تضمّنت الحفاظ على البيئة وإنشاء مستشفى لعلاجها
زايد أحب الصيد بالصقور فأطلق مبادرات عدة للحفاظ عليها
ارتبط المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالتراث الإماراتي الأصيل، وشجّع دائماً على الاعتزاز بالتراث والهوية الوطنية، وربط الأجيال الجديدة بهما. وارتبط الشيخ زايد بالصقور بشكل عام ورياضة الصيد بالصقور ارتباطاً وثيقاً، باعتبارها من أهم الرياضات التي توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد في منطقة الخليج والجزيرة العربية، حيث يعتبر العرب أول من عرفها، وبرع أهل الإمارات منذ زمن بعيد في معرفة أنواع الصقور، وأفضل أساليب تربيتها وتدريبها، وكيفية تطويع هذا الطير الجارح الذي يعتبر رمزاً للقوة ودليلاً على عزّة النفس.
ارتباط الشيخ زايد، رحمه الله، برياضة الصيد بالصقور انعكس في مظاهر عدة، من أبرزها تأليفه كتاب «تاريخ رياضة الصيد بالصقور»، الذي تحدث فيه عن علاقته بهذه الرياضة وما تتفرد به من خصوصية، وتضيفه لمن يمارسها من خصال حميدة، موضحاً: «إن هذه الرياضة تمثل وسيلة للتخلص من هموم العمل اليومية وجلي النفس، فضلاً عن أهميتها في اكتساب مهارات بدنية واجتماعية».
ورغم هذا الولع برياضة الصيد بالصقور، حرص الشيخ زايد على ألا تتعارض ممارسة هذه الرياضة، وغيرها من الرياضات، مع الحفاظ على البيئة وحمايتها، وأطلق العديد من المبادرات في هذا المجال، التي كان لها آثار بعيدة المدى في المستوى الوطني والإقليمي والدولي، من بينها تنظيم المؤتمر العالمي الأول للصقارة والحفاظ على البيئة، الذي عقد بأبوظبي في نهاية عام 1976، وشهد لأول مرة مشاركة صقارين من أميركا الشمالية وأوروبا والشرق الأقصى، إلى جانب الصقارين من الجزيرة العربية.
وكان المؤتمر بمثابة منصة انطلاق لاستراتيجية وضعها الشيخ زايد لإدخال الصقارين في صلب الجهود المتنامية للحفاظ على البيئة، كذلك شهدت تلك الفترة ظهور الصقور المتكاثرة بالأسر من أوروبا في الجزيرة العربية للمرة الأولى، ما أسهم في تفضيل معظم الصقارين الإماراتيين اليوم لطيور الأسر، وساعد بدوره في الحد من استهلاك المخزون البري. وفي أوائل ثمانينات القرن الـ20، أسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، مستشفى للصقور في منطقة الخزنة، ثم أعقبه، في عام 1999، بمستشفى للصقور في أبوظبي، وبحلول عام 1995 عمل، رحمه الله، على التحول من استخدام الصقور البرية إلى الصيد باستخدام الصقور التي تُربّى في الأسر، وفي العام نفسه أطلق الشيخ زايد برنامجه لإطلاق الصقور، حيث اعتاد إطلاق العديد من طيوره إلى البرية في نهاية موسم الصيد، ومنذ ذلك الحين تم الإفراج عن الآلاف من طيور الصقر الحر والشاهين البرية، مع الأسراب المهاجرة في الربيع في باكستان ووسط آسيا، وبحلول عام 2002، كان 90% من الصقارين الإماراتيين يعتمدون على صقور الأسر.
وفي عام 2001 تأسس «نادي صقّاري الإمارات»، بهدف نشر الوعي والارتقاء بمستوى رياضة الصقور في دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي، والمحافظة عليها كتراث مهم في المنطقة، بالإضافة إلى نشر أخلاقيات رياضة الصيد بالصقور، والتعريف بصفات الصقور وعاداتها، وأطوار حياتها وأنواعها، ومواطنها الأصلية وهجرتها، ونقل إرث الأجداد في هذا الصدد إلى الأجيال المقبلة، تحقيقاً لاستمرارية هذه الهواية على نحو سليم يحول دون تعرّض الصقور والحبارى إلى الانقراض.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news