الجدّة مريم المزروعي.. صاحبة أكبر «سرود» في العالم

يشهد مهرجان ليوا للرطب، تحدياً كبيراً يتمثل في إنجار أكبر «سرود» في العالم بقطر يبلغ نحو 10 أمتار، الذي تقوم بصناعته الجدة مريم المزروعي (أم عبدالله)، من «السفّة» المصنـوعة من خوص النخيل، وقد حرصت (أم عبدالله) خلال تنفيذه على أن تشاركها بناتها وحفيداتها والعديد من الفتيات لتعلم أسرار هذه المهنة التقليدية.

ونذرت الجدة الإماراتية (أم عبدالله) حياتها في تعليم أبنائها وبناتها في بيتها، وفي منطقة الظفرة، تراث الأجداد في فن «السرود»، وهو فن متجذر في التراث الإماراتي، قوامه الأساسي من سعف النخيل (الخوص)، ولم يكن بيت إماراتي ليخلو منه، حيث كان يستخدم لأغراض معيشية متعددة، ومازالت أم عبدالله وغيرها من الجدات يحافظن على هذا الإرث التاريخي الممتد، وهذا ما يفسر حصولها على أكثر من 30 شهادة تقدير، من جهات ومؤسسات مختلفة بالدولة، تقديراً لجهودها في خدمة التراث الإماراتي.

وتقول (أم عبدالله) إن لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي دعمتها لتنفيذ هذا العمل، وطلبت منها إعداد أكبر سرود لتشارك به في مهرجان ليوا للرطب، بالتزامن مع عام التسامح، وتضيف «استعنت بصديقتين لي، وابنتي وحفيدتي عائشة وميثاء، وشجعني زوجي علي عبدالله المرزوقي، فكنت أصل الليل بالنهار، داخل منزلي وبدأت بالحياكة (السفّة)، ثم إزالة الزوائد (العكرد والجذور)، وصولاً إلى المرحلة الصعبة، وهي حياكة الأطراف (الجلدية)، ومرحلة الزينة (الوشام) وهي المرحلة الأخيرة التي أقوم بها حالياً مع حفيدتي خلال أيام المعرض، وأتمنّى أن يتاح لي مكان أكبر من (حوش بيتي) لأواصل فيه (السعفة) حتى تكبر أكثر، وتصبح أكبر سرود مصنوعة يدوياً في العالم».

وتشرح (أم عبدالله) أنها استمرت لنحو ستة أشهر وهي تصل الليل بالنهار مع بناتها وحفيداتها، من أجل أن تقدم هذه اللوحة التراثية الجميلة، التي ترمز بشكلها الدائري ولونها الرملي، إلى الأرض التي تحمل هذا العالم، فيراها زوّار المعرض من كل الجنسيات، ويربطون بين إنسانيتهم وإنسانية التراث، فتتجلى القيم النبيلة في دواخلهم، مستشعرين جماليات هذه الأرض الطيبة، التي لا ينفك ماضيها عن حاضرها ومستقبلها، ليبقى خطها الزمني شاهداً على أنها كانت وستظل قبلة للتسامح والمحبة والسلام.

وعن دورها قالت عائشة طارق الحمادي، إحدى حفيدات (أم عبدالله): «على الرغم من أنني طالبة بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة الصناعية جامعة الشارقة، إلا أن جدتي غرست في وجداني، ووجدان أخواتي، قيمة الاعتزاز بالتراث الإماراتي، وكانت تردد أمامنا دائماً مقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، (من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر ولا مستقبل)، فتربيت منذ صغري على الجمع بين التراث والعلم لأخدم بهما بلدي وأربي أبنائي عليهما، كما ربتنا جدتنا الغالية».

أمّا ميثاء عبدالله المرزوقي، الطالبة بالصف السادس الابتدائي، فقالت: «انتقلت منذ سنوات مع أسرتي للعيش في أبوظبي، وأفرح جداً عندما تأخذني أسرتي، لأساعد جدتي في إنجاز السرود، وأطبق عملياً كل ما تعلمته على يديها في هذا الفن الذي أحببته، وسأظل أحبه وأحرص على إتقانه طوال عمري لأكمل مسيرة جدتي».

30

شهادة تقدير لـ«أم عبدالله» لحفاظها على الإرث التاريخي.

الأكثر مشاركة