بالفيديو.. أشواق الهاشمي تمنح المرضى بدايات جديدة بلا تشوّهات
اختارت أشواق الهاشمي عمل النحت الطبي، ليس لشغفها بنحت الأعضاء البشرية فحسب، بل أيضاً لسعادتها العارمة برسم ابتسامة على وجوه الأشخاص، الذين فقدوا أطرافهم أو أجزاء من أجسادهم، لتعيد من خلال عملها على نحت الأعضاء البديلة السعادة إلى حياتهم، وتزرع مع كل عضو تُشكّله بيديها الأمل ببداية جديدة خالية من التشوهات. تنحت في مركز «أمنيتي»، الذي أسسته بدعم من مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، أجزاء من الوجه، والأنف، والعيون، إلى جانب الأطراف والأصابع والثدي، لتقارب هذه الأعضاء البديلة الأعضاء الطبيعية بنسبة 95%.
تحدثت الهاشمي، في حوارها مع «الإمارات اليوم»، عن المركز وعملها، وقالت في بداية الحديث: «افتتح المركز عام 2012، بدعم من مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، والمسمى الجديد الخاص بها هو مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويقدم المركز جميع أنواع الأعضاء الاصطناعية تحت مظلة واحدة». ولفتت إلى أن الحالات التي يستقبلها المركز مختلفة، فهناك حالات تكون ناتجة عن إصابات الحوادث، وحالات أخرى ناتجة عن تشوهات من الولادة، أو عن أمراض معينة كالاستئصال بسبب السرطان، منوهة بأن الحالات تغطي الكثير من الأعضاء ومنها الوجه، والأذن والثدي، وأصابع اليد كاملة، وأصابع القدم.
رحلة العلاج تبدأ من خارج المركز، مع الطبيب المعالج، وتستكمل في مركز أمنيتي، وتوضح الهاشمي أن هناك نوعين من التركيب، فإما أن يكون تعويضياً بانتظار الوقت المناسب للجراحة التجميلية، والتي يكون قد أجَّلها الجراح تبعاً لحالة المريض، وإما أن يكون التركيب دائماً للعضو التعويضي، بحيث تكون انتهت العلاجات التجميلية كاملة. وتابعت الهاشمي: «العضو الدائم يتغير مع الوقت بحسب استخدام المريض، فهذه الأعضاء تصنع من مادة السيليكون والأكريليك، وهما مادتان طبيتان، ولا تسببان أي ضرر لجسم الإنسان، كما أن شكل العضو يكون مطابقاً للعضو الأصلي، فيصل التشابه بينهما إلى نسبة 90 أو 95%، بحيث لا يكون ملاحظاً ارتداء الشخص لأي عضو».
وتصنع الأعضاء داخل المركز، كما أن القياسات والتركيب تتم داخل المركز، وأوضحت الهاشمي أنه يتم وضع التصميم الأولي للمريض واختبار راحته مع العضو، كما أن العمل الإبداعي في تصميم الأعضاء يمكِّن المرضى من الحصول على عضو تعويضي شبه مطابق للعضو الحقيقي، فالعيون مثلاً يكون الإخفاء فيها ممتازاً، لكن في حالات السيليكون في الأنف والوجه يمكن ملاحظتها مع التدقيق الكثير في الوجه.
هذه الأعضاء يمكن إزالتها وإعادة تركيبها في المنزل، فالعين مثلاً توضع داخل المحجر، تماماً كما العدسة اللاصقة، لكن العدسة اللاصقة تكون ناعمة، وهذه العيون المصنعة من الأكريليك وتكون صلبة، ويجب نزعها أسبوعياً للتنظيف، وبعض الحالات تستدعي انتزاعها يومياً، بسبب الإفرازات الخاصة بالجسم.
ولفتت الهاشمي إلى أن المتابعة في حالات الأطفال مهمة جداً، خصوصاً مع الأهالي وتوعيتهم بالتربية الصحيحة للطفل، لأن بعضهم يعطي الأطفال الكثير من الاهتمام بسبب حالتهم الصحية، وهذا بدوره يولد عقدة للطفل، فبعضهم يصاب بحالات نفسية، بسبب الخوف الزائد من قبل الأهل. وأشارت إلى أنه مع الأطفال لابد من تبديل العدسة في فترة تراوح بين ستة أشهر وسنة، بحسب نمو الطفل، مشيرة إلى أن شركات التأمين لا تغطي هذه التكاليف باعتبار أنها علاجات تجميلية، علماً بأنها نفسية، وكذلك من الضروري وجود العين داخل المحجر، بسبب النمو العظمي عند الطفل، وثانياً لأن عدم وضعها يمكن أن يحدث ضموراً في العين، وتدخل الرموش إلى الداخل وتسبب الحساسية.
وعن التعاطي مع الحالات من الناحية الإنسانية، أكدت الهاشمي أن الجانب الإنساني مهم جداً، علماً بأن المركز قطاع خاص، والربح ضروري، لكن يصعب عليها رفض حالات كثيرة، وإن كانت غير قادرة على تأمين كلفة الأعضاء التي تعتبر عالية.
وعن أكثر الأعضاء التي تبدو تماماً طبيعية، أكدت الهاشمي أن العين أكثر الأعضاء التعويضية القريبة من الواقع، تليها الأصابع التي يوضع فيها خاتم، فيختفي الخط الذي يلامس الطرف، بينما بعض الأعضاء كالكفّ كاملة قد تبدو فيها بعض التعرجات أثناء الحركة.
وتحتاج هذه الأعضاء التعويضية إلى مدة تراوح بين أسبوع وأسبوعين كي تصبح جاهزة، ويحتاج المريض من خمس إلى سبع جلسات، كي يختبر العضو، ويتأكد أنه مناسب تماماً.
حالات إنسانية
يتكفل مركز «أمنيتي» بعلاج بعض الحالات الإنسانية، وكانت أول حالة إنسانية تكفل المركز بعلاجها حالة (زكية)، التي تم تصوير فيلم وثائقي عنها، وفاز بجائزة أوسكار، ويتحدث عن النساء اللواتي يتم حرقهن سنوياً في باكستان واللواتي يصل عددهن إلى 110 نساء. كما أن الحكم الأول بالمؤبد في هذا النوع من القضايا، هو الحكم الذي صدر بحق زوج (زكية)، الذي حرقها بالأسيد. وبعد هذا الفيلم بدأ المركز يستقبل حالات مشابهة من دول عربية، منها مصر.
أول تكريم
حازت أشواق الهاشمي أول تكريم من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، للموظف المتميز في المجال المهني عام 2008.
بداية الشغف
بدأت حكاية أشواق الهاشمي مع نحت الأعضاء الطبية، عندما تقدمت إلى وظيفة مكتبية في مستشفى راشد، ولم تكن لديها فكرة تماماً عن وجود هذا المجال، فدخلت قسم العلاج الطبيعي، وكان في الغرفة شخص يقوم بنحت العيون الاصطناعية، وكان قد طلبها للترجمة، ثم راحت تساعده في أخذ القياسات. رأت المهنة وواكبت النتائج المبهرة التي يحصل عليها المرضى، فبدأت تتدرب معه. درست مجموعة من الدورات التدريبية، ثم أسست مركزها الخاص لاحقاً. أما المسمى الخاص بالمركز، فقد اختارته الهاشمي، لأن افتتاحه كان بمثابة «الأمنية» بالنسبة لها، وقد حظيت بالكثير من التسهيلات.
تنحت في مركز «أمنيتي» أجزاء من الوجه، والأنف، والعيون، إلى جانب الأطراف والأصابع والثدي، والأعضاء البديلة تقارب «الطبيعية» بنسبة 95%.