عطلة سياحية فاشلة قادته إلى تكوين إمبراطورية قيمتها أكثر من 12 مليار دولار
ستيفن كوفر.. ملياردير النصائح السياحية
يقول المثل «النصيحة كانت بجمل»، وهو ما قد يكون بعيداً عن ثقافة ستيفن كوفر، لكنه على ما يبدو سار عليه بعد أن اكتشف حاجة الناس الملحّة إلى النصائح والمشورة، خصوصاً في مجال السياحة والسفر. من خلال هذه النصائح أصبح كوفر رجل الأعمال صاحب خوارزمية البيانات، الذي حول المعطيات والأرقام إلى نقود، وباع النصائح بالذهب. إنه صاحب امبراطورية السفر العالمية «تريب أدفايزر»، التي يرتادها اكثر من 456 مليون شخص عبر الإنترنت، ويتفحصون يومياً خرائط سفرها ووجهاتها، ولا يثقون إلا بنجومها التي توزعها على أفضل الفنادق والمطاعم والأماكن السياحية.
3 نصائح من ستيفن
1999 كانت شرارة الانطلاق في مشوار «تريب أدفايزر». 456 مليون شخص يستفيدون من نصائح شركة ستيفن. |
فكرة ستيفن البسيطة والسريعة تحولت إلى صناعة تربعت من خلالها شركته الناشئة على عرش سوق السفر والسياحة العالمية، بقيمة سوقية تتجاوز 12 مليار دولار.
عطلة عائلية
بدأت قصة ستيفن العبقرية عام 1999، عندما كان يخطط لقضاء عطلة برفقة زوجته، فقام بلقاء أحد وكلاء السفر، الذي نصحه بإحدى الجزر، وزوده بمطوية صغيرة تحتوي على بعض المعلومات، مع صور براقة للفندق الذي سيقيم فيه.
بفضول السائح، قرر ستيف البحث في الإنترنت عن الأماكن السياحية في الجزيرة، وعن اسم الفندق الذي نصحه به وكيل السفر، وبعد محاولات كثيرة باءت كلها بالفشل عثر ستيف على تعليق لشخص في أحد المنتديات الإلكترونية يقول إنه لم يستمتع برحلته إلى هذه الجزيرة بسبب سوء خدمات الفندق، الذي كان بالمصادفة، ما كان ينوي ستيفن أن يقضي به إجازته، فقرر ستيفن تغيير وجهة سفره والبحث عن بديل آخر عن طريق الإنترنت، الأمر الذي استغرق وقتاً طويلاً، تسبّب في تعطيل إجازته، وأثار غضب زوجته التي عايرته بعجزه وقلة الحيلة في إيجاد حل رغم خبرته التقنية.
خلاف عائلي
خلاف عائلي بسيط كان الشرارة وراء فكرة ستيفن العبقرية، فقرر تأسيس موقع خاص بالسفر، وبرفقة صديقه بدأ بمكتب صغير وفريق عمل لم يتعدَّ 10 أشخاص، وكان الموقع يعتمد على البحث عن أي معلومات تخص السفر في كل مكان، وتصنيفها وترتيبها يدوياً، حيث وفّر قاعدة بيانات أساسية وأعلن عن الانطلاق الرسمي لـ«تريب أدفايزر» في بدايات عام 2000. بعد عامين من إطلاق الموقع تعرض ستيفن وفريق عمله للسخرية من الفكرة وآليات عمل الموقع، والجهد المبذول الذي وصفه البعض بالمهدور، ونصحوهم بإيقاف المشروع.
لكن ستيفن كان مقتنعاً جداً بالفكرة، رغم الخسائر المالية التي تعرض لها وهددت بإفلاس الشركة الجديدة، فحاول إيجاد حلول للوضع القائم.
لجأ ستيفن إلى الإعلان والترويج للموقع، من خلال الاتفاق مع بعض الشركات الصغيرة المختصة في سوق السفر والسياحة على وضع الإعلانات بالموقع، لكن لم تلقَ المبادرة رواجاً ولم تتعدَّ عوائد الإعلانات بضع مئات من الدولارات.
ضائقة وإقبال
مقابل الضائقة المالية التي كان يشهدها مشروع ستيفن، كان الموقع يشهد إقبالاً واسعاً منقطع النظير من طرف الزوار، كما أن فريق العمل كان يقوم بتطوير البيانات وتسجيل تعليقات وملاحظات الزوار وتصنيفها وفهرستها، وفي أحد اجتماعات الشركة العاصفة اقترح فريق العمل أن تتم مخاطبة المواقع السياحية الكبرى للإعلان داخل الموقع، ووقع الاختيار على شركة «إكسبيديا»، أكبر موقع على الإنترنت، ليقدم خدمات الحجز على خطوط الطيران والفنادق وشركات تأجير السيارات.
طلب المسؤولون في شركة «إكسبيديا» من ستيفن أن يثبت جدوى الإعلان في موقعه، وبعد ذلك يتم الاتفاق في ما بينهم، كسب ستيفن التحدي ونجح في توقيع اتفاقية بقيمة 10 آلاف دولار، ثم 60 ألف دولار شهرياً بعد مدة قصيرة، وبهذا كان الموقع يغطي مصروفاته ويجني المزيد من الأرباح، وخصوصاً أنه تم تطبيق هذه الاستراتيجية مع مواقع عدة تقدم خدمات شبيهة تهم المسافرين.
الطفل والزوج التعيس
ولد ستيفن في هوليوود بكاليفورنيا من عائلة بسيطة، وكان والده محامياً، ويقول ستيفن «كنت ألعب مع والدي لعبة فن الإقناع والمحاججة، وكان يجلسني في غرفة الطعام ويحصرني في الزاوية، ويبدأ طرح رأيه حول قضايا معينة، ويطلب مني في لحظة مفاجئة الرد المعاكس له وتقديم الأدلة والحجج، كانت لعبة ممتعة تعلمت منها فن الإقناع».
أصيبت والدة ستيفن عندما كان عمره 13 عاماً بمرض التصلب، وكانت تستخدم الكرسي المتحرك، لتتوفى بعدها بسنوات من تشخيص المرض، يقول ستيفن «ألقيت كل المسؤوليات على عاتقي، كان لدي ثلاثة إخوة يجب أن اعتني بهم، واستخرجت رخصة قيادة في سن الـ15 لأخذ أشقائي للمدرسة»، وتكرر معه السيناريو نفسه عندما توفيت زوجته كارولين عام 2005 بمرض السرطان، ولم تتمكن من رؤية نجاح ستيفن وإنجازه، وتركت له مسؤولية تربية أربعة أطفال تحت عمر 10 سنوات.
رأساً على عقب
خلال سنوات قليلة تمكن ستيفن من تحويل استثمار بفكرة بسيطة إلى عمل بقيمة سبعة مليارات دولار، من خلال تقديم خدمات لم تقدمها أي شركة تكنولوجية أخرى، فاستثمر في البيانات وحدّث كل المعلومات باستمرارية، وجند زوار الموقع، المقدرين بـ456 مليون زائر في 49 دولة، لمراقبة كل شاردة وواردة في قطاع السياحة العالمي، حيث كان يستعرض معهم يومياً وجهات العالم وعجائبه، وينصح بأرقى المطاعم والفنادق وأماكن الترفيه والمغامرة، كما يسجل كل العيوب والنقائص.
غيّر ستيفن صناعة السياحة وقلبها رأساً على عقب، فأضاف إلى نجوم الفنادق والمطاعم نجمة التميز، الصادرة من طرف مؤسسته، لقد حول الزبون إلى ملك فعلاً في ما بات يعرف بـ«اقتصاد السمعة»، الذي تحرص الشركات على مسايرته. وأدرجت «تريب أدفايزر» في مؤشر نازداك للأسهم، وأصبحت تقوم بعمليات شراء، واقتناص شركات السفر المبتدئة التي يمكن أن تضيف إلى شبكة معلومات السفر الخاصة بها وتغطية منتجاتها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news