أصيل أبوبكر: والدي ترك لي كنزاً
يحسب للفنان أصيل أبوبكر محافظته سنوات طويلة على خط فني ناجح، في مجال الأغنية المعاصرة، التي اختار تقديمها بأنماط مغايرة وجديدة، تناغمت مع خياراته الثابتة في هذا المجال، الذي لم يحد فيه عن توقعات متابعيه ومستويات احترام وتقدير الجمهور العربي للمقام الفني لوالده، الفنان السعودي الراحل أبوبكر سالم، الذي يعتبر أحد أهم أعمدة الفن في منطقة الخليج العربي، وصاحب أفضل صوت في العالم من حيث الطبقات، بحسب جائزة «اليونسكو» في عام 1978، فقد بقي أصيل وفياً لتاريخ والده ولإرثه الفني القيم الذي دفعه إلى إحيائه بطريقة التخت الشرقي والجلسات الخليجية الطربية.
وفي هذا الحوار لـ «الإمارات اليوم»، يعود أصيل أبوبكر إلى الجمهور بعد أكثر من ثلاث سنوات، حاملاً جديده، معيداً بريق إرث والده الراحل، وكاشفاً تفاصيل الأعمال الفنية التي يعكف على تحضيرها هدية للجمهور الوفي للطرب الجميل.
كنز فني نفيس
في البداية، يسهب الفنان اليمني في الحديث عن تفاصيل ألبومه المقبل، في أول تعاون فني سيجمعه بالشاعر تركي آل الشيخ، الذي سيجسده الفنان عبر ست أغانٍ جديدة سترى النور قريباً، بالتزامن مع عمله الدؤوب على إعادة تقديم أغاني الفنان أبوبكر سالم على شكل جلسات طربية خليجية، على أن يتم إطلاق أغنية كل ثلاثة أشهر على أبعد تقدير، من دون المساس بجوهر مضامينها الموسيقية التي ستقدم بصوت الراحل «ستكون رسالة وفاء لفنه عبر تقديم سلسلة من أغانيه النادرة، التي مازال جمهوره يرغب في سماعها، فضلاً عن الأغاني التي تم تقديمها بمصاحبة فرقة موسيقية، والتي سيتم تقديمها على العود على شكل الجلسات الطربية الخليجية الشهيرة».
وحول الموعد المتوقع لصدور الألبوم الجديد وأغاني الجلسات الطربية، لا يقدم المطرب اليمني موعداً محدداً، نتيجة انشغاله الحالي بالانتقال إلى منزل جديد في دبي، وعمله على إنشاء أستوديو موسيقي خاص لاستكمال مشروع إعادة تسجيل أغاني والده بالطريقة المقترحة، جهدٌ وصفه الفنان بالقول «يمكن وصفه بالاستديو التحضيري لإعادة تسجيل أغاني الوالد، رحمه الله، بمرافقة بعض الآلات الموسيقية الشرقية، وبأسلوب الجلسات الطربية، على أن يتم استكمال بقية العمليات الفنية في استديوهات أخرى أكثر خبرة وحرفية على صعيد التقنيات».
في المقابل، يؤكد الفنان أن ما تركه والده الراحل من أعمال فنية وموسيقية يعتبر كنزاً فنياً نفيساً، يحرص على صونه وإعادة إحيائه بطريقة تحافظ على خصوصياته، التي عمل أبوبكر سالم على تشكيلها وبلورتها على مدى عقود ماضية من الزمن، إذ يقول «عاصرت هذا الفنان، وأمتلك القليل من مبادئه، وأتوقع أنه كان سيعجب بطريقة تجديد بعض أغانيه بالروح نفسها والأسلوب الذي تميز به، فكل ما أقوم به هو إعادة توزيع موسيقي، وحذف لبعض الآلات الموسيقية التي كونت الشكل الأساسي لهذه الأغنية أو تلك، مع الإبقاء على العود والناي والقانون كآلات أساسية في التخت الشرقي وموسيقى الجلسات الخليجية».
غياب مبرر
يبرر أصيل أبوبكر غيابه الفني الذي لحق ألبومه الأخير «حلو صوتك» بجملة من المصادفات والأحداث التي ظلمته على الصعيد الفني، حيث يعتبر أن سوء الطالع قد حالفه، خصوصاً مع تسرع شركة الإنتاج في إطلاق هذا الألبوم، وتزامن صدوره مع الأحداث السياسية الخانقة التي مرت بها المنطقة العربية، «صادف صدور الألبوم قبل نحو أكثر من ثلاث سنوات، الأمر الذي دفع الجمهور إلى إغفال الاهتمام بأغاني هذا العمل، التي زادها انشغالي في تلك الفترة بمتابعة حالة والدي الصحية، وسفرنا إلى عدد من دول أوروبا للعلاج، الأمر الذي دفعني بعدها إلى مراجعة حساباتي، والتريث في طرح أي عمل جديد على الجمهور».
ألف حساب
حساسيته في التعامل مع الجمهور، دفعتنا إلى الخوض في حديث مسؤولية الفنان في حمل إرث فني بهذا الحجم (إرث والده)، والرهانات التي وضعها لتكريس مسيرة الاختلاف، وحجم المخاطر المنتظرة، فقال «من شابه أباه فما ظلم، لكنني على قناعة تامة بأن لكل منا بصمته الخاصة وتفرده، وإن كنت أشعر بأنني محظوظ على الصعيد الفني، لأنني نشأت على أعمال وفن أبوبكر سالم وصالونه الفني وثقافته الواسعة، الأمر الذي اختصر أمامي الكثير من المسافات، وفتح أمامي أبواباً كان من الصعب فتحها، إضافة إلى أنني وجدت النصح والإرشاد من فنان كبير في بداية مشواري الفني، وهذا أمر لا يمكن نسيانه أو التغاضي عن أهميته».
في الوقت الذي لفت فيه: «سأظل هاوياً في مجال الفن، أبحث دائماً عما يناسبني ويناسب جمهوري من كلمة ولحن وأداء، كما سأحرص دوماً على مراعاة إيقاع العصر، وتطورات الذائقة الجماهيرية»، وتابع «عندما أرى أغنية خفيفة تحقق خمسة ملايين متابعة، مقابل أغنية خالدة لا تتجاوز متابعاتها عتبة الـ100 ألف على وسائل التواصل، أعلم أن هذه الأرقام ليست مقياساً حقيقياً للنجاح، لكن يجب أن نعترف بأن المبادئ والقيم الفنية قد تغيرت بتغير العصر، لكن الجمهور مازال في المقابل قادراً على تذكر أغنية يتجاوز عمرها الـ30 عاماً»، ويضيف «لكل جيل لغته الخاصة في التواصل والتعبير عن واقعه، ولا أنكر أنني قدمت في بداية مشوراي العديد من الأغاني التي وصفها الجيل السابق بالخفيفة، كجيل التسعينات الذهبي، الذي ينظر دوماً إلى أغاني اليوم بالنظرة نفسها، ومقاييس التقييم نفسها».
تقصير
يبتسم الفنان حين يتحدث عن علاقته «الضعيفة» بوسائل التواصل: «أعترف بأنني لا أمتلك حالياً سوى هاتف قديم، وليس لديّ حسابات على (تويتر) و(فيس بوك)، لأنني على ثقة بأن علاقة الفنان بجمهوره تحددها ضوابط ومعايير لا تتعدى خصوصية الفنان نفسه، فلا فائدة من تصوير الطعام أو الأماكن التي أزورها أو أكون فيها، كما أنني منهمك في أعمالي الفنية».
حراك فني
كشف أصيل أبوبكر عن اعتذاره عن المشاركة في الحفلات الفنية التي أقيمت في السعودية، والتي كانت بُعيد رحيل والده: وأضاف «إعتذرت فعلا عن تلك الحفلات، ولكنني عائد هذا الصيف إلى بعض المشاركات الجماهيرية، ولدي مشروع حفل فني مسرحي كبير في العاصمة البريطانية في أغسطس المقبل، إضافة إلى حفل فني آخر في الشهر نفسه في لوس أنجلوس الأميركية».
دعم للمواهب
أكد الفنان استعداده لتقديم عمل فني ثنائي مع أي صوت شبابي على الساحة الفنية اليوم، بشرط أن يحافظ على الكلمة الراقية واللحن المعبر، قائلاً «أبحث عن المواهب الفنية الشابة، وأحاول أن أجد الظرف الفني المناسب للتعامل معهم في مجال الألحان، ولا أمانع أبداً في التعامل مع أي موهبة جديدة تستحق أن تتألق في المستقبل».
- «ما تركه والده الراحل من أعمال فنية وموسيقية يعتبر كنزاً فنياً نفيساً يحرص على صونه وإعادة إحيائه».