عبدالعزيز السعيدي: منصّات التواصل تمنح الفنان سُمعة جيدة
تتميز تجربة الشاب الإماراتي، عبدالعزيز السعيدي، بكونها مسكونة بشغف الكلمة والرواية من جهة، وعالم اللون والفن التشكيلي من جهة أخرى، حيث بدأ رحلته مع عالم اللون منذ 10 سنوات، وأخضع نفسه للتدريب والتعليم الذاتي بسبب ولعه بهذا العالم، فمرت أعماله بالعديد من التجارب إلى أن وصل إلى «البوب آرت». أما في عالم الكلمة فقد أصدر حتى الآن روايتين، يسعى من خلالهما إلى إثبات رؤيته الخاصة في عالم الكلمة والأدب.
ويستخدم السعيدي منصات وسائل التواصل الاجتماعي، التي يرى أهميتها في كونها تمنح الفنان سمعة جيدة، ولهذا يعمل كثيراً على مضمون ما يقدمه على صفحته، متحدثاً عن أهمية الحصول على الدعم في بداية المشوار الفني، كي يكون لدى الفنان الشاب الحافز للاستمرار، «فالدوافع لتقديم كل ما هو جديد، تأتي من التشجيع والكلمات الجيدة من المقربين، على أهمية الدعم المادي أيضاً».
الكاتب والفنان الإماراتي الذي يبلغ 20 عاماً من عمره، تحدث لـ«الإمارات اليوم» عن تجربته، مشيراً إلى أنه يدرس الآن إدارة الأعمال والتسويق بكلية التقنية في الشارقة، وقد اختار هذا الاختصاص لأنه يحمل فرصة في مجال الإبداع أيضا، ويمكنه أن يضع الكثير من ذاته في هذا المجال. أما عالم الفن التشكيلي، فقد دخله منذ 10 سنوات، عندما انضم إلى المركز الثقافي وتنمية المعرفة في عجمان مع الموهوبين، وكان يبلغ من العمر 10 سنة وقتذاك، وقد حمل مسؤولية تطوير الذات دائماً خلال وجوده في المركز. ونوه السعيدي بأن العمل الفني ينبع من الإحساس بالدرجة الأولى، قبل التقنية، موضحاً أنه اختار الفن التجريدي في البداية، كونه يرى فيه نوعاً من التمرد، فهو بطبعه متمرد على نفسه. وبعد اتباع التجربة التجريدية عمل على رسم البورتريه، لأنه يحب تكريم الكثير من الشخصيات التي يحبها من خلال رسمها، ليتجه بعد ذلك إلى «البوب آرت». أما عن عدم اختياره دراسة الفن، فأشار السعيدي إلى أنه يعود لمتعته في توسيع قدراته في مجالات مختلفة، «فإدارة الأعمال والتسويق تحمل الكثير من الخيال والإبداع».
وعن المسار الذي رسمه لنفسه في الفن، أكد السعيدي أنه يرى نفسه في الفن التجريدي، فحتى البورتريهات التي يقدمها تحمل الملامح الخاصة بالشخصية، مع التعديل قليلاً في الشكل، فيبتعد عن النقل الواقعي الدقيق الذي يجعل الرسم يبدو كما لو أنه تصوير فوتوغرافي، لافتاً إلى حرصه على تضمين اللوحات ببصمة خاصة في عالم الفن، وقد اختارها أن تكون المربع.
أما الكلمة فهي العالم الذي قاده إليه شغف القراءة منذ الصغر، فكان يقرأ الكثير من الروايات، وقد تأثر بالروائية الجزائرية، أحلام مستغانمي، منذ عمر مبكر، مشيراً إلى أن القراءة بالنسبة إليه تمثل متعة التعرف إلى أسلوب الكاتب، واكتشاف تقنياته في الكتابة. وهذا الشغف بالقراءة ترجمه في كتابة مسرحيات قدمت على مسرح المدرسة منذ طفولته، موضحاً أنها تميزت بنمط خاص، وهذا ما جعله يتشجع للدخول لعالم الرواية.
أول رواية أصدرها السعيدي كانت عام 2018 في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وحملت عنوان «شخص ما»، ولفت إلى أن الرواية تطرح سؤالين، هل الواقع عبارة عن خيال؟ أم أنه يحتاج إلى الخيال؟ وقد حرص في تقديمه الرواية على بلورتها وفق طرح مختلف في تقنيات الكتابة، فهي تبدأ بحدث مع مراهق يقلب حياته رأساً على عقب، وتبدأ التساؤلات والعقد بالظهور. أما الرواية الثانية فتحمل عنوان «جارية عزرائيل»، وأشار السعيدي إلى أنها رُفضت في البداية بسبب عنوانها الجريء، مبيناً أنها تعد الجزء الثاني من الرواية الأولى، لكن يمكن لمن لم يقرأ الرواية الأولى أن يقرأها، فهي تحمل الكثير من الأحداث والحقب الزمنية، وتعالج قضايا كثيرة مثل الإرهاب والشخصيات الملحدة، وكل من يخلقون جماعات مهمتها غسل عقل المراهق، فهي تناقش جميع أشكال التبعية.
بين اللغة واللون، يرى السعيدي أنهما عالمان يكملان بعضهما بالنسبة إليه، مؤكداً أنه حين يبدأ الكتابة يبتعد عن الرسم، ويبقي فقط على رسم الاسكتشات البسيطة من أجل الحفاظ على مرونة حركة اليد. وأشار إلى أن الكتابة تتطلب منه التفرغ وترهقه نفسياً، لأنه يعيش حالات نفسية عديدة، فهو يعيش حياة الشخصيات حتى الأنثوية، موضحاً أنه ليس سهلاً على الرجل وضع نفسه في مكان الأنثى، كما أنه يصعب على المؤمن مثلاً وضع نفسه مكان الملحد، وتكهن ردود الأفعال وطريقة التفكير في المواقف التي تواجهه. ويستعد السعيدي لرواية ثالثة التي وصفها بالمتطورة أكثر، وسيكتب فيها عن ثقافتين مختلفتين تماماً، ويصف كتابته وطريقته في الرسم بكونها جريئة، ويرى أن ما يرونه جريئاً يراه عادياً. أما أسلوبه ونمطه في الكتابة، فأكد أنه يحمل الكثير من السرد والفلسفة، فهي قريبة من تنمية الذات، وتغيب فيها الحوارات كي لا تكون قريبة من الكتابة المسرحية، كما أنه من الناحية اللغوية يميل إلى وضع الكثير من التشبيهات والخواطر لمنحها نزعة رومانسية. وفي ما إذا كانت الكتابة مشروعه، لفت إلى أنه طالما لديه ما يقدمه سيستمر، ولكن حين يصل إلى مرحلة لا يرضى عما يريد تقديمه لن يستمر في الكتابة.
ضد المذكرات
لا يحبذ عبدالعزيز السعيدي كتابة المذكرات، فهو يرى أنه وفق قانون التغليب باللغة العربية، فإن أغلب كتب المذكرات لا تحمل أي فائدة للقارئ، فتكون الكتب مجرد مذكرات ليس فيها خبرات عميقة تقدم. ولفت إلى أن الكتاب لا يقل أهمية عن الأفلام والمسلسلات، ولهذا يجب أن تكون الكتابة ذات مسؤولية تحمل الكثير من الفائدة. وردّ انتشار الكتب التجارية إلى سهولة النشر لمن تتوافر لديهم التكاليف، إذ إن دور النشر تبحث عن الربح، وهناك من يرغبون في أن يكون لديهم إصدار يحمل اسمهم، ولهذا نجد أن محبي القراءة يقرأون الكتب المترجمة لأنها تحمل قيمة أكثر.
• «روايتي الجديدة تعالج قضايا الإرهاب، وأشكال التبعية، والجماعات التي تغسل عقول المراهقين».
• «يصفون كتابتي بالـ(جريئة)، لكن ما يرونه جريئاً أراه عادياً، وأسلوبي يحمل الكثير من الفلسفة».