اكتشاف أقدم قرية في الإمارات تعود إلى ما قبل 8000 عام
كشفت تنقيبات أثرية قام بها علماء الآثار من دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، في جزيرة مروح، عن أقدم قرية معروفة في دولة الإمارات. وأظهرت اختبارات جديدة بالكربون المشع أن مباني القرية تعود إلى العصر الحجري الحديث، قبل ما يقرب من 8000 عام. وتتميز هذه البيوت بحالتها الجيدة، ويعتقد الخبراء أنّ السكان الأوائل استخدموها لمئات عدة من السنين.
القرية نموذجاً أول للمجتمعات المستقرة والمدن الحديثة. محمد خليفة المبارك: «تعكس نتائج أعمال التنقيب ثراء ماضينا الذي يمتد إلى فترات تاريخية أبعد كثيراً مما كنا نتصور من قبل». «طريق سريع» يعتقد الخبراء أن سكان مروح القدماء أدركوا أيضاً أن الخليج هو «طريق سريع» للتجارة والتواصل مع المجتمعات المجاورة، وهو ما شجعهم على ابتكار تقنيات وأساليب متطورة لبناء السفن، لتلبية احتياجات تجارتهم وأعمالهم. وأظهرت القطع الأثرية، التي تم العثور عليها في جزيرة مروح، أهمية هذه التجارة، بما في ذلك جرة خزفية معروضة حالياً في «متحف اللوفر أبوظبي»، وهي أقدم دليل معروف في دولة الإمارات على تجارة الخزف المستورد. ويعتزم فريق خبراء الآثار في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، استئناف أعمال البحث والتنقيب مجدداً في جزيرة مروح، لإلقاء المزيد من الضوء على تاريخ أقدم قرية معروفة في دولة الإمارات. |
وتضم القرية نحو 10 بيوت تتكون من غرف عدة، ومساحات خارجية لتربية الحيوانات، وأخرى لإعداد الطعام. وأظهرت الحفريات، حتى الآن، تشابهاً ملحوظاً في تصميم وأسلوب بنائها. ويحاول الخبراء حالياً إعادة إنشاء القرية رقمياً، لتكوين رؤية واضحة لصورتها قبل نحو 8000 عام.
وبينما توجد مواقع أثرية عدة في دولة الإمارات ترجع إلى هذه المرحلة التاريخية المبكرة، تعتبر قرية جزيرة مروح الأولى التي تنفرد بهياكل معمارية واضحة. وقد افترض الباحثون أن سكان الإمارات، في ذلك الوقت، كانوا فقط من البدو الرحل، الذين تنقلوا باستمرار بحثاً عن المرعى والماء لقطعان الأغنام والماعز، لكن الاكتشافات الأخيرة في مروح أحدثت تحولاً جذرياً في هذا المفهوم. وتشير الأدلة إلى أن السكان الأوائل بدأوا الاستقرار في مكان واحد، وبناء بيوت دائمة ضمن مجتمعات مستقرة في الجزيرة. وارتبطت المجتمعات المستقرة في مناطق أخرى من الشرق الأوسط القديم بتطور الزراعة، وهي عملية تسمى أحياناً ثورة العصر الحجري الحديث. أما في مروح، فيعتقد الباحثون أن أنشطة إنسانية أخرى أدت إلى بناء القرية.
إنجاز غير مسبوق
وأشار رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، محمد خليفة المبارك، إلى أن الاكتشافات الأخيرة في جزيرة مروح تشكل إنجازاً أثرياً غير مسبوق، من خلال رسم صورة أكثر دقة لتاريخ أبوظبي، وأسلوب حياة سكانها الأوائل، وقال: «إن أهمية هذه الاكتشافات لا تقتصر على تقديم أدلة جديدة على الجذور العريقة والأصيلة لتراثنا البحري، وأنشطة الصيد والتجارة ودورها في تاريخنا وثقافتنا فحسب، بل إنها تعتبر أيضاً أقدم مجتمع مستقر معروف في دولة الإمارات. وتعكس نتائج أعمال التنقيب والحفريات في جزيرة مروح والمواقع الأخرى في المناطق الساحلية والداخلية في إمارة أبوظبي، ثراء ماضينا الذي يمتد إلى فترات تاريخية أبعد كثيراً مما كنا نتصور من قبل».
موارد وفيرة
وقد أدرك السكان الأوائل في جزيرة مروح حجم الموارد الوفيرة في الخليج العربي، وهو ما دفعهم، على الأرجح، إلى الاستقرار بغرض الاستفادة من هذه الثروات البحرية، وذلك بدلاً من زراعة المحاصيل. وعلى ذلك يمكن اعتبار قرية مروح النموذج الأول للمجتمعات المستقرة والمدن الحديثة، مثل أبوظبي التي تطورت على طول ساحل الخليج العربي في الماضي القريب، ووفر الخليج العربي مصدراً غنياً للغذاء وفرص التجارة، وأنشطة اقتصادية مختلفة كانت فريدة من نوعها في هذه المنطقة.