بدأ من بيروت سلسلة معارضه «شكل المدينة»
نحات بريطاني يبحث عن ذاكرة المدن المدمَّرة
يتخذ الفنان البريطاني، نثانييل راكو، من بيروت محطة انطلاق لمعرضه الذي يمزج النحت بالرسم والمجسمات، ضمن رحلته الهادفة إلى التحقيق في الطبيعة المتغيرة للمدن وتعرضها للدمار وإعادة تجديدها وإعمارها.
وفي جاليري «ليتيسيا آرت» بمنطقة الحمرا في بيروت، ترتفع منحوتات الفنان راكو مكونة معرضاً فردياً يحمل عنوان «شكل المدينة»، الذي يضم 21 لوحة معلقة على الجدران و10 منحوتات.
وتأتي هذه المنحوتات على هيئة كتل أسمنتية، كل منها مضاء باستخدام مكعب من النيون الأبيض، ما يولد هالة هندسية مشعة.
ويطوف راكو في معرضه إلى خارج الصالة، حيث يتم رفع مجسمين ضخمين متاحين أمام العامة، ويعرضان أمام فندق لو جراي وساحة خان أنطون بيك في وسط بيروت.
ويقول راكو إنه يجد في طريقة هذا العرض مصدر إلهام كبيراً له، إضافة إلى أن هذه الطريقة نفسها تتيح للأعمال اتخاذ معانٍ جديدة ضمن المساحات المفتوحة.
ويستخدم الفنان البريطاني مواد اصطناعية، منها الأسقف المموجة والمعدن المطلي بمادة الزنك لحمايته من الصدأ، وأحجار الأسمنت، ثم يمزجها مستعيناً بضوء اصطناعي لكي يتمكن من تلطيف الأطراف والزوايا الصلبة.
ويسمح هذا النوع من الفنون لراكو باستكشاف السبل التي ينبغي على سكان المدن تكييف سلوكهم وفقها على نحو مستمر، وهو يقول إن «هذه المنحوتات والأعمال المنفذة على الورق تسعى لاستكشاف مفهوم الجمال العابر الذي يمكن أن تفاجئنا به البيئة الحضرية».
ويمزج راكو بين العديد من مواد البناء المحلية الصنع، منها أغطية بلاستيكية مصنوعة من الزجاج المعزز، والمعدن المقاوم للصدأ، إضافة إلى مصابيح الفلورسنت البيضاء، ما يولد بنية تتأرجح بين الحد الأدنى من التجهيز والبناء، وتدمج بين قطع وأجزاء مألوفة وفق قالب جمالي جديد.
ويدعو راكو زواره إلى إعادة النظر في علاقتهم بالمدينة، ويلفت إلى أنه «يسعى دوما لاستخدام مواد بناء محلية الصنع والإنتاج، وأضواء، على غرار تلك التي استخدمت في بناء مدن عريقة مثل باريس وبانكوك».
بدورها تقول مديرة جاليري «ليتيسيا آرت»، آني فارتيفاريان، إن «المعرض يتحدى الزوار عبر دعوتهم إلى رحلة تحثهم على إعادة تخيل المدينة حيث يقطنون، وحيث يشكّل معرض (شكل المدينة) إسهاماً لا يقدر بثمن، في سبيل تنامي حيوية المشهدين الثقافي والفني المعاصر في بيروت، وذلك من خلال توزيع الأعمال المنحوتة في أماكن عامة يمكن الوصول إليها في بيروت».
وقال الطالب في كلية الفنون الجميلة، زياد عمرو، وهو يمر بجانب إحدى المنحوتات في وسط بيروت: «هذه الأعمال الفنية، عدا عن أنها أدوات تجميلية لشوارعنا، تطلق لنا العنان لنتخيل مدينتنا بشكل أفضل، فعلاً نحن بحاجة إلى هكذا مجسمات لكي تقطع لنا حالة الصمت الموجودة في داخلنا، مللنا من الجدران والكتل الأسمنتية المحيطة بنا.. نحن بحاجة إلى فضاءات جميلة حولنا».
وقد حضر حفل افتتاح المعرض السفير البريطاني في لبنان، هوجو شورتر، والفنان نثانييل راكو، الذي أتى إلى بيروت خصيصا لهذه المناسبة. ولد نثانييل راكو في 1975 بلندن حيث يقيم ويعمل. ويستمر المعرض، الذي افتتح الأسبوع الماضي، حتى 25 أغسطس المقبل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news