«أبل».. شراكات ثقافية تزاحم عمالقة الإنتاج حول العالم
ردود أفعال عالمية واسعة خلفها إعلان «أوبرا وينفري»، تأسيس نادٍ ثقافي مبتكر، أطلق عليه اسم «نادي أوبرا للكتاب»، الذي يطرح اليوم على جمهور القراء والمثقفين حول العالم بالشراكة مع شركة «أبل» العالمية، العاملة في مجال تصميم وتصنيع الإلكترونيات الاستهلاكية ومنتجات برامج الحاسوب، ليتكفل بتوفير مساحة ثقافية فاعلة للتبادل الفكري البناء وتأسيس مجتمع فريد للقراء، بأبعاد عالمية هذه المرة، من شأنها نقل المشاهدين إلى عوالم العلم والمعرفة والتأثير في عقولهم ووعيهم من خلال جعل كل كتاب فرصة لاكتشاف الذات، وتقريب مجتمعات العالم من بعضها بعضاً عبر فعل القراءة الذي يجمع مئات الأسماء والتجارب الأدبية والفكرية لمؤلفين وكتاب معاصرين حول العالم.
مشروعات معرفية
تجارب أدبية عدة، تناولها صالون وينفري للكتاب، كان أهمها اللقاء الذي جمعها وجمهورها بتانيهاسي كوتس، مؤلف رواية (The Water Dancer) «الراقص مع الماء»، في مكتبة «أبل كارنيجي» في واشنطن، التي تكفلت الشركة الأميركية «أبل» بإعادة تجديدها وإحيائها، على أن يتم عرض حلقة جديدة للمشاهدين مرةً كل شهرين، في الوقت الذي ستقدم «أبل» تبرعاً عن كل كتاب اختير في «نادي أوبرا للكتاب» إلى رابطة المكتبات الأميركية. وذلك، دعماً منها للمكتبات المحلية ومشروع تمويل البرامج التي تمكن الجميع من الاستفادة من الكتب وتحفزهم ليصبحوا قراءً شغوفين بالمعرفة.
تجربة، لم تخفِ أوبرا وينفري، اعتزازها بالتصدي لها، واختيارها لتقديم رؤيتها التلفزيونية الجديدة، عبر التصريح في أكثر من مناسبة عن حماستها بخوضها «ما أنا عليه اليوم هو محصلة تجربتي في تعلم القراءة منذ سن صغيرة، فقد فتحت لي القراءة آفاقاً هائلة بعيداً عن الطريق الترابي الأحمر وشرفة جدتي في مسيسيبي، وأودّ أن أقوم بالأمر نفسه من أجل الجميع، ولا أرى فرصة أفضل من القيام بذلك مع شركة أبل، من خلال التحدث مع الناس من جميع بقاع العالم حول ما يمكن لكتاب جيد أن يحققه من متعة معرفية وتشويق وإثارة درامية».
أعمال حصرية
في سياق ثقافي محض، لم تتوقف طموحات «أبل» عند حدود عالم المعرفة والكتب الأكثر مبيعاً حول العالم، بل يبدو أنها تجاوزته إلى المشاركة في صنع اتجاهات جديدة في مجال الأعمال التلفزيونية، في خطوة فسرها المراقبون بسعي عملاق التكنولوجيا الأميركية إلى الاستحواذ على حصة الأسد في هذا المجال، ومنافسة كبرى الشركات في العالم مثل «أمازون» و «نتفليكس» وغيرها من الشركات العاملة في مجال الترفيه التلفزيوني الرقمي.
وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة التي طالت مضمون أعمال «أبل» التلفزيونية التي تم طرحها أخيراً وتبعات تكلفة الاشتراك الشهري بها حول العالم، ظل الانطباع الأول المتصل بنوعية المسلسلات والأعمال التلفزيونية التي تم طرحها عبر خدمة «أبل تي في بلس» الجديدة، متناسباً مع حجم التوقعات الواسعة بنجاح مرتقب، من المنتظر أن تستحوذ عليه الخدمة التلفزيونية الجديدة، مع مجموعة من المسلسلات الحصرية والأعمال الفنية التي بدأ بثها بداية من شهر نوفمبر الماضي، وهو الموعد الذي حددته الشركة الأميركية لإطلاق خدمتها الجديدة لبث أعمال تلفزيونية حصرية واستقطاب أقوى مبدعي السينما والتلفزيون في العالم. حيث بدأت «أبل تي في بلس» بالعرض الأول لمسلسل (For All Mankind) لرونالد د. مور الحائز جائزتي غولدن غلوب وإيمي، إلى جانب كل من جويل كينامان، ومايكل دورمان، وساره جونز، الذي يتناول قصة آسرة تفترض تاريخاً مختلفاً يتم من خلالها تصور عالم لم ينتهِ فيه سباق الفضاء العالمي. هذا إلى جانب المسلسل الكوميدي الجديد (Dockinson) لـيلي ستاينفيلد، وجين كراكوسكي، وتوبي هاس، وأدريان بلايك إنسكو، وآنا باريشنيكوف، وإيلا هانت، الذي يستكشف بجرأة القيود التي يفرضها المجتمع والعائلة من وجهة نظر الشاعرة المتمردة الشابة إميلي دكنسون.
في المقابل، يبدو أن الحلقات الأولى من مسلسل (See) للمؤلف ستيفن نايت والمخرج فرانسس لورنس، قد نجحت في جذب شريحة مهمة من الجمهور لأحداثها التي يفترض أن تتناول المستقبل البعيد بعد أن هلكت البشرية بسبب فيروس غامض، وفقد الناجون منهم البصر، من ثم تحتدم الصراعات لحماية القبيلة من ملكة قوية ومستميتة تسعى إلى القضاء على التوأمين المختلفين عن بقية الناجين من هذا الفيروس.
عودة جنيفر أنستون
النجمة الأميركية جنيفر أنستون، عادت إلى الشاشة الفضية من خلال مسلسل (The Morning Show) لتتشارك البطولة مع وريس ويذرسبون، وستيف كاريل، في محاولة درامية جريئة لتناول الصراعات العنيفة في عالم برامج التلفزيون الصباحية وحياة الناس في المجتمع الأميركي.
وفي إطار الدراما النفسية، يأتي المسلسل الجديد (Servant) للمؤلف توني باسجالوب المرشح لجوائز من قبل الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون، وإخراج المرشح لجائزة الأوسكار م. نايت شيامالان، ليتناول أزمة زوجين من فيلادلفيا يتعرضان لمأساة مؤلمة أحدثت انشقاقاً في حياتهما الزوجية وفتحت الباب أمام قوة غامضة تسربت إلى حياتهما.
أسئلة المستقبل
ومع انقضاء الشهر الأول من إطلاق «أبل تي في بلس» ونجاح أبل في وضع أولى خطواتها في هذا المجال، يبقى سؤال الإنتاج التلفزيوني العربي على المنصات الرقمية مطروحاً دون إجابة، بعد ملاحظة ندرة هذه الإنتاجات، وعدم كفايتها، باستثناء محاولات محتشمة انحصرت في نطاق أعمال درامية ومنوعات حصرية تبث عبر خدمة «شاهد» التابعة لمجموعة «إم بي سي»، التي لا تعدو أن تكون إلا خطوات بسيطة وغير مؤهلة لمنافسة سطوة عدد من المنصات الرقمية العالمية مثل منصة «نتفليكس» و«أبل تي في بلس» و«أمازون» التي ستفتح المنافسات الحادة بينها، أبواباً أوسع وخيارات أكبر للمشاهدة حول العالم.
- تجارب أدبية عدة، تناولها صالون وينفري للكتاب، أهمها لقاء تانيهاسي كوتس.
- الخدمة التلفزيونية الجديدة تستحوذ على مجموعة من المسلسلات الحصرية.