عابد فهد.. يتحرر من «بدلة» أدواره السابقة
الدراما جزء أساسي من اليوميات الرمضانية التي يعيشها الوطن العربي، تخلق معها علاقة قبول ورفض ونقد، وكذلك الممثلون النجوم الذين يظهرون بأدوارهم المتنوّعة، يصبحون أيضاً جزءاً من حكايات الناس، بالتعبير عنهم وعن قوتهم أو ضعفهم، في ما يقدمونه من شخصيات.. تتغير الشخصيات ويظل اسم الممثل ثابتاً، قادراً على أن يُنجح العمل أو يُفشله.
يظهر الممثل السوري عابد فهد بشكل مختلف عما قدمه سابقاً من أدوار، عبر شخصية جابر في مسلسل «طريق»، للمخرجة رشا شربتجي، المبنية أحداثه على رواية الكاتب الراحل نجيب محفوظ، وتشاركه البطولة الممثلة اللبنانية نادين نجيم، التي مثل معها من قبل مسلسل «لو» عام 2014.
تعليقاته الساخرة، أزياؤه المضحكة، كرمه، أمور تجعل منه شخصية محببة، تتعاطف معه، وتستغرب منه. |
أهمية دور فهد في شخصية جابر تكمن في حضور طاغ لشخصية بسيطة وطيبة، فجابر لا يقرأ ولا يكتب، يستعيض عن التوقيع ببصمة، يتصرف على سجيته، ويؤمن بحدسه، هو الرجل البسيط بمظهره، على الرغم من حالة الثراء التي يعيشها.
وعلى الرغم من أن حلقات المسلسل اقتربت من النصف الأول لعروض مسلسلات شهر رمضان، إلا أن الأحداث مازالت بطيئة، ولم تتكشف خيوط كثيرة، والبناء الدرامي للشخصيتين الرئيستين المتمثلتين ببطلي العمل عابد فهد ونادين نجيم، مازالت متخبطة، وغير واضحة أو متماسكة، على عكس بناء شخصيات مساندة، مثل شخصية عبير، التي تؤدي دورها الممثلة زينة مكي.
فرتم العمل بطيء، مقارنة بأكثر من حبكة ظهرت منذ بدء المسلسل، مثل قصة الوصية التي تركتها والدة جابر لأبنائها الثلاثة، التي لم تعرف فحواها، وخوف شقيقة وشقيق جابر من أن يعرف جابر بأمرها، في المقابل تظهر مسألة العقار الذي تسكن فيه عائلة أميرة التي تؤدي دورها نادين نجيم، مع الكثير من المشاهد غير المنطقية المتعلقة معه، إضافة إلى المرور على معضلة التحرش الجنسي، وهجرة الشباب اللبناني، والمرور على قضية الخطف مقابل الفدية على الحدود اللبنانية السورية، ومع كل هذا لم تصل الأحداث إلى الحبكة الرئيسة، التي من المفترض أن تكون لمصلحة علاقة تتطور بين أميرة المحامية المتعلمة الفقيرة، وبين جابر الغني الأمّي.
ومع كل هذا التخبط، يستحق الممثل عابد فهد أن يتم الحديث عنه، وعن أدائه المتميز في شخصية جابر، بعد أن تم حصر أدواره سابقاً في شخصيات تاريخية أو شخصيات تعاني مرضاً نفسياً ونرجسياً، أو ضابط مخابرات سوري، التي رافقته طويلاً تحديداً في أجزاء مسلسل الولادة من الخاصرة في شخصية رؤوف، واستمر تأثير أدائه لهذه الشخصية على كثير من الأدوار التي قدمها في أعمال أخرى، لكنه هذا العام يتحرر من تلك «البدلة»، ويقدم شخصية مختلفة كلياً، ويتفوق على نفسه، ويعوّض الرتم البطيء وغير المتماسك للمسلسل بنكهة لطيفة، خفيفة الظل، تمنح الصبر للمشاهدين التواقين للقاء أمير وجابر متعة الانتظار.
فطريقة حديثه، وتعليقاته الساخرة، وكشفه لاستغلال المحيطين به، وتمرير هذا الاستغلال حسب مزاجه، أزياؤه المضحكة التي تدل على عدم تطور في الذائقة، على الرغم من كل الثراء الذي يحيط به، طريقة حديثه، وكرمه، كل هذا يجعل منه شخصية محببة، تتعاطف معه، وتستغرب منه، وتشعر به، خصوصاً وهو الذي فقد ابنه وزوجته في حادث سيارة.
عابد فهد هو الأقوى في الحضور في مسلسل «طريق»، ما جعل كل شخصية في المسلسل تكون على قدر هذا الحضور، وتعطي ما تستطيع من تمكن من التمثيل، أدارتهم رشا شربتجي بشكل متواضع مقارنة بأعمالها الفائتة التي تميزت بها، فانتصر تمكن الممثلين وخبرتهم عليها، مثل وفاء موصللي، نهلة داوود، جنيد زين الدين، وغيرهم.