تيم حسن.. كيف نالت شخصية «جبل» إعجاب المشاهدين
الدراما جزء أساسي من اليوميات الرمضانية التي يعيشها الوطن العربي، تخلق معها علاقة قبول ورفض ونقد، وكذلك الممثلون النجوم الذين يظهرون بأدوارهم المتنوّعة، يصبحون أيضاً جزءاً من حكايات الناس، بالتعبير عنهم وعن قوتهم أو ضعفهم، في ما يقدمونه من شخصيات. تتغير الشخصيات ويظل اسم الممثل ثابتاً، قادراً على أن يُنجح العمل أو يُفشله.
في شخصية جبل ابن شيخ الجبل التي يؤديها الممثل السوري تيم حسن في الجزء الثاني من مسلسل «الهيبة»، للمخرج سامر البرقاوي، لابد من المرور على سؤال «ما هو النموذج المراد تقديمه في شخصية جبل للمشاهدين؟»، خصوصاً أن جبل لا يعرف لغةً سوى لغة السلاح، وهو الأمر الذي كان واضحاً من الجزء الأول، لكن الصدمة لها علاقة بإعجاب المشاهدين بهذا النموذج الذي يعيش ضمن قانونه ويخالف قوانين الدولة، بل ويتحداها ببطشه وبعزوته.
يقدم نموذجاً للرجل الذي يستقوي على الدولة والقانون بسلاحه وعزوته. |
وفي ظل ما تعانيه دول من انتشار السلاح، والقتل الذي بات بالمجان، وفي الوقت الذي تسعى دول لنشر قيم التسامح والسلام والإنسانية، تأتي شخصية جبل لتتحدى كل هذه المحاولات، ضمن شخصية يراد لها أن تكون محبوبة، وهذا ما تلاحظه في طريقة عرض شخصية جبل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهنا نتحدث عن معضلة أخلاقية فعلاً يتحملها الفن، ويتحملها الكاتب ويتحملها المخرج، ويتحملها ممثلون كبار في تاريخهم الفني قبلوا على ما يبدو أن يكونوا جزءاً من هذه الإشكالية الفنية ولا معنى آخر لها، لأنهم يريدون التواجد بأي ثمن.
قيمة فنية حقيقية مثل تيم حسن، لن ينقصه شيء لو رفض هذا العمل، خصوصاً أن لديه قاعدة جماهيرية، وهو يدرك بأن الممثل يشكل جزءاً من بناء أحلام الفتيات بنموذج يقدمه، لكن شخصية جبل ابن شيخ الجبل ليست نموذجاً يحتذى به، واللعب على وسامة الممثل تجعل الموضوع أكثر استفزازاً.
لاشك أن تيم حسن ممثل متمكن، ولديه من الأدوات ما يؤهله ليقدم كل الشخصيات الموكلة إليه، وبالرغم من أدائه لشخصية جبل بشكل حِرَفيّ، وإن لم يكن بالقدر نفسه في الجزء الأول، لكنه قدمها بطريقة تجعل منه محبوباً على حساب كل الدم الذي يراق بسببه.
السلاح موجود طوال الوقت في المسلسل، نموذج الأم أيضاً التي تمثلها القديرة منى واصف ليس نموذجاً لأم تريد الصلاح لابنها، بل تريد له أن يتجبر أكثر ويقتل أكثر، ويريق الدماء أكثر.
كان من المتوقع أن تكون أحداث المسلسل اسقاطاً سياسياً على الوضع السوري، وهذا ما تم لمسه في الجزء الأول، لكن في الجزء الثاني من الصعب لمس الحبكة ضمن سيناريو ضعيف، وأداء متذبذب وغير متماسك، حتى جبل وبالرغم من قوته وأدائه المتمكن مقارنة بغالبية من يقف أمامهم، الا أنه في هذا الجزء أضعف بكثير من أدائه في الجزء الأول.
وتحديداً مع كمية التيه في تفاصيل الحكاية، بحيث يعود الزمن الى عامين أي قبيل الأحداث التي تمت مشاهدتها في الجزء الأول الذي عرض في رمضان الفائت، عندما تعود للوراء مع شخصية جبل وتربطها مع أحداث الجزء الأول، تشعر بالكارثة أكثر، بأن نموذج هذا الرجل لم تتم محاسبته، بل عاش بطمأنينة وسلام.
جبل الذي يتخلى عن حبيبته ليس من أجل الوطن بل من أجل الهيبة، سلاحه لا يغادره في صحوه ونومه، يجبر ابنة قاتل أبيه بالزواج منه، ويضعها كطاولة في المنزل، يدخل السجون السورية لمدة عامين، بتهمة تهريب أسلحة، ليعود الى لبنان ويهرب من أمنها ليحتمي بأمن الهيبة، كل هذا لا يجب أن يمثل نموذجاً تعجب به الفتيات وتضع صورته على حائطها، وتثني على شخصيته، فالخطورة أن ممثلاً بوسامته لا يدرك معنى الشكل الذي قدمه والتأثير الذي من الممكن أن يتركه. لا يمكن أن يكون هناك أسوأ من سيناريو مسلسل الهيبة الى اللحظة مقارنة بأعمال أخرى منافسة، وهنا نقارن بالمسلسلات التي يتم عرضها في كبرى المحطات التلفزيونية.
ما الذي يجبر قامات فنية مثل تيم حسن ومنى واصف على التواجد في مثل هذا العمل غير المجدي فنياً، ولا يحمل حتى رسالة جيدة يقدمها للجمهور؟ مسلسل الهيبة وشخصية جبل شيخ الجبل وكل ما يدور معهم من أحداث وتفاصيل وشخصيات أخرى، يقدم حكاية غير مفهومة وغير محبوكة، ومع كل هذا مازال المسلسل يتصدر نسب المشاهَدة، وهنا تكمن الخطورة.
فكما تعمل مسلسلات على محاربة الإرهاب يجب أن يكون ثمة وعي بمحاربة تصدير شكل غالبية الشخصيات التي تظهر في مسلسل الهيبة.