شباب إماراتيون ينتزعون الضحك من القلوب
كوميديا الوقوف، أو الكوميديا الارتجالية، أو ما يُعرف بـ Stand up Comedy، هو نوع من أنواع الكوميديا، يطلق عليه فن الشخص الواحد، إذ يقف المؤدي أمام جمهور على المسرح، ويبدأ إطلاق النكات، ويتحدث عن موضوعات معينة بطريقة ساخرة ومضحكة، يتفاعل معها الجمهور، أو هو الفن الذي وصفه عبدالله القصّاب، أحد رواده من الشباب الإماراتيين، بأنه «فن انتزاع الضحك من القلوب».
في السنوات الأخيرة، استحوذ هذا الفن على عقول وقلوب الكثير، خصوصاً الشباب في العالم العربي، وأصبحت عروضه تقام في النوادي الثقافية والمقاهي والتجمعات الشبابية، والبعض أخذ من منصات التواصل الاجتماعي وسيلة للوصول إلى الجمهور.
وانتشرت هذه الموجة الفنية حتى وصلت إلى الإمارات، وأقيمت لها فعاليات ضمن المهرجانات الفنية الكبرى التي تقام على مستوى الدولة، ومنها مهرجان «المنصة» الذي نظمت فعالياته هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، في الهواء الطلق.
«الإمارات اليوم» تسلط الضوء على فن الـ«استاند أب» كوميدي الإماراتي، ومدى نجاحه بين أوساط الشباب في معالجة بعض القضايا المجتمعية بلغة الضحك والسخرية.
مهارات ورسائل
المواطن عبدالله علي (Abz)، واحد من أبرز الوجوه الإماراتية في عروض الـ«استاند أب كوميدي»، بدأ مشواره حينما كان عمر 17 عاماً، وشارك في مهرجانات متنوعة عدة بنيوزيلندا والإمارات، وكان أول إماراتي يقدم عرضه في Laugh Factory وThe Comedy Store في لوس أنجلوس.
وعن المهارات التي شجعت ABZ على الدخول لعالم الـ«استاند أب» قال عبدالله علي لـ«الإمارات اليوم» إن «الموهبة هي الأساس، إذ يجب أن يتميز الشخص الذي يقدم الـ(ستاند أب كوميدي) بحسه الفكاهي العالي، وقدرته على تقديم الأفكار والمشاهدات بشكل مضحك، ويمكنه بعد ذلك تطوير مهارته في بناء النكتة وجودتها، وأن يمتلك القدرة على الارتجال، وله عين تنتقد وترى ما يراه المشاهد العادي».
ويكمل علي: «غالباً ما تتناول الموضوعات التي يطرحها فنان الـ(استاند أب) حياته الشخصية، والمواقف التي تحدث معه، وموضوعات اجتماعية مختلفة، تخص مجتمعه ومجتمعات أخرى»، ويستطرد: «أتناول في طرحي موضوعات مختلفة عن ثقافات مختلفة، فالإمارات حاضنة لأكثر من 150 جنسية، وهذا التنوع والاندماج في بيئة واحدة يرضي الجميع، وهذا ما يجعل أمامنا مجالاً أوسع للكوميديا نتكلم به، لنبني مادة فيها نكتة ممتعة ومزاح خفيف، من دون الإساءة إلى أحد».
الرسالة إنسانية
ويرد عبدالله على اتهام البعض لفن الـ«ستاند أب كوميدي» بطرح القضايا والموضوعات من دون عمق حقيقي، يصل إلى حد التسطيح «لا يمكن تعميم ذلك، فهذا يعتمد على الأسلوب الذي يتبعه مؤدو الـ(استاند أب) أولاً، وإذا نظرنا إلى التاريخ، وبالتحديد إلى فترة الستينات في أميركا، سنرى أن فناني هذا الفن لعبوا دوراً في الحياة الاجتماعية، إذ كان الكوميديان على المسرح ويتناول قضايا حساسة، مثل التمييز وقضايا أخرى عميقة، وأسهم هذا الفن ولو بجزء بسيط في تحريك الوعي عند البعض».
انتزاع الضحك
عبدالله القصّاب، الذي يعد من المتميزين في عروض استاند أب كوميدي الإماراتية، والذي قدم عروضاً مميزة للعائلات في مختلف أنحاء الإمارات، يرى أن «فن الـ(ستاند أب كوميدي) يعد من الفنون الصعبة، فانتزاع الضحك من المشاهدين ليس بالأمر اليسير، وإيجاد الأفكار التي يمكن طرحها بشكل كوميدي، قد يفصله خيط رفيع عن السخرية من الآخرين».
ويكمل: «الـ(ستاند أب) فن قائم على الانصهار الكامل بين مشكلات الفنان والجمهور بشكل ساخر وكوميدي، كما يعتمد هذا الفن على الممثل الواحد الذي يقف أمام الجمهور، ويتحدث معه بشكل مباشر، وعليه أن يمتاز بالحركة وسرعة البديهة، والحس الفُكاهي، والارتجال».
ويؤكد القصاب أن «الجمهور العربي يتقبل هذا النوع من الفن بشكل رائع، لذلك يحرص على تقديم عروضه باللغة العربية ليتجاوز إشكالية تقليد الأجنبي».
رابطة للهواة
طالب الفنان، عبدالله القصّاب، بإنشاء رابطة دولية مقرها الإمارات تجمع هواة الـ«استاند أب كوميدي» من كل أنحاء العالم تحت مظلتها، طامحاً إلى أن تشهد السنوات المقبلة وجود أكاديميات متخصصة لإخراج جيل جديد، بشكل يناسب طبيعة العصر الذي يعيش فيه الإنسان اليوم.
استحوذ هذا الفن على عقول وقلوب الكثير، خصوصاً الشباب في العالم العربي.
فنان الـ«استاند أب» يتناول حياته الشخصية، وموضوعات تخص مجتمعه ومجتمعات أخرى.