جيف بيزوس.. من عامل في «ماكدونالدز» إلى أغنى رجل بالعالم
قصة نجاح مُلهمة صنعها مؤسس شركة أمازون العملاقة، جيف بيزوس، أغنى الأشخاص على كوكب الأرض، بثروة تُقدر بنحو 112 مليار دولار أميركي، وفقاً لتصنيف مجلة «فوربس» الأميركية، خلال شهر مارس الماضي.
1995 العام الذي افتتح فيه جيف «أمازون» ليغير وجّه التجارة في العالم. 20 ألف دولار حجم مبيعات الموقع في أسبوع واحد بمجرد انطلاقه. - في 1980 قال جيف لزوجته: «سأبدأ نشاطي ببيع الكتب على الإنترنت». - بدأ جيف مشروعه من «كراج» في منزله المكون من غرفتَي نوم. |
وتحظى مسيرة جيف بيزوس باحترام كبير داخل الأوساط التقنية والشعبية، وتجسد سيرة ملهمة لطموح وتحدي شاب عصامي أسس نفسه من الصفر؛ حتى إنه عمل في العطلات كطاه في «ماكدونالدز» خلال العطلات، ليصل اليوم إلى أغنى رجل في العالم.
بدأت قصة جيف في صيف 1980، عندما وقعت عينا الشاب ذو الـ26 سنة، الذي يشتغل بكبرى الشركات المالية في وول ستريت، على إحصائية نقلتها مقالة صحافية محلية، تقول إن شبكة الإنترنت تنمو بمعدل مطرد خيالي: 2300% كل سنة، وبحسه التجاري عرف جيف على الفور الاحتمالات المحتملة لبيع المنتجات عبر الإنترنت. وقرر انتهاز فرصة دخول هذه السوق الواعدة.
استقالة.. وفكرة مجنونة
استقال جيف من وظيفته المرموقة، حيث كان يشغل منصب نائب رئيس شركة «بان كرز»، وهو أصغر شاب يحصل على هذا المنصب في تاريخ الشركة. وقال جيف لزوجته «سأفعل هذا الشيء الطائش، سأبدأ نشاط هذه الشركة ببيع الكتب على الإنترنت». تخلى جيف عن كل شيء، وقرر ملاحقة فكرته المجنونة؛ بيع الكتب القديمة عبر الإنترنت، التي تحولت لأكبر موقع بيع عبر الإنترنت «أمازون.كوم».
لم يكن جيف يملك الأموال الكافية لإطلاق مشروعه، وكان من الصعب إقناع أصدقائه المستثمرين بتمويل فكرته المجنونة، وقف والداه بجانبه وقررا إقراضه مبلغ 100 ألف دولار هي كل مدخراتهما.
يقول جيف: «مرت عليّ أوقات كان يمكن أن تتلاشى فيها الشركة حتى قبل أن تبدأ أعمالها».
في نوفمبر 1994، بد أ جيف مشروعه من كراج صغير في منزله المكون من غرفتَي نوم فقط، مستخدماً جهاز كمبيوتر ومنضدة، ولا تسانده سوى زوجته ومجموعة صغيرة من أصدقائه.
عمل جيف معهم على تصميم موقعه الإلكتروني، وربطه بقواعد بيانات موزعي الكتب، ثم أطلق عليه اسم «كادبرا»، الذي اشتقه من لفظة «ابراكادبرا» التي يستخدمها خفيفو حركة اليد في عروض السيرك الترفيهية.
لاحظ جيف أن البعض يخطئ في كتابة حروفه، فلجأ إلى استخدام اسم آخر يصعب الخطأ فيه، فكان «أمازون»، تيمناً باسم أكبر أنهار العالم الذي يغذي بخيراته أميركا الجنوبية.
في يوليو 1995، افتتح جيف موقع «أمازون»، الذي غير وجّه التجارة في العالم، وحوّل كل عملية التسوق التقليدي إلى تجارة إلكترونية واسعة النطاق.
نجح الموقع في تحقيق مبيعات بقيمة 20 ألف دولار في أسبوع واحد، وكان أول كتاب قد تم بيعه من خلال الموقع هو: Fluid Concepts and Creative Analogies.
بعد فترة من نشاطها، بدأت «أمازون» توسيع نطاق عملها، ليشمل تجارة الأقراص المضغوطة الخاصة بالموسيقى، وألعاب الفيديو، وبرمجيات الحاسوب، وأيضاً أشرطة الفيديو، ومع الوقت بدأت إدخال منتجات أخرى مثل الملابس، والإكسسوارات، والأحذية، والآلات الموسيقية، إضافة إلى عملها الأساسي الذي اشتهرت وتميزت به، وهو الكتب.
بعد مرور سنة من تأسيس «أمازون. كوم»، بدأ المستثمرون الاصطفاف خارج مكتب جيف، وكانت شركة «كلاي ر بيركنز كوفيلد آند بايرز» ذات الأسهم العالية الثمن من بين أولئك الذين استثمروا ثمانية ملايين دولار في الشركة، وهو ما ساعدها على زيادة أرباحها بعدما كان جيف يلاقي صعوبات في إقناع المستثمرين بنجاح فكرته.
«اعرف ما يريده العميل»
لا يهتم جيف بالإعلانات الترويجيةـ وذلك لاقتناعه بأن استخدام الإعلانات التلفزيونية يبني سمعة الشركة بالاستناد إلى ما تقوله الشركة عن نفسها، وليس ما يقوله الزبائن أنفسهم. يقول بيزوس: «إذا كان ثمة أمر اكتشفناه، فهو أن زبائن الإنترنت يتمتعون بصفات أقوى، وإذا كان في وسعنا إسعاد الزبائن، سيكون في مقدورهم الترويج لنا وإخبار 5000 آخرين عن تجربتهم». اعتمد جيف على تقديم أفضل سعر، وأفضل خدمة، وأفضل خيارات ممكنة إلى العميل، ليس هذا وحسب، بل وفّر خدمات إضافية، فهو ينصحك بشراء أشياء أخرى، ويطلعك على ما اشتراه غيرك مع الكتاب الذي تبحث عنه، ويبيع الكتب المستعملة، ويقدم عروضاً سعرية مميزة إذا اشتريت أكثر من كتاب، ويتابع خياراتك في الكتب ليقترح عليك عناوين أعجبت غيرك من القراء، وهو بذلك يعمل بالشعار الذي تبناه: «اعرف ما يريده العميل، ووفره له قبل أن يعرف أنه في حاجة إليه».
الإفلاس.. وحافة النهاية
في عامَي 1998 و1999 أوشك جيف على الإفلاس مرات عدة، خصوصاً بعد أن تلاشت فقاعة الإنترنت عام 2002، وإصرار جيف على تطبيق قانون حماية المستهلك بحذافيره، فيدفع التعويض لمن لا تصله البضاعة، ويحق للمستهلك رد البضاعة أيضاً، والكثير من الخدمات. يقول جيف: «إن هذا الأمر كان سيؤول بنا إلى الخسائر في السنوات الماضية، فلقد كنا ومازلنا نقدم تعويضات مباشرة لعملائنا الذين لا تصل إليهم طلباتهم مثلاً لأي سبب كان، إضافة إلى طاقم خدمة العملاء المكون من كثير من الموظفين للرد على الأسئلة والاستفسارات بأسرع ما يمكن وبإفادة تامة ومفصلة». لم يضحِّ جيف بسمعة شركته وأدائها وسر خدمتها للعملاء وواصل العمل بالسياسة والاستراتيجية نفسيهما، حتى لو كلفتاه المزيد من الخسائر، ونجح كعادته في كسب التحديات وقلب الموازين، واستطاع في وقت قصير تجاوز محنته وأعاد الشركة لسكة النجاح.
الشركة اليوم
بلغ عدد موظفي الشركة عام 2013، أكثر من 109 آلاف و800 موظف في جميع الفروع حول العالم.
وتمكنت شركة جيف، خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2018، من تسجيل صافي دخل بقيمة 1.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول، مقابل 724 مليون دولار خلال الفترة نفسها من 2017.
كما قامت الشركة بشحن أكثر من خمسة مليارات سلعة على مستوى العالم خلال 2017، وتتوسع الشركة بوتيرة سريعة، حيث قامت باستحواذات عدة على شركات أخرى في مجالات مختلفة.
وسط «الكاتشاب»
عمل جيف، خلال العطلات الصيفية عام 1984، كعامل وطاهٍ في سلسلة مطاعم «ماكدونالدز». ويقول عن تجربته تلك: «في الأسبوع الأول من العمل كان أول ما واجهته هو خمسة غالونات من الكاتشاب، قد لطخت الجدران، وصلصات متناثرة بأماكن يصعب الوصول إليها في المطبخ، وبما أنني كنت جديداً هناك، فأول شيء فعلوه كان إعطائي معدات التنظيف وقالوا لي: انطلق!».
عمل جيف مبرمجاً في النرويج، وفي السنة التالية قام بتطوير برنامج لمصلحة شركة IBM في كاليفورنيا، كما انتخب جيف بيزوس رئيساً لطلاب جامعة برينستون لاكتشاف الفضاء.
وتخرج في الجامعة عام 1986 بمرتبة الشرف، وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر.
في بيت الجد
كان جيف يقضي الإجازات الصيفية مع جده في مزرعتهم بولاية تكساس الأميركية، وقال عن نفسه إنه ساعد في إصلاح طواحين الهواء، وإطعام الماشية، والقيام بالأعمال المنزلية الأخرى.
حصل بيزوس على الشهادة الثانوية، وأسهم تفوقه في قبوله في سن مبكرة بجامعة برينستون بولاية نيوجيرسي، وحصل على شهادة في علوم الحاسب والهندسة الكهربائية.
ابن مهاجر كوبي
ولد جيف بيزوس في 12 يناير عام 1964، بولاية نيوميكسيكو الأميركية، لم تستمر علاقة الزواج بين والدته ووالده لأكثر من عام بعد ولادته، فتزوجت والدته في عام 1968 من مهاجر كوبي يدعى، ميغيل بيزوس، وقام ميغيل بتبني جيف ليحمل اسم عائلته.