«أبطال خارقون».. يستعيد شغف وخيال الطفولة
منذ الخطوة الأولى لدخول معرض «ذا آرت أوف دي سي – ذا دون أوف سوبر هيروز» الذي يستضيفه «ياس مول»، بالتعاون مع شركة «دي سي» وشركة «ورنر براذرز كونسيومر برودكتس»، ويستمر حتى 15 فبراير 2019، يشعر الزائر المعرض بأنه انتقل إلى عالم الأبطال الخارقين الساحر بما يحمله من شخصيات ارتبط بها منذ طفولته الأولى، وكان مثار شغفه سواء عبر المجلات المصورة العالمية أو سلاسل الأفلام الشهيرة لكل شخصية من هؤلاء الأبطال، والتي مازالت تقدم الجديد وتحصد أعلى الإيرادات في عالم السينما.
ما يقرب من قرن من الإبداع، وأكثر من 200 صفحة أصلية من صفحات القصص المصورة التاريخية، تضمها جنبات المعرض الذي يقام لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن اختار أبوظبي لتكون وجهته الثالثة بعد باريس ولندن، مستعرضاً مسيرة الشركة العريقة مع قصص الرسوم المتحركة، وشخصيات الأبطال الخارقين مثل «سوبرمان»، و«باتمان»، و«وندرومان» و«ذا جوكر». كما يتضمن المعرض نحو 280 فكرة فنية، والعديد من الأزياء والأدوات التي استخدمت في السينما لتقديم هذه الشخصيات بداية من ابتكار جيري سيجل وجو شوستر لشخصية سوبرمان ونشر مغامراته لأول مرة في عام 1938 في مجلة تحمل عنوان «القصص الحركية المصورة»، وكان عنوان القصة «اكشن كوميكس»، وكان النجاح الذي حققه سوبرمان دافعاً للفنان الشاب بوب كاين ليقدم مع بيل فينجر شخصية باتمان الذي ظهرت مغامراته الأولى في القصص المصورة «ديتكتف كوميكس» في العام التالي. واعتمد نجاح باتمان على كونه يقدم شخصية على الطرف النقيض من سوبرمان، فبينما يتمتع سوبرمان بقوى خارقة استمدها من أصوله الفضائية، يستمد باتمان، وهو شخص عادي، قوته من ذكائه وتنميته لقدراته العقلية والجسدية، ليصبح بطلاً خارقاً يكافح الجريمة على طريقته الخاصة.
تأثير متنامٍ
لا تتوقف أهمية المعرض عند استعراض قصة ظهور الأبطال الخارقين وتطورهم، لكنه يكشف عن أبعاد عدة للدور الذي لعبه هؤلاء الابطال في المجتمع، وهو دور لم يقتصر على إيجاد نوع مختلف وجديد من القصص، فقد أثرت شخصية سوبرمان، ومن بعدها شخصيتا باتمان والمرأة الخارقة «وندرومان» التي ظهرت عام 1941، مبشرة بتحرر المرأة ومساواتها بالرجل في المجتمع، في الأدب والأزياء والسينما، إلى جانب تقديمها نماذج تحارب من أجل الحق والعدالة ونصرة الضعفاء وتزرع الأمل في النفوس، على الطريقة الأميركية، في وقت كان العالم يعاني الشعور بالقلق والهزيمة وضياع الأمل مع انهيار «وول ستريت» عام 1929، واستمر هذا الدور يتنامى في ظل أحداث هزت العالم مثل قيام الحرب العالمية الثانية، وصولاً إلى أحداث 11 سبتمبر. كما قدم هؤلاء الأبطال معادلاً معاصراً لأبطال الأساطير اليونانية القديمة، ثم أساطير فرسان المائدة المستديرة في العصور الوسطي، وحكايات الغرب الأميركي في ما بعد، ولكن الجديد هنا أن الأبطال الخارقين هم صنيعة الفنانين الذين ابتكروهم من الألف إلى الياء، من حيث الملامح وتركيبة الشخصية والأماكن التي يعيشون فيها والأزياء، دون الرجوع إلى الواقع في شيء.
ويفرد المعرض أقساماً للشخصيات الرئيسة من أبطال عالم «دي سي» الخارقين، بداية من سوبرمان، ثم باتمان و«وندرومان» وفرقة الانتحاريين «سوسايد سكواد»، بالإضافة إلى شخصيات أخرى مثل «فلاش» و«اكوامان» و«جرين لانترن»، ملقياً الضوء على تطور الشخصية والأدوات التي تستخدمها في مغامراتها، والعالم الذي تدور فيه مغامراتها، مستعيناً في ذلك بالعديد من صفحات الرسوم المصورة الأصلية التي توضح هذا التطور عبر تاريخها الممتد لما يزيد على 80 عاماً، إلى جانب عرض مجسمات وتماثيل ضخمة لهذه الشخصيات.
أشرار «دي سي»
ولم يتوقف المعرض عند الشخصيات التي تمثل جانب الخير والدفاع عن الضعفاء في مواجهة ما يهدد أمنهم وسلامتهم، فأفرد مساحة لأشرار عالم «دي سي»، خصوصاً الذين ظهروا في مغامرات فارس الظلام، من أبرزهم «الجوكر» الذي مر بالكثير من التغييرات منذ ظهوره عام 1940، ليصبح أحد أكثر الأشرار شهرة بين الناس، ويحوز إعجاب كثير منهم لما يتسم به من دهاء وحس فكاهي، خصوصاً في الجزء الثاني من ثلاثية المخرج كريستوفر نولان «فارس الظلام»، التي تعد العمل الأكثر واقعية في تناول شخصية «باتمان» وتركيبته النفسية المعقدة. كذلك يقدم المعرض شخصيات شريرة أخرى تجمع بين الإنسان والوحش.
معروضات فريدة
يتضمن معرض «ذا آرت أوف دي سي – ذا دون أوف سوبر هيروز» صفحات أصلية ونادرة لقصص الأبطال الشهيرة، التي رسمها فنانون عالميون، منهم جيم لي، وبوب كاين، ونيل آدمز، وفرانك ميلر، وأليكس روس، وغيرهم الكثير، بالإضافة إلى عرض أهم الأزياء الأصلية للشخصيات السينمائية التابعة لأفلام دي سي، منها الوشاح الشهير الذي ارتداه الممثل الهوليوودي كريستوفر ريف في سلسلة أفلام «سوبرمان»، إضافة إلى أزياء المسلسل التلفزيوني «وندر ومان» التي اشتهرت بارتدائها الممثلة ليندا كارتر في حقبة سبعينات القرن الماضي، وكذلك أزياء وإكسسوارات فريدة خاصة بأشهر الأفلام من إخراج زاك سنايدر، وتيم بورتون، وجويل سكامتشر، وكريستوفر نولان، إضافة إلى أعمال فنية حصرية من فيلم «جستس لييغ» ذي الشعبية الواسعة.
جوثام بين الواقع والخيال
بخلاف الاعتقاد الشائع لدى جمهور الأبطال الخارقين بأن مدينة جوثام التي تدور فيها العديد من المغامرات خصوصاً المتعلقة بباتمان، هي مدينة خيالية بالكامل وليس لها علاقة بالواقع، يوضح المعرض لزواره أن للمدينة جذوراً واقعية، فهناك مدينة في إنجلترا قرر سكانها في القرن الثالث عشر أن يتظاهروا بالجنون، وكان في ذلك الوقت يُعتقد أن المرض العقلي مُعدٍ من أجل تجنب الطريق الملكي عبوراً في قريتهم، وبالفعل قرر فرسان الملك تجنب عبور القرية، ولم يدفع السكان تكاليف الصيانة المخصصة للطريق، وفي القرن التاسع عشر ألهمت هذه القصة الكاتب الأميركي واشنطن إيرفينغ، فنشر مقالات عن نيويورك في مسرحية سلماغوندي الساخرة، أعادت ترسيم مدينة جوثام، في حين أن مغامرات باتمان في بدايتها كانت تدور في نيويورك.
280
فكرة فنية يتضمنها المعرض.
200
صفحة أصلية من القصص المصورة التاريخية.