«مخطوطات نجيب محفوظ المجهولة».. في ندوة الثقافة والعلوم

«ما الجديد الذي يمكن أن نسمعه عن نجيب محفوظ، خصوصاً أن الحديث عن نجيب وأدبه قد أشبع تناوله على كل مستوى»، بهذا السؤال بدأت الكاتبة عائشة سلطان تقديمها محاضرة بعنوان: «مخطوطات نجيب محفوظ المجهولة»، نظمتها ندوة الثقافة والعلوم في دبي.

وأضافت سلطان: «نجيب محفوظ لا يمكن اختصاره في صفة أو اهتمام واحد، فهو الكاتب والروائي والقاص والسيناريست، وهو الإنسان المصري البسيط ابن الجمالية، الحارة المصرية التي اتكأت عليها معظم رواياته».

وقدمت سلطان الناقد محمد شعير، مدير التحرير بمؤسسة «أخبار اليوم» المصرية، المتحدث في الندوة بقولها: إن شعير الكاتب والناقد الأدبي، وصاحب الكتاب الأشهر حول نجيب محفوظ وروايته «أولاد حارتنا.. من سيرة الرواية المحرمة»، وهو تتبع جيد لرواية أولاد حارتنا من مجرد فكرة، إلى عمل روائي لقي جدلاً واسعاً حوله.

وسبق المحاضرة عرض فيلم توثيقي لسيرة نجيب محفوظ منذ طفولته، والمراحل التي مر بها في حياته.

من جهته، بدأ شعير محاضرته بالقول إن الحديث عن نجيب محفوظ، في عام التسامح بالإمارات، يتفق مع شخصية نجيب محفوظ المتسامحة، سواء من خلال مسيرة حياته التي مثلت نموذجاً لهذا التسامح في مصر والمنطقة العربية، حيث ولد نجيب محفوظ عام 1911، وتمت الاستعانة بطبيب قبطي لتعسر الولادة، وسمي نجيب محفوظ تيمناً باسم هذا الطبيب، وفي طفولته كانت أمه تقوده للمساجد والكنائس والمعابد القبطية والفرعونية، قائلة له: إن كل هذه الأماكن «ملك الله»، كذلك تسامحه مع الشاب الذي حاول اغتياله عام 1995.

وفي عام 2011، أضاف شعير، احتفلتُ في «أخبار الأدب» بمرور 100 عام على ميلاد نجيب محفوظ، وكان الاحتفال مختلفاً، بأن كتبنا عن مصر في يوم 11/‏‏‏12/‏‏‏1911، أي حالة مصر يوم ميلاد نجيب محفوظ، واكتشفت أن ما نعرفه عن نجيب محفوظ قليل جداً، وأن حياة نجيب مرتبطة بتطور وأحداث الشارع المصري، فيوم ميلاده كانت مصر في فترة استراحة بين ثورة عرابي وثورة سعد زغلول، وكان المجتمع المصري في حالة من الاستعداد لمتغير مختلف.

وأضاف شعير: في عام 1923 انتقل نجيب محفوظ من السكن في حي الجمالية إلى منطقة العباسية، أي من منطقة شعبية إلى منطقة حداثية كانت بالنسبة له نقلة في مفهوم الحداثة، كذلك في العام نفسه حصلت مصر على جزء من استقلالها بوضع أول دستور لها.

وفي عام 1936، حسم نجيب محفوظ الأمر مع نفسه بأن يكون أديباً بدلاً من السفر إلى فرنسا، للحصول على الدكتوراه في الفلسفة، وقرر التفرغ للأدب والكتابة.

وتحدث شعير عن رواية أولاد حارتنا، التي نشرت للمرة الأولى كحلقات في جريدة الأهرام، وكيف أجرى عدداً من المقابلات مع سامي شرف، مدير مكتب الرئيس عبدالناصر آنذاك، وكثير من الشخصيات، للوقوف على سبب منع استمرار نشر الرواية، ومن خلال هذا البحث توصل إلى عدد كبير من الأوراق والمخطوطات الخاصة بنجيب محفوظ.

وعن تلك المخطوطات، ذكر شعير عبارة ذكرها نجيب محفوظ عن نفسه: «أنا ملك التمزيق، كلما تراكم عندي كوم من الأوراق لا أعرف ما بها، هات.. مزق مزق، وإلا فإننا لن نجد مكاناً ننام فيه، فلم يكن هناك مكان أحتفظ فيه بمخطوطاتي»، هكذا وصف نجيب محفوظ نفسه.

وأكد شعير أن بداية بحثه عن المخطوطات كانت بالبحث عن مخطوطة «أولاد حارتنا»، ما بين جريدة الأهرام التي نشرت أولاد حارتنا، ومكتبة مصر ناشر نجيب محفوظ، ولدى أصدقائه الحرافيش القدامى، وفي بيت محمد حسنين هيكل، وأماكن أخرى.

وأكمل شعير أنه حينما تفرقت أمامه سبل البحث التي خطط لها، لم يعد أمامه إلا بيت نجيب محفوظ نفسه، وهو البيت الذي ظل منغلقاً على عوالم العائلة، ولم يكن للأديب فيه نصيب يذكر، فمعظم حواراته ولقاءاته تجرى في المقاهي والمكاتب، حتى إن نجيب محفوظ قال ذات يوم ضاحكاً: «لا أعرف شيئاً في البيت، حتى في مكتبتي، وإذا احتجت إلى مراجعة كتاب ما، فالأفضل والأسرع ليس بالبحث عنه في البيت، بل أشتري نسخة جديدة منه».

واستطرد شعير أنه التقى هدى ابنة نجيب محفوظ، وأجابته بأنهم لا يملكون أي مخطوطات ولا معلومات عن رواية أولاد حارتنا، إلا أنها تذكرت صندوقاً صغيراً يتضمن أوراقاً قديمة احتفظت بها والدتها، وأنها لا تدري هل هي كتابات أدبية أم أوراق مختلفة. وبالفعل قدمت صندوقاً من الكرتون بحجم كبير به عدد من الأوراق، وعندما أمسك بإحداها وقعت عينه على اسم «عمر الحمزاوي»، وهو أحد أبطال رواية الشحاذ، وكانت هذه أول ورقة يعثر عليها ناقد أو باحث أدبي بخط محفوظ، وتتضمن نسخة الكتابة الأولى لرواياته. وأكد شعير أن المخطوطات كشفت أن نجيب محفوظ كان يكتب بالقلم الرصاص، ربما لأن رغبته في المحو أكبر من الإثبات، وقد ذكر نجيب محفوظ في حوار معه أنه لا يبدأ الكتابة إلا بعد اكتمال الفكرة في ذهنه ونضجها، ويكون على علم تام بأبعاد القصة من أحداث وشخصيات، إذ يقول في ذلك: «أمتلك تخطيطاً ذهنياً للرواية قبل الكتابة ذاتها، الخطة فكرة عامة جداً، أما الكتابة فهي الرواية».

«الثلاثية»

عن ثلاثية نجيب محفوظ (قصر الشوق – بين القصرين – السكرية)، قال الناقد محمد شعير إنها كانت استثناء في تجربة نجيب محفوظ، حيث قام بعمل أرشيف مستقل لكل شخصية من شخصياتها، وذكر نجيب محفوظ في ذلك: «كل شخصية لها ما يشبه الملف، حتى لا أنسى الملامح والبصمات».

وقال شعير إن رحلة البحث عن أوراق محفوظ أوقعت تحت يده أوراقاً وروايات غير مكتملة، كذلك السيرة الذاتية التي كتبها محفوظ عن طفولته وسماها «الأعوام»، وقد أشار إليها الكاتب في كثير من حواراته.

1911

جاء إلى الحياة بعد ولادة متعسرة، وعلى يد طبيب قبطي اسمه نجيب محفوظ، وتيمناً باسمه سُمّي المولود.

1923

انتقل نجيب محفوظ من حي الجمالية إلى العباسية، وكانت بالنسبة له نقلة في مفهوم الحداثة.

1936

حسم محفوظ الأمر مع نفسه بأن يكون أديباً، بدلاً من السفر إلى فرنسا، للحصول على الدكتوراه في الفلسفة.

الأكثر مشاركة