معرض صور التقطتها عائلات من البلدين خلال العقود الأخيرة من القرن الـ 20

«لئلّا ننسى».. صور عائلية وشخـــصية ترصد التشابه بين الإمارات وإسبـــــانيا

صورة
1/6

رغم اختلاف الثقافات والبُعد الجغرافي، تظل هناك قواسم مشتركة بين المجتمعات الإنسانية تظهر في تفاصيل الحياة اليومية، ولأن الصور هي الوسيلة الأبرز لتسجيل تفاصيل حياة الناس وذكرياتها، فهي القادرة على أن تكشف عن تلك اللمحات التي تتشابه في سلوك الناس من جنسيات وبلدان مختلفة، وهو ما يقدمه معرض «لئلّا ننسى: عالمية الصور العائلية»، من خلال استكشاف القواسم المشتركة في مجموعة واسعة من الصور العائلية غير المُترابطة بين الإمارات وإسبانيا، وتتبع صور التقطتها عائلات مختلفة من الإمارات وإسبانيا خلال العقود الأخيرة من القرن الـ20.

أطفال يركبون درّاجاتهم، وأفراد أسر يلتقطون صوراً إلى جانب سياراتهم أو أمام منازلهم، وجلسات عائلية على شاطئ البحر، وغيرها من المشاهد التي يمكن أن يراها كل منا في ألبوم صور العائلة، عند وضعها بجوار بعضها، تظهر روابط غير متوقعة في ما بينها، لتتكشّف بذلك قواسم مشتركة يتردد صداها عميقاً بين هذه الصور العائليّة المتباينة، خصوصاً مع ظهور وانتشار كاميرات «كوداك» التي جعلت التقاط الصور الفوتوغرافية في متناول الجميع في أنحاء العالم كافة خلال القرن الـ20، وتمكن الأفراد العاديون من حمل كاميراتهم الصغيرة معهم في كل مكان، لتوثيق لحظاتهم وذكرياتهم، كما التقطوا صوراً لموضوعات أعجبتهم ولفتت أنظارهم، وأضفت كاميرات «كوداك» طابعاً موحداً على جميع الصور. هذه القواسم التي لفتت نظر الفنانة الإسبانية ماريا خوسيه رودريغيز إسكولار، وهي تشاهد بعض الصور القديمة لعائلات إماراتية وتلحظ التشابه بينها وبين صور لعائلاتها، كانت بداية التعاون بينها وبين مبادرة «لئلّا ننسى» الفنية والتوثيقية المحلية، لتقديم هذا المعرض الذي فتح أبوابه للجمهور، الأربعاء الماضي، في «معرض 421» بمنطقة ميناء أبوظبي، ويستمر حتى 28 يوليو المقبل.

ذاكرة الرمال

يعقد المعرض في الجزء الأول منه مقارنات بصرية لصور عائلات من الإمارات وإسبانيا راصداً أوجه التشابه بينها، وفي الوقت نفسه يلقي الضوء من خلال هذه الصور القديمة على شكل الحياة في البلدين في النصف الثاني من القرن الماضي، والعادات والتقاليد التي رسمت ملامح كل مجتمع، إلى جانب مظاهر أخرى مثل الملابس التقليدية وأنواع وموديلات السيارات وغيرها. أما في الجزء الثاني من المعرض، قامت الفنانة ماريا خوسيه رودريغيز إسكولار، بالإبحار في رحلة لاستكشاف صور وذكريات الماضي في الإمارات، من خلال سلسلة لوحاتها التي حملت عنوان «لون الذاكرة»، والتي تجسد صوراً ترتبط بذكريات المجتمع الإماراتي وتتشابه مع ذكرياتها الخاصة في إسبانيا، بما يعبر عن رسالتها بتشابه التجربة الإنسانية الفطرية وأهمية تعزيز التفاهم والحوار بين الثقافات، ولعل من أبرز اللوحات التي ضمتها السلسلة لوحة تجسد زيارة الملك خوان كارلوس الأول، للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في أبوظبي، وقد غطت أجزاء منها بالرمال، وهي تعبير عن إيمان الفنانة بأن ذاكرة الإمارات تكمن في الصحراء، وأن الرمال هنا مثل الذاكرة، والتاريخ مغطى بالرمال، موضحة: «عملت على نسخ صور فوتوغرافية بالأسود والأبيض باستخدام الفحم والغرافيت على الورق، وغطيت اللوحات جزئياً بالورق، كما لو كانت الصور تظهر من أعماقها قادمة من الماضي. كما تبرز اللوحة التناقض الجوهري بين انطباعين بصريين رئيسين؛ الأول تقليدي وبه صورة رمزية تستند إلى واقعية الصورة الفوتوغرافية الملتقطة، بعد أن تم معالجتها عبر التلاعب بتأثير الضوء والظلال، أما الانطباع البصري الثاني، فهو حداثي ويعكس الطابع التجريدي للعمل ككل».

احتفاء بالتسامح

المديرة الإبداعيّة لمبادرة «لئلّا ننسى»، الدكتورة ميشيل بامبلينغ، قالت إن معرض «لئلّا ننسى: عالمية الصور العائلية»، يتزامن مع «عام التسامح» في دولة الإمارات، والذكرى السنوية الخامسة لتأسيس مبادرة «لئلّا ننسى» تحت رعاية مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، واستعرضت خلال الندوة الحوارية، التي أقيمت قبيل افتتاح المعرض لمناقشة أهمية الصور المحليّة، بداية المبادرة بهدف تعريف طالبات جامعة زايد بتاريخ وتراث الإمارات، وتوثيق الحياة الاجتماعية في الدولة من خلال الصور الشخصية والعائلية، لافتة إلى أن الصور في البداية اقتصرت على صور الرجال والأطفال، بسبب خجل أصحابها من الكشف عن صور النساء، ولكن مع الوقت أصبحت لديهم صور تظهر الفتيات والأمهات والجدات تقديراً لحضورهن في المجتمع منذ القدم.

وأوضحت بامبلينغ أن «الكتاب الذي تم إطلاقه في الأمسية، يُفهرس الأعمال المُشاركة في المعرض، ويمثل مقاربة فنية لأكثر من 100 أسرة، وللتاريخ الشفاهي لتلك الأسر»، مشيرة إلى أن المبادرة تشهد إقبالاً كبيراً من المواطنين والمقيمين في الدولة، لمشاركة صورهم وذكرياتهم الشخصية والعائلية مع الجمهور.

وتحدثت الفنانة ماريا خوسيه رودريغيز إسكولار، عن تعاونها مع المبادرة، موضحة أنه يعود إلى ثلاثة أعوام، أي قبل قدومها للإقامة في الإمارات، عندما شاهدت صور «لئلّا ننسى» ولاحظت تشابه تلك الصور مع ألبومات الصور العائلية الخاصة بها، فعمدت إلى رصد التشابه الفريد بين الصور المختلفة في سياق الثقافتين الإماراتيّة والإسبانية، التي تعكس الروابط الإنسانية العميقة بين الناس في كل مكان.

وعرضت إسكولار نماذج لصور عائلية لها تظهر فيها هي وشقيقاتها وقد ارتدين ملابس متشابهة، وأخرى مع جدتها. في المقابل، قدم وزير دولة، زكي نسيبة، صوراً مشابهة لابنتيه التوأم في طفولتهما وهما ترتديان ملابس متشابهة، وأخرى لأبنائه مع جدتهم، مشيداً في تسجيل صوتي، قدمه نيابة عنه راشد بن شبيب، بالمبادرة وما تحمله من أبعاد إنسانية تتماشى مع قيمة التسامح التي تحتفي بها دولة الإمارات.

• المعرض يعقد مقارنات بصرية لصور عائلات إماراتية وإسبانية، راصداً أوجه التشابه في شكل الحياة بالبلدين في النصف الثاني من القرن الماضي.

• الصور قادرة على أن تكشف اللمحات التي تتشابه في سلوك الناس من جنسيات وبلدان مختلفة.

تويتر
log/pix