120 دقيقة مع حكايات اللؤلؤ والنواخذة في «بيت النابودة»
على مدى 120 دقيقة، حضرت حكايات اللؤلؤ وأسرار البحر والنواخذة، خلال فعالية «رحلة الغوص»، التي نظمتها هيئة الشارقة للمتاحف في بيت النابودة أمس.
سردت «الرحلة» تاريخ اللؤلؤ في الإمارات، وأندر أنواعه والمخاطر التي كان يتعرّض لها الغواصون في مغامراتهم للبحث عنه، وتسليط الضوء على تجارته، باعتبارها كانت مصدر الرزق الأهم في حياة الإماراتيين منذ زمن، وكل أبناء المنطقة والخليج، بجانب تسليط الضوء على أسرار حياة الغواصين وما يتعرّضون له من مخاطر في البحر، وأمراض ومواقف صعبة لا تنسى، لاسيما أثناء رحلات الغوص الكبير التي كانت تجبرهم على المكوث أكثر من أربعة أشهر في عرض البحر تحت أشعة الشمس الملتهبة أحياناً، وقساوة الليل البارد.
صعوبات
وخلال الفعالية ألقى مدير المشاريع التراثية في جمعية الإمارات للغواصين، الإعلامي جمعة خليفة بن ثالث الحميري، محاضرة سرد من خلالها رحلته عبر 27 عاماً في عالم التراث الإماراتي وأهل البحر ويومياتهم، مسلطاً الضوء على مهنة الغوص وتفاصيل الرحلات والصعوبات التي تواجه بعض الغواصين في كل مرة يقصدون فيها البحر للبحث عن اللؤلؤ.
وقال الحميري لـ«الإمارات اليوم»، على هامش الفعالية: «كان الغوص عملاً شاقاً جداً، ومع ذلك، فإن الآباء والأجداد قد تحدّوا البحر، وكان سلاحهم عزمهم الذي يدفعهم إلى العمل ليل نهار من أجل لقمة العيش».
وأضاف: «كانت التحضيرات للرحلة تبدأ في أول يوم تخرج السفن نحو مواقع الغوص (الهيرات) لصيد محار اللؤلؤ، الذي يسمى بـ(الشلة) أو (الركبة)، ويكون فيه الاستعداد من قبل جميع البحارة للتوجه إلى الصعود على السفن، بينما كان يقف على الجانب الآخر على الشواطئ الناس وأهالي البحارة لتوديعهم، ثم تتحرك السفن متجهة إلى الأماكن المقصودة».
وتابع: «تتعدد أسماء الطاقم، ويكون لكل منهم مسؤوليات محددة، وبينهم (السردال) وهو قائد أسطول السفن، وبيده أمر بداية الأسطول وعودته، و(النوخذة) وهو قائد السفينة التي يعد كل شيء لها، من بداية رحلتها حتى نهايتها، وهو المطاع فيها دون اعتراض من أحد»، لافتاً إلى أن الغواص من أهم الأشخاص في الرحلة، إذ ينزل إلى البحر لاستخراج المحار والأصداف، إضافة إلى (السيب) وهو المعين المباشر للغواص، إذ يمسك بحبل يكون متصلاً بينه وبين الغواص، أما (الرضيف) فهم الصبية، وأعمارهم بين 10 و14 عاماً، ويؤدون أعمالاً عدة كمساعدة (السيب) في سحب الغواص، ويكونون في المراحل الأولى التدريب على الغوص.
بين المحار
وذكر الحميري أن «العمل في البحر كان يسير بدقة كبيرة، فكل خطوة محسوبة، إذ يبدأ بوصول السفينة إلى مواقع اللؤلؤ، التي تسمى (الهيرات) فتقف هناك، ومنذ اللحظة التي تصل فيها السفينة، يحمل الغواص معه أدواته ثم ينزل إلى قاع البحر، ليجمع المحار والأصداف، وبعد دقائق يحرك الحبل فيقوم (السيب) بسحبه إلى سطح البحر، وبعدها ينزل مرة أخرى، ويستغرق العمل ساعتين أو أكثر، خصوصاً بالنسبة للغيص (الغواص)، أما بالنسبة لبقية ركاب السفينة فالعمل يستمر».
وبعد أن ينتهي الغواص من عمله، يصعد على ظهر السفينة عند وقت الظهر للصلاة، بعدها يتناول الجميع طعام الغداء، لتبدأ فترة الاستراحة، فينام الجميع في هذا الوقت، وعقب الاستيقاظ - حسب الحميري - ينزل الغواص مرة أخرى إلى قاع البحر أو قد يبقى على ظهر السفينة، ويدخل مرحلة أخرى من العمل، إذ قد يشارك في مرحلة فلق المحار، ويتعاون الجميع على ذلك، وفي أثناء الغروب يتوقف الجميع عن العمل لتبدأ صلاة المغرب ثم العشاء، وبعدها يتهيأ الجميع لتناول طعام العشاء ثم النوم.
مقتنيات بحرية
تضمنت فعالية «رحلة الغوص» ركناً خاصاً لأهم المقتنيات البحرية لتعريف الجمهور بأدوات الصيد وأشكالها، كما تم تنظيم ورشة أتاحت للحضور التعرف إلى صناعة عقد اللؤلؤ، وكيفية تزيين إطارات الصور بالأصداف.
جمعة الحميري:
«كان الغوص عملاً شاقاً، ومع ذلك، فإن الأجداد قد تحدّوا البحر، وكان سلاحهم عزمهم الذي يدفعهم إلى العمل ليل نهار».