«شوبينغ» بكمامة وقفازين.. فرحة «حذرة» بالعودة إلى مراكز التسوق
«نسعد باستقبالكم مجدداً.. وستظل صحة وسلامة عملائنا هي أولويتنا القصوى».. بهذه العبارات الترحيبية، أعلن عدد من المراكز التجارية في دبي عن افتتاح أبوابها للزوار، بعد أسابيع من الإغلاق ضمن إجراءات الدولة الوقائية لمكافحة ووقف انتشار فيروس كورونا المستجد، مقدمة نموذجاً فريداً من الكفاءة والقدرة على مجابهة أصعب الأزمات والتغلب عليها، معتمدة في ذلك على وعي الجمهور والتزامه الواضح بالتعليمات الوقائية العامة.
وبفرحة حذرة، استقبل الكثير من الناس إعادة الافتتاح الجزئي لمراكز التسوق والمولات والأسواق والمحال التجارية في دبي، ورغم المخاوف فإن مغريات «الشوبينغ» حتى لو كان بقفازين وكمامة طبية لا تفوت.. «الإمارات اليوم» كانت موجودة في الساعات الأولى لإعادة الفتح الجزئي، وكانت الملاحظة الأولى الحرص الواضح والملموس على تنفيذ سلسلة من الإجراءات التي تضمن سلامة المرتادين، ففي «دبي مول»، مثلاً، نلاحظ فوراً كاميرات الكشف الحراري المنتشرة في كل مكان، إضافة إلى فحص يدوي للزوار عند المداخل، للتأكد من ارتداء الجميع للقفازات والكمامات قبل دخول المركز، وصولاً إلى التأكيد على مسافات الأمان بين الزوار، وتطبيق شروط التباعد البدني، والتعقيم المستمر للأماكن لضمان أعلى درجات الحماية للزوار والعاملين.
التزام تام
ومن المؤكد أنه قد لا تشهد المراكز إقبالاً فورياً من المرتادين، فالأروقة والساحات الخارجية فيها حركة لمرتادين يبدو عليهم الحذر الشديد، وهو أمر إيجابي.. الصيدلاني ناجي جلال يقول: «متحمسون لاستعادة حركة المركز، بعد أن كان أمر إغلاق كل المحال التجارية، واقتصار الأمر على الصيدليات والمركز الطبي، محزناً للغاية»، لافتاً: «لاشك في أننا شهدنا، بالفترة الماضية، انخفاضاً واضحاً في عدد الزوار، كما كانت معظم المبيعات مرتكزة على مواد التعقيم والكمامات الخاصة والقفازات وأدوات الحماية التي لاتزال تلقى إلى اليوم الإقبال الأكبر على الإطلاق، أما اليوم، ومع عودة الحياة إلى المركز، فأصبح هناك فرق واضح في الإقبال، في ظل التزامنا بتطبيق الإجراءات الاحترازية، وأبرزها الحرص على الطاقة الاستيعابية المسموح بها في المحل، واتباع نظم التباعد الجسدي».
عودة منتظرة
معظم واجهات المحال التجارية لم تخفِ وراءها عدد المتسوقين، ممن تحصنوا بالكمامات المتعددة الألوان، واندمجوا في تجارب التسوق الممتعة، وسط ترحيب القائمين على هذه المحال وتذكيرهم الدائم باشتراطات السلامة، الشابة الفرنسية جولي بيروان بدت سعيدة للغاية، وهي تتجول في أنحاء «المول» وبدت متحمسة لشراء مستحضرات تجميل وعناية بالبشرة والشعر، وقالت: «أنا سعيدة للغاية لقدرتي على الخروج من المنزل إلى مركز التسوق، حيث كنت أقضي وقت فراغي وألتقي الأصدقاء، لا أنكر أنني كمعظم الناس شعرت بالضيق، خلال فترة العزل المنزلي. لكنني على يقين أنها فترة مؤقتة ستعود بعدها الحياة كما كانت وأفضل»، وترى جولي أن التسلح بالإيجابية ضروري، في مثل هذه المحنة التي يعيشها العالم.
عودة العيد
تماشياً مع قرار الافتتاح الجزئي لمراكز التسوق والمولات والأسواق والمحال التجارية في دبي، الذي نص على عدم السماح بدخول كبار السن فوق عمر 60 عاماً، والأطفال بين 3 ـ 12 عاماً، فإن الإماراتية آمنة الحمادي قررت احترام هذا القرار في عودتها الأولى إلى المول، مختارة ترك إخوتها في المنزل، ومرافقة أبيها الذي اقترح اصطحابها لشراء بعض الاحتياجات، مبدية ثقتها الكبيرة بسلامة التجربة، نظراً للإجراءات المشددة التي لاحظتها، وقالت آمنة «لديَّ ثقة كاملة بما تتخذه حكومة بلادي من قرارات هدفها الأول والأخير حماية الجمهور، والحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وأنا اليوم سعيدة بافتتاح (دبي مول)، وها أنا أقوم بجولة في أرجائه برفقة والدي، وقد اشتريت (كعكة) خاصة، وبعض الحلويات من المحل المفضل لديَّ، على أن أعود لاحقاً مع الوالدة، لاقتناء أغراض العيد».
عودة الأجواء
مع تحديد أوقات العمل الرسمية، من الساعة 12 ظهراً إلى الساعة 10 مساء، فقد وجد الشاب الجزائري عبدالعظيم شوتري فسحة جيدة لزيارة «السوبر ماركت» لشراء بعض الأغراض، باعتباره المكان الأقرب لسكنه، وشوقه للمكان الذي وصفه، قائلاً: «تعودت على زيارة مركز التسوق كل يومين أو ثلاثة، وقد شاءت الظروف أن تبعدنا عن هذا الطقس شبه اليومي، الذي أتحمس اليوم لاستعادته، متجولاً بمفردي بين أرجائه، ومستذكراً أجمل عاداتي فيه». ولم يفوت عادل أنور (باكستاني) فرصة الشهر الكريم وعودة الحياة إلى المركز، لاقتناء ما تيسر من البخور وكل أنواع الطيوب الخاصة بالشهر الكريم، ومن ثم التجمع مع الأصدقاء على مائدة الإفطار في إحدى مطاعم المركز، التي باتت تستقبل 30% من سعتها، وتحرص على التباعد بين الطاولات، معرباً عن حماسته بهذه العودة، التي ترافقت مع أجواء رمضان.
ووصف هشام عربي فتح الباب، الذي صادفناه يشرح خصوصيات أحد عطور عربته التجارية لزبونه، عودة النشاط التجاري بالأمر المفرح والمطمئن للكل، في ظل الإجراءات الاحترازية المكثفة التي أسهمت في إبعاد شبح الفيروس المستجد وتقليل أخطاره، متوقفاً عند إقبال الجمهور المتزايد على المحال بشكل عام، وعلى بضائعه المتناغمة مع روح الشهر الكريم، ما جعله حريصاً «على الوجود في السوق قبل موعده كل يوم بنصف ساعة، لترتيب أنواع البخور والزيوت العطرية في العربة».
حرص ومتابعة
في إطار حرص إدارة مول دبي على إجراءات السلامة والتباعد بين الأفراد، رصدت «الإمارات اليوم»، في جولتها بالمول، واقعة طريفة تدخل فيها بسرعة أحد أفراد الأمن بالمركز، لتنبيه مجموعة من الفتيات الأجنبيات إلى ضرورة عدم تبادل التحية والعناق بالطرق المعتادة ومخالفة التعليمات، الأمر الذي دفعهن إلى التفهم والاعتذار، وسط مفاجأة الجميع، وإعجابهم بحرص إدارة المول ومتابعتها لأدق التفاصيل الخاصة بحماية الزوار.
عادل أنور وهشام فتح الباب أمام عربة العطور العربية، والبخور المعتاد استخدامه في رمضان.