تقنية الهيلوغرام أعادت كوكب الشرق لتقف أمام جمهورها
أم كلثوم تُحيي حفلاً على مسرح أوبرا دبي
بعد رحيل كوكب الشرق أم كلثوم، منذ 44 عاماً ونيّف، عادت الفنانة المصرية الكبيرة «لتقف» على خشبة مسرح دبي أوبرا، أول من أمس، بتقنية الهيلوغرام، حيث استمتع عشاق ومحبو الطرب لحفل غنائي يحاكي الواقع، وتم نقلهم مع هذه التقنية من العالم الافتراضي الى العالم الواقعي، حيث تمكنت شركة «إن دي بي» المنظّمة للحفل، من أخذ الجمهور إلى زمن الأصالة واستعادوا على مدى ساعة كاملة أداء الراحلة أم كلثوم في أربع أغنيات، بحضور ثلاثي الأبعاد أضاف الكثير إلى دهشة الاستمتاع بألق الصوت والأداء.
في بداية الحفل أطلت سناء نبيل، المعروفة بحفيدة أم كلثوم، وأدت مقاطع من أغنيات الراحلة، لينتقل بعدها الحضور إلى عرض الهيلوغرام، حيث هبط المجسم الثلاثي الأبعاد للراحلة أم كلثوم عبر الضوء من أعلى المسرح، وسط تصفيق حار من الجمهور الذي عاش تجربة غناء الراحلة وحضورها بشكل مباشر. وامتد الحفل على مدى ساعة وربع الساعة، اشتملت على أربع أغنيات، وجاءت كل أغنية بإضاءة وألوان مختلفة، وكذلك بفستان مختلف، فيما كان المجسم مطابقاً للواقع في نقل دقة أداء ووقوف الراحلة على المسرح المتميز بالاتزان والحضور القوي.
وعن التحضير لهذا الحفل قال المنتج المنفذ ومخرج الحفل، حسن حينا، لـ«الإمارات اليوم»: «اعتمد التحضير لهذا الحفل على تقنية إعادة بناء الوجه من جديد، وذلك من خلال الصور عالية الجودة التي جمعناها من العائلة، أو التي تتوافر على محركات البحث، والتي أتاحت لنا رسم التفاصيل والملامح بشكلها الواقعي، واستغرق العمل على حفل أم كلثوم ما يقارب السنة». ولفت الى أن بناء شخصيات موجودة يحتم الاعتماد على شخص متمكن من حركات الشخصية، ويمكن أن يؤدي دورها، ولهذا تم التواصل مع الممثلة صابرين التي أتقنت دور أم كلثوم، وتماهت بالشخصية والحركات في المسلسل الذي جسدت فيه شخصيتها، وقامت بتأدية الأغنيات التي عرضت خلال الحفل، وذلك بهدف التقاط الحركات لتطبيقها على المجسم الثلاثي الأبعاد. وبعد الانتهاء من عملية تنفيذ الشكل والصورة، كان هناك عمل جاد على الصوت، وأوضح حينا أنه سحب صوت أم كلثوم من الأغنيات، وتم في ما بعد دمج الصوت مع المجسم التفاعلي، لتقديم تجربة الغناء المباشر للجمهور.
وعن بناء الشخصية، لفت حينا الى أنها عملية تعتمد على برامج متخصصة، وهي برامج قادرة على منح صورة ذات جودة عالية للمجسم، ثم يتم بعدها تلوينه ووضع تفاصيل العيون والشعر وكل الملامح، ليتم الانتقال الى الحركة، إذ يتم ربط الحركة بالإنسان.
وأوضح حينا أن وضع الحركات كان يتم ثانية بثانية، إذ تتحرك تفاصيل الوجه في كل ثانية، وبالتالي تتم دراسة الحركات ووضعها بشكل تسلسلي، وهنا نوه بدور الممثلة صابرين التي كانت متقنة لحركات أم كلثوم ومشبعة بشخصيتها، ما سهل عملية التحضير، موضحاً أنه «يجب أن تكون الشخصية التي تؤدي الدور ويتم تصويرها مدركة تماماً للشخصية الأساسية التي تلعبها».
أما كيفية أخذ الحركات من الممثلة صابرين، فلفت حينا الى أنه تم من خلال خوذة وضعت على رأس صابرين خلال تأديتها للأغنيات، وتتميز الخوذة بكونها مزودة بالكاميرات، وتم بعدها وضع علامات على الوجه لتحديد أماكن العضلات، فسجلت الكاميرات المثبتة حركات العضلات كلها، ثم نقلت هذه الحركات الى المجسم الذي صمم بشكل ثلاثي الأبعاد. ولفت الى أن بناء الحركات بالاعتماد على حركات شخص واقعي هو الذي يمنح هذه الصورة الافتراضية هذا المنحى الواقعي، وهذا يختلف عن ابتكار شخصية غير موجودة بالأساس.
أما في ما يتعلق بالتحدي الأكبر في هكذا إنتاج، فأكد حينا أنه يرتبط بالصورة والصوت، لافتاً الى أن التحدي المتعلق بالصوت لا يقل صعوبة عن تحدي الصورة، فالبحث عن صوت بجودة عالية جداً وقوي من حيث التسجيل يعد الأهم، مشيراً الى أن سحب الصوت استغرق الكثير من الوقت، فهذه التقنية تستخدم عادة بالكثير من الكليبات التي تعرض لدقائق وفترة قصيرة جداً، وليس في الكليبات الطويلة. وأشار الى أنها تحمل صعوبات أكثر في حفل كبير وعلى المسرح، لأنها تعرض مباشرة أمام الجمهور ولا يمكن الهروب من بعض التفاصيل من خلال الكاميرا أو الإضاءة أو زاوية التصوير، كما هو الحال مع استخدامها في الأفلام. ونوه بأنه تم اختيار مقاطع من الأغنيات الأكثر شهرة لأم كلثوم، وهي «انت عمري»، و«ألف ليلة وليلة» و«لسه فاكر» و«سيرة الحب». وأكد حينا أنه تم اختيار أطول فترة ممكنة من الغناء وتجنب الموسيقى الطويلة التي تتسم بها أغنيات أم كلثوم، لتقديم أكبر قدر من المتعة للجمهور مع هذه التجربة التي تحمل الكثير من الأحاسيس والمشاعر، لاسيما أن هناك فرقاً كبيراً بين رؤية شخص يحبه الناس عبر الشاشة أو أمام أعينهم.
وعن اختيار أم كلثوم وتقديم حفل لها، لفت المنتج المنفذ محمود بيشا الى أنها فنانة تحظى بشعبية كبيرة في العالم العربي، وهناك أجيال كثيرة تحبها وتحب مشاهدتها، فهي جزء من الثقافة الطربية وجزء من حياتنا اليومية، لافتاً الى أنهم يعملون على التحضير لحفل لطلال مداح، لاسيما بعد اختبار تحضير أغنية له قدمت في السعودية.
وأشار محمود بيشا الى أن تجربة الهيلوغرام ستكون جزءاً لا يتجزأ في الترفيه، فقد تم الإعلان عن حفل لويتني هيوستن، ومايكل جاكسون في العالم الغربي، باستخدام هذه التقنية، كما تم الترويج للكثير من المنتجات في دبي عبر هذه التقنية، ولهذا نسعى لتقديمها بشكل مختلف. وأشار الى أن المستقبل والأبحاث التي تقدم تشير الى أن العالم يتوجه الى إيجاد هذه التقنية على نحو واسع وكبير وبشكل يومي في المستقبل، كأن نرى هذه المجسمات بشكل معتاد، كما ستدخل في التعليم وغيره من المجالات، إذ يمكن المضي بهذه المجسمات من مكان إلى مكان، فالعالم الافتراضي سيخرج من إطار الشاشات.
كلفة الإنتاج
أكد المنتج المنفذ محمود بيشا أن هذا النوع من الانتاج يتسم بالكثير من الضخامة، كما أن كلفته المادية مرتفعة جداً، فإنتاج الحفل يقارب بكلفته انتاج فيلم سينمائي، كما أنه يتطلب وقتاً طويلاً من العمل، منوهاً أنهم ومع العمل بتجارب متعددة باتت لديهم القدرة على تخفيف ساعات العمل قليلاً. ولفت الى إمكانية انتاج حفلات كثيرة لشخصيات تستحق أن تعطى حقها، ولها قاعدة جماهيرية كبيرة في العالم العربي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news