الجدة موزة: «حنّاء العيد» نقوش الفرح على كفوف بنات الإمارات
بنقوشها وألوانها الزاهية، حضرت الحناء كخيار زينة أول لدى بنات الإمارات، إذ اعتمدت عليها نساء الفريج لإبراز جمالهن، لاسيما خلال المناسبات السعيدة، وفرحة استقبال العيدين والأعراس.
وعن أسرار الحناء في حياة المرأة الإماراتية، تقول الجدة موزة سيفان، الحرفية التي تعمل بمركز الحرف التابع لمعهد الشارقة للتراث: «منذ مئات السنين، اكتسبت الحناء أهميتها بين نساء الفريج، كونها واحدة من أبرز أدوات زينة المرأة في المناسبات والأعياد، التي تتوارث نقوشها الأمهات والحفيدات عن جدات العائلة».
وأضافت أن الحناء لا تعد مظهراً من مظاهر طبقة اجتماعية أو منطقة بعينها، إذ كانت موجودة في كل منزل، يستخدمها الرجال والنساء، الكبار والصغار، خصوصاً أنها نبتة رخيصة السعر متوافرة طوال العام، ما جعلها خيار الزينة الأول للأغنياء والفقراء على حد سواء.
طريقة الصنع
وحول طريقة إعدادها، توضح الجدة موزة أن عملية تصنيع الحناء تبدأ بجمع أوراق شجرها ثم توضع في وعاء فخاري، وتترك في مكان جاف تحت حرارة الشمس لفترة طويلة حتى تجف، وبعدها يدق ورق الحناء ليصبح ناعماً ويعجن مع الماء ليصبح جاهزاً للاستخدام. وأشارت إلى أن بعض النسوة المفتونات بالحناء يبادرن بإضفاء لمساتهن من الشاي أو عصارة الليمون لتعطي صبغة جميلة داكنة اللون، ثم تأتي المرحلة النهائية، وهي الرسم على الكفين واليدين والقدمين بواسطة غصن صغير من شجرة الطلح أو النخيل، أو ريشة طير أو عود ثقاب.
وتابعت: «كان نساء الفريج يتوقفن عن وضع الحناء وأزواجهن في الغوص، ويضعنه مع قرب رجوعهم، كنوع من التزين لاستقبال الغائب بطلة جديدة، أما بقية أيام السنة فتكون رؤوس الأصابع محناة، خصوصاً المرأة المتزوجة».
لرمضان والعيدين
وعن أبرز النقوش التقليدية التي تزينت بها كفوف فتيات الإمارات في الماضي، تذكر الجدة موزة أن «هناك رسمات أساسية لنقوش الحناء تتمثل في (القصه) بحيث تأخذ فيها الحناء شكل نقاط دائرية متجاورة في باطن اليد لتأخذ شكل الشجرة، أما القدمان فكانت نقوشهما تقتصر على نقاط حول الأصابع وتسمى (الروايب)، إضافة لنقشة (الروبية) أو (القمر)، وهي عبارة عن دائرة حناء تتوسط باطن الكف، ولكن النقوش التي تتخذ من الهلال والنجمة والزهرية والغمسة والختم، أساساً لها، تعد المفضلة للمرأة، لاسيما أيام الصوم في رمضان، وكذلك عند استقبال العيدين».
فوائد
وتؤكد الجدة موزة أن أبناء منطقة الخليج كافة، أدركوا فوائد الحناء، وحاولوا الاستفادة منها في أغراض صحية بالجملة، مثل منع تساقط الشعر وتغذيته وتقويته، وإضفاء البريق عليه وعلاج القشرة والتهاب فروة الرأس، بجانب تقوية الأظافر، والقضاء على رائحة التعرق بوضع الحناء لـ15 دقيقة تحت الإبط قبل الاستحمام، خصوصاً في فصل الصيف وأيام الأعياد والأعراس، بجانب استعمالها للتعامل مع الإصابات الفطرية التي تصيب أصابع القدم، والالتهابات الجلدية والقروح، التي تسببها حرارة الصيف.
وتكمل: «لم يقتصر استعمال الحناء على المرأة الإماراتية فحسب، بل اعتمد عليها الرجال، لحمايتهم من حر الصحراء، والتخلص من آلام الصداع، وتبريد فروة الرأس، إذ تشكل المواد الطبيعية المكونة منها والمعجونة مع الماء، واقياً طبيعياً وفعالاً من أشعة الشمس الحارقة، لذا كانوا يضعونها في باطن القدم وفي باطن اليد، لتكون بمثابة وسيلة دفاع للتكيف مع ظروف الطقس في فصل الصيف، ولهذه الفوائد الجمة كتبت الأشعار الإماراتية في الحناء، والتي منها: (كفوفه محنايه ونقشه بدلع مرسوم.. طرفهن بالرايـــب ومزينـــه بختــوم)».
نقاشة
قالت الجدة موزة: «تُعرف من ترسم الحناء بـ(النقاشة) التي تتبّع بعض القواعد عند شروعها في النقش بالحناء، فعند رسمها الحناء على كف المرأة يسمى هذا بالطرق الأول بحيث يصبح لون رؤوس الأصابع برتقالياً، ولكي يتحول إلى البني أو الأحمر الغامق توضع طبقة أخرى من الحناء وتعرف بالطرق الثاني، إذ لم تكن هناك مواد في زمن الأمهات القدامى متوافرة لتركيز لون الحناء فوراً، بل كان عليهن إعادة وضع الحناء على الكف مرات عدة للوصول إلى اللون المرغوب».
«لم يقتصر استعمال الحناء على المرأة الإماراتية فحسب، بل اعتمد عليها الرجال أحياناً، لحمايتهم من حر الصحراء، والتخلص من الصداع».
«نساء الفريج كن يتوقفن عن وضع الحناء وأزواجهن في الغوص، ويضعنه مع قرب رجوعهم، كنوع من التزين لاستقبال الغائب بطلّة جديدة».