2019 السنة التي أخذت معها «كبار السيما» المصرية

فتح خبر تدهور الحالة الصحية للفنان المصري القدير محمود ياسين منذ فترة، وإعلان زوجته الفنانة المعتزلة شهيرة عن استقرار حالته الصحية، باب الاستفهامات والقلق على مصير الحركة الفنية في مصر، في ظل غياب عدد كبير من نجوم الصف الأول، وقائمة طويلة من الأسماء البارزة في عالم الفن السابع، إما بسبب المرض أو الوفاة، بعد أن شهد عام 2019 انسحاباً واضحاً لكوكبة مهمة من النجوم، الذين رفدوا الساحة الفنية في مصر بأفضل وأنجح الأعمال السينمائية والتلفزيونية وحتى المسرحية الراسخة في ذاكرة المشاهد المحلي والعربي.

ورغم إصرار مخرجي الشاشة الفضية على الاستعانة بعدد من الوجوه الشابة في مختلف المسلسلات والأعمال الرمضانية التي يطرحونها في هذه الفترة على وجه الخصوص، إلا أن الأمر يختلف تماماً بالنسبة للأعمال السينمائية، التي لاتزال بحاجة ماسة إلى النجوم لجذب الجمهور إلى شباك التذاكر، الأمر الذي اعتبره الكثير من النقاد والمهتمين بالشأن الفني، وشريحة واسعة من عشاق الفن السابع والمهتمين بأخبار الساحة الفنية، علامة ضعف في الأجيال جديدة، تضاف إلى حالة الركود الفني والسينمائي التي تعيشها السينما المصرية في الفترة الراهنة، بعد انحيازها الجلي إلى سينما «الشباب» وأفلام «المناسبات»، التي يراهن عبرها صناعها ومنتجوها على نجومية «البطل الشاب» أو «المغني الشهير» وشعبيته لإنقاذ العمل، وحمل أعباء التكاليف الإنتاجية.

أسئلة المستقبل

13 هو عدد نجوم الفن الذين غيبهم الموت فرحلوا عن دنيانا هذا العام، وعلى الرغم من تفاوت حظوظ نجوميتهم، سواء في حقول السينما والدراما التلفزيونية أو المسرح، إلا أن غيابهم الجماعي منذ مطلع هذا العام شكل حالة من الحيرة حول مستقبل الفن، في ظل الفراغ الهائل الذي خلفته غياباتهم المتوالية وانسحاباتهم الجماعية من الساحة الفنية، سواء من ناحية المتابعة الجماهيرية الواسعة التي نجحوا في تحقيقها، أو المستوى الفني الذي تمتعوا به، ومن ذلك نوعية الأدوار والشخصيات التي جسدوها على امتداد مسيرتهم الفنية المضيئة، التي شكلت دون شك حالة فريدة من نوعها في مسيرة الفن العربي، وفي مفاهيم النجومية عربياً.

في شهر يناير، غيب الموت الفنان سعيد عبدالغني، الذي بدأ حياته صحافياً، قبل أن ينتقل إلى عالم المسرح والتلفزيون، وصولاً إلى السينما التي قدم فيها أهم أداوره في فيلم «إحنا بتوع الأوتوبيس»، الذي نال عنه شهادة تقدير فتحت له الباب واسعاً أمام نجومية خاصة، كان فيها «شرير السينما المصرية الأنيق» الحاصل على عدد لا يحصى من الأوسمة وشهادات التقدير الشعبي والرسمي.

أما في 14 فبراير، فقد فجع الوسط الفني في مصر بوفاة الفنانة نادية فهمي، التي درست التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة، ونجحت في تقديم أدوار عدة مع كوكبة من أبرز نجوم السينما المصرية، من بينهم محمود المليجي، وشكري سرحان، وغيرهما.

مباشرة بعد وفاتها، فوجئ الجمهور في 15 فبراير بخبر الإعلان عن وفاة محسن نصر، أحد أهم مديري التصوير في العالم العربي، ممن استطاعوا إبراز قدرات الكاميرا الخاصة في التعامل مع الممثل والمكان، بعد أن قدم رؤية بصرية متفردة في أكثر من 130 فيلماً، ما أهله لحيازة العديد من الجوائز والشهادات التقديرية في مصر والعالم العربي.

مشاهد ومواقف

شهد اليوم السابع من شهر أبريل رحيل الفنان إسماعيل محمود، صاحب شخصية «زاهر سليمان غانم» في مسلسل «ليالي الحلمية»، فيما توفي في 11 من الشهر نفسه، الممثل والمغني محمد الجندي، الذي جذبت موهبته الجمهور المصري والعربي على حد سواء، فنال ما يستحقه من التقدير الجماهيري والنجومية، سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون.

بعده بأيام، وتحديداً في السابع من مايو، توفيت الفنانة محسنة توفيق، التي اشتهرت بدور «بهية» في فيلم العصفور للمخرج يوسف شاهين في عام 1970، بعد أن أصبحت شخصيتها رمزاً للوطنية، فتغنى بها أحمد فؤاد نجم في أغنية الفيلم «مصر يمة، يا بهية».

في سياق الانسحابات والغياب نفسه، سجل شهر يونيو حالة غياب واحد من أبرز نجوم المسرح الكوميدي في مصر، وهو «ملك الكوميديا»، الفنان محمد نجم،الذي رحل في أول أيام عيد الفطر، تاركاً وراءه عشرات الأعمال الفنية الفارقة التي رافق فيها أعضاء فرقته المسرحية، وجملته الشهيرة «شفيق يا راجل»، في مسرحية «عش المجانين».

مباشرة بعده، رحل عن الساحة الفنان محمد أبوالوفا، الذي توفي في أواخر الشهر نفسه، تاركاً تاريخاً حافلاً بالنجاحات الفنية المسرحية، قبل أن ينتقل إلى عالم الدراما التلفزيونية.

ومع حلول شهر يوليو الماضي، تأثر الوسط الفني والجماهيري بوفاة كل من الفنان والموسيقي عزت أبوعوف، الذي فارق الحياة في بداية الشهر، بعد مسيرة فنية مضيئة، تنقل فيها بين عوالم الموسيقى والسينما، ليترأس مهرجان القاهرة السينمائي، وينتهي به المطاف نجماً وإنساناً يستذكره جمهوره وزملاؤه بكل المحبة والتقدير.

أما صباح 25 يوليو، فجاء حاملاً خبر وفاة الفنان فاروق الفيشاوي، بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان، الذي فضَّل النجم الإعلان عنه يوم تسلمه درع تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي العام الماضي، ليترك انسحابه حالة من الصدمة التي امتزجت بحزن دفين يوازي الحالة التي تركها غياب النجم المصري عزت أبوعوف.

آخر الراحلين

في الثامن من أكتوبر، فجع الوسط الفني بخبر إعلان وفاة الممثل المصري المعروف طلعت زكريا، عن عمر يناهز 56 عاماً، بعد مشوار فني حافل بالنجاحات المسرحية والدرامية والسينمائية، أشهرها دوره المميز في فيلم «طباخ الريس»، الذي حقق إيرادات واسعة، وجذب إليه أنظار الجماهير داخل مصر وخارجها.

في المقابل، شكل السابع من نوفمبر صدمة استثنائية، هزت الوسط الفني المصري، مع الإعلان عن وفاة الممثل الشاب هيثم زكي، ابن الممثل أحمد زكي والممثلة هالة فؤاد، إثر هبوط حاد في الدورة الدموية في شقته في الجيزة، بعد مسيرة فنية قصيرة شارك أثناءها في العديد من الأعمال السينمائية، مثل فيلم «حليم» و«البلياتشو» و«كف القمر»، وغيرها.

أما في الثالث من ديسمبر، فقد تم الإعلان عن وفاة المطرب الشعبي المعروف شعبان عبدالرحيم (شعبولا)، صاحب أغنية «أنا بكره إسرائيل» الشهيرة، التي كانت سبباً في شهرته، في الوقت الذي تصدى فيه الفنان الراحل لبطولة فيلم «فلاح في الكونغرس»، إلى جانب عبير صبري ونشوى مصطفى وعلاء مرسي، وفيلم «مواطن ومخبر وحرامي»، الذي رافق فيه الراحل صلاح عبدالله وخالد أبوالنجا وهند صبري، ليختتم حضوره في موسم الرياض بمشاركة فنية خاصة على كرسي متحرك.

في النهاية، وفي التاسع من ديسمبر، انضم المخرج المصري سمير سيف إلى قائمة الغيابات المتتالية عن المشهد السينمائي المصري، بعد إسهاماته المتعددة في أفلام النجم عادل إمام خلال عقد من الزمن (1981 ـ 1991)، مثل «الغول، الهلفوت، احترس من الخط، النمر والأنثى، المولد، وشمس الزناتي»، التي ترافقت مع ظهور في فيلم «كلام في الحب»، وإسهامات خاصة في التأليف والسيناريو، هي: لهيب الانتقام (1993)، والمطارد (1985)، والمشبوه (1981).

- عزت أبوعوف وفاروق الفيشاوي وطلعت زكريا وشعبان عبدالرحيم من الأسماء التي غابت.

- السينما، على خلاف التلفزيون، تحتاج إلى نجم شبّاك لجذب الجمهور.

 

الأكثر مشاركة