سرديات تأملية.. في عالم محفوف بالمخاطر
استطاع فنانون مشاركون في معرض «سرديات تأملية» الذي افتتح في رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، تصدير مفهوم خاص للبيئة من خلال أربعة أعمال تركيبية، ترصد الخوف من عالم تحيط به الأزمات والتحديات، وكيفية إنشاء الكائنات البيولوجية البشرية وغير البشرية لعوالمنا الطبيعية والاصطناعية والافتراضية، وقدرتها على البقاء فيها والعيش في رحابه، المعرض الذي يستمر حتى السابع من الشهر المقبل يحمل توقيع فنانين مقيمين في الدولة، وهم أريج قاعود، أيمن زيداني، جميري، ورجاء خالد، يضع يده على مفهوم الحياة من حولنا عبر مجسمات اتسمت بمشاعر مختلطة تستطيع لمسها من خلال الألوان تارة ومن خلال التعبيرات الدقيقة التي ستجدها في زاوية معينة من رمل فوشي اللون، أو شيء أشبه بقبة برتقالية ينمو عليها بضعة أعشاب تارة أخرى، ثمة غضب، وخوف على عالم يجب أن يظل نظيفاً من كل العوامل التي تؤثر في صحة بيئته، استلهم الفنانون حكاياته من واقع تجربة إقامتهم في الدولة.
الخطر
من منظور الخطر تقدم الفنانة أريج قاعود مجسمها الذي حمل عنوان «أمن مجهول»، وهو عبارة عن قبة مطاطية بسطح ناعم ترتفع عن الأرض، ومن خلال فتحتين ستسمع صوت قاعود المسجل مسبقاً، وكأنها بهدوء ورتم فيه بعض غصة تريد أن تحكي مشاعر الفرد المستمرة تجاه ما هو أسوأ والخوف من المجهول، تحاول قاعود بث تجربتها من خلال ما تعلمته من والدتها تحديداً من منظور الصدمات التي تتولد لدى الفرد إثر ما يسمعه من كوارث حول العالم، هي تشبه الحالة عندما يحدث كارثة كيف عليك أن تستعد إما بالخروج من باب الطوارئ أو الاتصال بالإسعاف والشرطة، هي تنقل الإحساس بالخطر وكيفية التعامل معه وكيف دائماً يكون المخرج لبلاد ثانية الأمل أن تكون أرضها أكثر احتواء وأمناً.
الواقع الافتراضي
في المقابل، يقدم الفنان جميري، من خلال استخدامه للإنترنت كمساحة افتراضية عملاً تركيبياً تحت مسمى «فاصلة» مستوحاة من مصطلح البرزخ، في عمله هذا نتلمس مساحة مغرية بين العالم المادي والروحاني، فيختبر جميري من خلال فكرته، متسائلاً «أين يذهب الذكاء الاصطناعي عند موت التكنولوجيا؟»، مستخدماً في عمله طناً من العمل الاصطناعي يتخلله أجهزة استشعار و أضواء فاقعة تشعرك فعلاً أنك في عالم لا تدرك أين سيوصلك!
لوّن الفنان العمل بالزهري الفاقع المرتبط بأساس حكايته المتمثلة في أساس إلهامه عبر مطربين استطاعوا أن يحققوا الشهرة عبر مواقعهم على الإنترنت، وحتى تحقيق المبيعات العالية عبر المواقع نفسها، والزهري حسب جميري هو اللون السائد في الثقافة الشعبية المرتبطة بأغاني البوب الشهيرة التي لم تحتج يوماً إلى ترويج العالم الافتراضي لها، أما في هذا الكون الموحش حالياً تحوم هذه البيئة بين رموز البوب والكوارث النووية أثناء تحرك الزائر عبر رمال جميري.
موجة هادئة
وفي السياق ذات، يستعرض عمل «موجة هادئة» للفنانة رجاء خالد، تصميماً إبداعياً لأحد استديوهات اليوغا في عام 2021، قدمت من خلاله عروض أداء برفقة عدد من أبرز مدربي اليوغا، ولكن الأمر الأكثر تميّزاً في العرض هو عدم وجود أي حركات يوغا فالمساحة بإبداعات من لون «الموجة الهادئة»، الذي من المتوقع أن يكون واحداً من الألوان الرئيسة الخمسة في تشكيلة ربيع وصيف 2021. وقد وُصف هذا اللون ضمن أوساط المبيعات بكونه «لوناً تفاؤلياً ومستقبلياً، ويُقدم المزاج الأمثل لبداية العقد الجديد»، ويعكس أيضاً اهتمام الفنانة في كيفية عمل قطاع الصحة والعافية على تحويل الصحة البدنية والنفسية إلى سلعة متداولة. وعبر الدمج بين المفاهيم التجارية ومفردات الصفاء والعافية لتقديم فرص متميزة للتأمل والترويج للمنتجات في الوقت ذاته.
تشويش
الفنان أيمن زيداني يقدّم عمل «بين التشوش والتشابك» الذي يطرح نظرة متأملة حول مفردات الطبيعة والتكنولوجيا، ويتألف من غرفة مظلمة تضم نباتات مُنارة بأضواء كهربائية تضفي عليها وهجاً وبريقاً بتدرجات مختلفة. ويدرس العمل الحد الفاصل بين الحياة الطبيعية والإلكترونية من خلال استخدام مصابيح LED الصناعية لتحفيز عملية نمو النباتات الطبيعية. ويضم العمل تجربة فيديو غامرة تحمل المشاهدين عبر مشاهد ليلية ضمن جزيرة النور بالشارقة، التي عمل القائمون عليها على زراعة أصناف نباتية من مختلف أنحاء العالم، والتي توفر موطناً لمختلف أنواع الحشرات.
الفنانون المشاركون نجحوا في تصدير مفهوم خاص للبيئة.
المعرض يستمر حتى السابع من الشهر المقبل في رواق الفن.