«حدأة غابات أستراليا» و«خفافيش كورونا» تنهي «متلازمة الإنسان والطيور»
الطيــــــــور المُتهمــة!
لم تكن العلاقة بين الإنسان والطيور في أسوأ حالاتها كما هي اليوم، فالتاريخ نسج علاقة قوية وغريبة بين الاثنين اللذين دخلا في «متلازمة تاريخية» لا تفارقهما، جمعت بينهما في الحرب والسلم، في الصيد والتربية، فهي التي تغنَّى الشعراء بها «نوارس» و«بجعات» على ضفاف البحيرات، وهي رفيقة صيده في الصحراء والجبال، صقوراً جارحة، أو ساعي بريد ومرسالاً كما «الحمام الزاجل».
بقيت تلك العلاقة المتلازمة تترسخ بين الطيور والإنسان الذي أسبغ أسماءها على أبنائه، معبراً عن أمله وحلمه بأن يصبح الابن جارحاً قوياً، كما الشواهين والصقور والعقبان.
وجاء القصص القرآني الكريم، ليقدم لنا نماذج متعددة، وقصصاً تؤكد تلك المتلازمة بين الإنسان والطيور، فالغراب وعلى الرغم من تشاؤم البعض منه، كان «مبعوث الله» سبحانه وتعالى إلى ولد آدم قابيل، يعلمه كيف يدفن أخاه هابيل، فيما اختص الله (الهدهد) من دون ممالك الحيوان والطيور، ليقدم لنبي الله سليمان عليه السلام درساً مليئاً بالعبر والحكمة، من أن فوق كل ذي علم عليماً، وليصبح هذا الطائر الخجول رمزاً للخبر الصادق والمعلومة المؤكدة واليقين، وشعاراً حتى لأجهزة أمنية ومخابرات.
وازدادت العلاقة قوة، كون الطيور من الأطايب الموعود بها في الجنة: (ولحم طير مما يشتهون)، فيما أصبحت الطيور رمزاً للشعوب والدول، توضع على أعلامها وأختامها في السلم، وترسم على راياتها في الحروب. بل إن الثورات الحديثة جعلت من طائر أسطوري مثل العنقاء أو «الفينيق» شعاراً لها، في دلالة على الطائر المنبعث من الرماد حياً واستمرار تلك الثورات.
واستمرت الطيور في رسم المتلازمة مع البشر، فجاءت «طيور أبابيل» التي ورد ذكرها في القرآن الكريم رسلاً من الله، لتدخل في حسم صراع الخير والشر حول بيت الله الحرام في مكة المكرمة في واقعة «أصحاب الفيل».
وقبل تلك الواقعة، كانت الطيور مختبراً مفتوحاً لتثبيت واطمئنان قلب نبي الله إبراهيم عليه السلام، الذي طلب من الله أن يريه كيف يحيي الموتى حتى يطمئن قلبه بالإيمان. كما ورد ذكر الطير كذلك في قصة صاحب النبي يوسف عليه السلام في السجن.
وعلى الرغم من أن العرب يعتبرون طائر البوم «نذير شؤم»، كما الغراب، فإنه مثل رمزاً للحكمة عند اليونان القدماء والأوروبيين.
حديثاً، قد تكون أصدق أو أوضح علاقة ارتبطت بين الإنسان والطيور، هي العلاقة التي سجلها الحمام الزاجل عبر الأزمان والعصور، ثم العلاقة التي رسمها أهل الصحراء مع الصقور التي حظيت بعناية وتربية واهتمام تفوقت على سائر الطيور، الجارحة منها والمسالمة.
ومع ذلك، دخلت علاقة الإنسان اليوم في تحول كبير مع الطيور، عززتها الاتهامات التي توجه إلى طائر «الحدأة»، باعتباره سبباً رئيساً لانتشار حرائق الغابات في أستراليا، وإلى طائر «الخفاش» أو «الوطواط» المتهم الرئيس الأول في ظهور فيروس كورونا بالصين، باعتباره «خزان الفيروسات» كما يصفه العلماء، على الرغم من أن الخفاش من الثدييات، وما يربطه بالطيور هو جناحان وقدرته على الطيران، ليدخل هذان الطائران في قفص الاتهام الصحي، والبيئي، كما دخل الغراب والبوم قفص الاتهام النفسي المرتبط بالخوف والشؤم.
• تاريخ طويل من «غراب قابيل» و«هدهد سليمان» إلى طيور إبراهيم و«أبابيل».
للإطلاع على قائمة الطيـور المُتهمــة، يرجى الضغط على هذا الرابط.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news