع الإعاقة، لأن الموضوع يرتبط بالقدرات الفردية. وأشارت الشامسي، في ختام حديثها، إلى ان الرسالة الوحيدة التي يمكن ان توصلها للناس من خلال تجربتها مع أصحاب الهمم، أن كل شيء ممكن، وليس هناك مستحيل مع أصحاب الهمم.

من جهتها، قالت رئيس قسم التأهيل المهني والتشغيل في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم في وزارة تنمية المجتمع، المسؤولة عن الأعمار الكبيرة من أصحاب الهمم في المراكز آمنة الخميري: «إن المراكز الحكومية الموجودة في الدولة كلها تابعة لإدارة المركز، ويتم تقديم الدعم الكامل لهم، وهذا الدعم يبدأ من العلاجات، سواء الوظيفية او علاجات النطق، ويصل الى التدريس، وأنا أتعامل مع الذين تبدأ أعمارهم من 13 عاماً، وأقوم بتحويلهم الى قسم التأهيل للعمل في ورش عمل». ونوهت الخميري لوجود مشروعات أخرى في كل مركز، ومنها مشروع أجهزة الأكريليك، والمداخن، والطباعة على الكنزات والأكواب، وكذلك يتم تعليمهم في احد المراكز كيفية تصنيع الشوكولاتة، والتمور والكوكيز والمعمول. وشددت على أن جميع هذه النشاطات تعتمد على العمل الروتيني، فالعمل الروتيني هو الذي يناسب الإعاقة الذهنية. ورأت أنه لا يمكن تبديل العمل الذين تعلموه أو تحويلهم من ورشة الى أخرى، فالثبات على عمل معين ونمط معين يجعلهم متقنين لعملهم، في حين أن تبديل العمل سيجعلهم ينسون ما تدربوا عليه في البداية، مشددة على أنهم حريصون على عدم ترك الطفل ينسى ما تعلمه. منى الحمادي (18 عاماً)، إحدى المشاركات التي كانت تبتسم لدى العمل وتجيب بكل فرح «أتقنت العملية المكررة للعمل بوضع الورق والصمغ في القوالب، وأصبحت قادرة على إنتاج قطعتين في اليوم الواحد، وهذا ما يجعلني سعيدة جداً كل يوم».

تويتر