المزروعي واللمكي يختاران «الكشف» مصدراً للجمال والإبداع
«الإبادة».. حوار ثقافي في «نيويورك - أبوظبي»
«للإبادة أقنعتها الرمزية والمباشرة، ورغم تعدّد أقنعتها تظل الإبادة المقصودة، وليست الطبيعية الناشئة عن حركة الطبيعة وقوانينها، جريمة مكتملة الأطراف تم تنظيمها للمصلحة الخاصة، أياً كان نوع صياغة هذه المصلحة من فرد أو جماعة».. بهذا المضمون يأتي معرض «الإبادة» الذي ينظمه رواق الفن في جامعة نيويورك - أبوظبي في مساحة المشروع بالجامعة، للفنانين هاشل اللمكي ومحمد المزروعي كنتاج للحوار الثقافي القائم بين الفنانَين، حول مفاهيم الوجود وتطوّر البشرية.
لا يسعى المعرض لإضفاء جماليات على فكرة الإبادة أو البحث عن جماليات فيها وفي تداعياتها، فلا جماليات في الإبادة على الإطلاق، وهي لا تحوي إلا الدمار، فهنا يبرز «الكشف» كمصدر للجمال والإبداع في طرح هذا الموضوع، وكثيراً ما يستمد الفن قوته وجمالياته من قدرته على الكشف، كما حدث بعد اكتشاف التصوير الفوتوغرافي في القرن الـ19، حيث أصيب الناس بصدمة وهم يشاهدون صور الحروب وما تتضمنه من موت وقتل ودمار، من هذا المنطلق يسعى المعرض لسرد فكرة أكثر من تقديم فعل بصري، عبر ثلاث مستويات تعبيرية يقود كل منها إلى الآخر؛ ربما تأتي اختصاراً لمراحل ذهنية متشعبة مر بها الفنانان في أثناء البحث والتفكير، يتمثل المستوى الأول، على غير السائد والمتوقع، في عرض مكتوب لفكرة المعرض.
من الكلمة؛ ينتقل «الإبادة»، الذي يختتم السبت المقبل، إلى العمل الرئيس البصري فيه، أو كما يصفه الفنانان، بـ«مانيفستو» رمزي إشاري، وهو عبارة عن جدارية ضخمة تتصدر المكان، تنقسم إلى ثلاثة مقاطع بصرية تعرض أشكالاً مختلفة للإبادة وهيمنة القوة، حتى تشعر وأنت تقف أمامها برائحة الدماء تتسرب إلى أنفك، وتبدأ اللوحة بمقطع يصور غريزة الإبادة في عالم الحيوان، لتنتقل إلى مشهد يقف في واجهته مجموعة من البشر الجزارين، من الرجال والنساء على السواء، وخلفهم تم تعليق الذبائح، بينما يأتي المقطع الثالث والأخير مغايراً بعض الشيء بتركيزه على تلك الكاميرا التي تراقب كل ما يجري بدقة.
في حين يتمثل المستوى التعبيري الثالث بالمعرض في مجموعة من اللوحات الداعمة تضم ست لوحات، تهدف إلى استكشاف مصطلح وفعل الإبادة بأشكاله وتفسيراته المتنوعة، عبر تزويد المشاهد بطرق مختلفة للبحث والتأمل في محتوى الصور، والتي تشكل جزءاً مهماً من ذاكرة التاريخ البشري الحديث، مثل صورة اعتقال الفتى الفلسطيني فوزي الجندي من قبل 23 جندياً من قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو معصوب العينين، والتنكيل به. وكذلك نسخة من لوحة الرسام الإسباني فرانسيسكو غويا التي رسمها في 1814 لإحياء ذكرى المقاومة الإسبانية لجيوش نابليون خلال احتلال 1808 في الحرب الإسبانية، إلى جانب عمل يصور طائرة «إينولا غاي» التي ألقت أول قنبلة ذرية في اليابان على مدينة هيروشيما في أغسطس 1945، وصورتان توضحان الطريقة التي اتخذتها الحكومة البلجيكية لفرض التفرقة العرقية في رواندا بين قبائل «التوتسي» و«الهوتو»، وفقاً لمظهرهم الخارجي، وهو ما أدى إلى اندلاع القتل والتدمير بين القبيلتين الجارتين.
تنويع
إلى جانب الأعمال الرئيسة؛ يتضمن المعرض عدداً من الأعمال الفنية للفنانين هاشل اللمكي ومحمد المزروعي، بهدف تنويع الأساليب البصرية، بما يضيف مزيداً من الرمزية على الأعمال، واستخدام مختلف الأدوات المتاحة لإيصال مفهوم الإبادة بكل أشكاله، سواء كان سياسياً أو دينياً أو اقتصادياً أو غير ذلك، ومن بين الأعمال الفنية التي قاربت الـ30 عملاً، منحوتات لمحمد المزروعي، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها بمنحوتات في معرض فني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news