طارش الهاشمي: تعلمنا الصيام بالحب
من الصعب نسيان المرة الأولى للصيام، إذ تظل ذكراها عالقة في الذهن، خصوصاً أن الكثير من المواقف الطريفة يرتبط بها: شرب الماء خفية، سرقة الطعام خلسة، الاختباء وتناول الطعام، تمثيل التعب من الصوم، عبر هذه الإطلالة نتعرف إلى ذكريات أولى تجارب الصيام، بكل ما فيها من صعوبات وطرافة.
«علاقتنا مع الصيام دينية ومجتمعية، تتكاتف لخلق بذور كل ما هو جميل في ديننا الحنيف». |
يضحك الملحن وعازف العود الإماراتي، طارش الهاشمي، وهو يعود مع ذكريات أول يوم صيام، قائلاً «كنت أتشاجر مع إخوتي لأكون حامل أطباق اللقيمات أو الخبز، لتوزيعها على الجيران، وكان هناك غاية، فهذه الأطباق من السهل أن تتناول منها لقمة لتسد جوعك إذا كنت تمثل الصيام على عائلتك»، وقال «أذكر تماماً، كأنه بالأمس، عندما ترسلني عائلتي بأطباق منوعة إلى الجيران، كنت لا أقبل إلا أن أحمل أطباق اللقيمات أو الخبز، وكيف كنت أنزوي في زاوية بالشارع في الفريج وأنظر من حولي لأتأكد من خلو الشارع من الناس، وأسرق من اللقيمات وآكلها دفعة واحدة، فقد كان البوح بالإفطار يشكل حرجاً لي، والتحايل عليه كان أسهل»، مؤكداً «على الرغم من أن عائلتي كانت تبدأ تدريبنا على الصيام ونحن في التاسعة من عمرنا، وهي تدرك صعوبة الأمر، لكنها كانت تعي أننا نتحايل عليها، وكانت تغض النظر كي لا تنفرنا من الصوم».
ومن المواقف الطريفة التي لا ينساها الهاشمي «كان عمري تسع سنوات تقريباً، وهو العمر الذي بدأت فيه التدرب على الصيام، وفي يوم كنت جائعاً جداً، ولم أجرؤ على البوح لأهلي، فانتظرت وقت الظهيرة وهو وقت قيلولة الكبار، و تسللت إلى المطبخ، لاعتقادي أن جميع أفراد عائلتي في نوم عميق، ومن شدة جوعي لم أنتبه إلى وجود شقيقتي في المطبخ، فكل تركيزي على فتح باب الثلاجة، وتناولت صحن مهلبية، وبدأت بأول ملعقة والثانية، وعندما هممت بتناول الملعقة الثالثة سمعت صوت شقيقتي وهي تناديني ضاحكة»، وأضاف «شعرت حينها بالحرج الشديد، وانتبهت لذلك شقيقتي التي أجلستني إلى جانبها لتفهمني معنى الصوم، وأنني في عمر تدريب ولا عقاب لي، لكنها حثتني على تحمل الصوم كل يوم بوقت إضافي».
وقال «علاقتنا مع الصيام علاقة دينية ومجتمعية، تتكاتف لخلق بذور كل ما هو جميل في ديننا الحنيف، ولا يوجد أجمل من كمية التسامح في هذا الدين، وكيف كانت ومازالت عائلتنا تتفهم وتدرك آلية ترغيبنا في العبادة وليس تنفيرنا».