ناصر القصبي: في «مخرج 7» «كوميدي» وسط الجدل
على امتداد أيام الشهر الفضيل، يتبارى نجوم الدراما في العالم العربي، ليس فقط في تقديم أهم الأدوار الفنية، بل وفي رهانات الاختلاف والتنوع في جذب جمهور الشاشة الفضية وعشاق الدراما كل عام، في الوقت الذي فرض فيه العزل المنزلي، بسبب انتشار فيروس «كورونا» المستجد، للمرة الأولى، ظروف متابعة استثنائية، ستوجه دفة الاهتمام والإقبال نحو الدراما العربية على وجه الخصوص، لتضاعف مشاهدات جميع الأعمال المتسابقة هذا العام، التي نقف اليوم على أبرز مميزاتها، وأكثر شخصياتها الفنية فرادة وخصوصية.
بعد غياب عن الأدوار الكوميدية امتد إلى قرابة الثلاثة أعوام، والتي كان آخرها السلسلة الكوميدية «سيلفي»، التي لاقت رواجاً واسعاً خليجياً وعربياً، يعود الممثل السعودي ناصر القصبي، مجدداً، إلى جمهوره من خلال دور كوميدي جديد في مسلسل «مخرج 7»، والذي يقدم فيه القصبي شخصية «دوخي» الأب والموظف الحكومي الذي ينتمي إلى الطبقة الوسطى من المجتمع، ويمضي وقته بين عمله كموظف مسؤول عن استلام شكاوى العملاء بإحدى المؤسسات الحكومية، وبين المواقف الطريفة التي يواجهها مع عائلته الصغيرة، زوجته، ووالدها الذي يقطن في البيت الكبير نفسه، وابنه المشاغب الصغير، وابنته الفتاة الجامعية المندفعة، فيما يقطن في الطابق الثاني شقيق القصبي الصغير المغلوب على أمره بسبب زوجته المتحكمة، التي تخضع باستمرار لأوامر وإرشادات أمها في تسيير شؤون بيتها وعلاقتها بزوجها.
آمال كبيرة
على صعيد بيئة العمل، لا يبدو «دوخي» مرتاحاً بعد تعليقه آمالاً عريضة على فكرة تعيينه في منصب المدير العام بعد تقاعد المدير السابق، ليفاجأ من ثم بتعيين مديرة جديدة شابة ذات شخصية جادة وصارمة يواصل الاصطدام بها، وذلك لعدم قدرته على تسيير أمور العمل حسب استراتيجيتها الجديدة، وعجزه المستمر عن مواكبة تطورات التكنولوجيا الحديثة وتطبيقها في مجال عمله. ما يدفع بالأمور إلى مآلات سيئة تنتهي بصدور قرار نقله إلى منطقة «الحديثة» شمالي السعودية، واستبعاده آلاف الكيلومترات عن العاصمة الرياض مكان إقامته مع أسرته الصغيرة.
أما في المنزل، فلا تبدو الأمور أقل ضراوة، إذ لا تخلو حياة «دوخي» من المشكلات والمقالب الكوميدية التي تتنوع بتنوع المواقف والأحداث التي صاغها قلم خلف الحربي، صاحب التجارب الناجحة في الأعمال الكوميدية، وأبرزها مشاركته السابقة في كتابة حلقات السلسلة الكوميدية «سيلفي».
أما إخراج العمل الجديد، فأوكل للمخرج أوس الشرقي الذي استطاع في هذا المسلسل تقديم القصبي والنجوم المصاحبين له برؤية جديدة، تجاوز معها المساحة المكانية الضيقة للأحداث التي تجري بين «فيلا» العائلة، ومكان عمل «دوخي»، التي وإن كشفت عن حدود الميزانية الإنتاجية المحدودة التي رصدت للعمل، فلم تمنع المشاهد من استكمال تتبع أحداثه والاستمتاع بها.
أداء متمكن
المتابع لأداء القصبي في المسلسل، لن يغفل حتماً ملاحظة التنوع الظاهر في أداء النجم كل مرة، وابتعاده هذه المرة عن أنماط فنونه الكوميدية الشهيرة، التي ظهر بها النجم السعودي في السنوات السابقة، خصوصاً سلسلة «طاش ما طاش» التي استمرت قرابة ربع قرن مع شريكه عبدالله السدحان على مدار 18 موسماً ناجحاً. في الوقت الذي لايزال فيه القصبي يثبت قدرته المستمرة على تحريك أدائه الفردي وضبط أسلوب تعبيره والتصرف بحكمة في مفاصل الشخصية والتحكم بالتالي في مداها وفي علاقاتها ببقية الشخصيات داخل العمل، ما جعله ينجح بسلاسة في التقلب بين مختلف الشخصيات الكوميدية والجادة، ومن ثم الخروج هذه المرة من عباءة الدور الدرامي الذي قدمه في مسلسل «العاصوف» على مدار موسمين متتاليين ليكرس به تجربة مختلفة المعالم والتفاصيل عن دور «دوخي» هذا العام.
في المقابل، لوحظ أن هذا الدور الجديد، رغم عدم تجاوز العمل حلقته الخامسة، سرعان ما شرع في إثارة حفيظة البعض، وذلك بعد تسليطه الضوء على عدد من التحولات الجذرية التي شهدها المجتمع السعودي في الآونة الأخيرة، التي بادر القصبي بالاشتراك مع نجوم المسلسل الجديد: حبيب الحبيب، وراشد الشمراني، وعبدالمجيد الرهيدي، وريماس منصور، وإلهام علي، وأسيل عمران، بالتطرق إليها وملامسة واقعها بحس أقرب إلى «الكوميديا الناقدة»، التي ابتعدت عن فخ التهريج الذي طالما وقع فيه الكثير من الأعمال السعودية، في محاولة مستميتة لجرِّ المشاهد إلى الضحك والابتسامة «المبتذلة».
من جانب آخر، وصف كثيرون عودة القصبي إلى الكوميديا، بالخطوة الحميدة التي حافظ فيها النجم على تصدره نسب المشاهدة والضحك في رمضان، وذلك لرصانة أدواته التعبيرية وقدرته على قيادة المشهد الكوميدي نحو «مناطق» و«زوايا» مقنعة تدعو إلى التأمل والتفكير.