ملتقيات رسم ونحت في ضيافة مقابر نبلاء مصر القديمة
«مدينة الأموات» بالأقصر تتحوّل إلى وجهة للفنانين التشكيليين
عُرف البر الغربي لمدينة الأقصر التاريخية، بصعيد مصر، في الحضارة المصرية القديمة بأنه مدينة الأموات، حيث شيدت به مئات المقابر لملوك وملكات ونبلاء ونبيلات مصر القديمة، بجانب مجموعة من المعابد الجنائزية.
لكن مدينة الأموات تلك، صارت اليوم قبلة للفنانين التشكيليين في مصر والعالم، ومركزاً للملتقيات التشكيلية من رسم ونحت وتصوير، بعد أن صارت مقصداً لممارسة الفنون التشكيلية المعاصرة، وانتشرت بين أرجائها المعارض والورش والمؤسسات الفنية، في صورة قريبة من الصورة التي كانت عليها المنطقة قبيل آلاف السنين، حين كانت تعج بمئات من الفنانين الذين رسموا ونحتوا اللوحات الجدارية والتماثيل التي تزين مقابر ومعابد قدماء المصريين في جبانة طيبة.
وقال الفنان التشكيلي والأكاديمي المصري، الدكتور إبراهيم منصور، إن عشاق الفنون التشكيلية من المصريين والعرب والأجانب، وجدوا في البر الغربي لمدينة الأقصر - الغني بمئات المقابر وعشرات المعابد المصرية القديمة - المكان الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، والطبيعة الساحرة من نهر ونخيل وزروع وبيوت ريفية ذات طابع خاص، مثل تلك المباني التي شيدت على غرار عمارة المعماري المصري العالمي الراحل حسن فتحي، بقبابها المتفردة، والذي كان قد أقام قبيل قرابة 50 عاماً قرية كاملة في المنطقة، بجانب المفردات التشكيلية التاريخية التي يزخر بها البر الغربي لمدينة الأقصر، والمعابد والمقابر التي احتوت على لوحات جدارية وتماثيل ضخمة أبدعتها أنامل فناني مصر القديمة قبيل آلاف السنين.
وأشار منصور - الذي يعمل محاضراً بكلية الفنون في الأقصر - إلى أن انتشار المعارض والورش الفنية، في جبانة طيبة القديمة بالبر الغربي لمدينة الأقصر، أسهم في تعريف المجتمع بالفنون التشكيلية، كما أسهم في تسويق الأعمال الفنية للفنانين، وكان دافعاً لانطلاق أعمال التسويق الإلكتروني لكل اللوحات والمنحوتات التي تبدعها أنامل الفنانين من زوار المنطقة وسكانها، من المصريين والأجانب، وزادت من معدلات الإقبال على دراسة الفنون في كلية الفنون الجميلة بالمدينة.
وأضاف أن «استعدادات تجري لاستعادة زخم الحركة الفنية التي كانت رائجة في المنطقة فور انتهاء الآثار المترتبة على جائحة كورونا، وأن حالة من الحراك الفني ستستمر بالمنطقة على مدار العام عبر بناء شراكة دائمة بين كلية الفنون الجميلة فى الأقصر، ومجموعات المؤسسات والمعارض والورش الفنية التي تنتشر بامتداد المنطقة من الضفة الغربية لنهر النيل الخالد، وحتى جبل القرنة الذي يعد من أغلى وأغنى الجبال في العالم لاحتوائه على أكثر من 850 مقبرة، وقرابة 10 معابد، كان قد شيدها ملوك ونبلاء مصر القديمة في أحضان الجبل التاريخي قبيل آلاف السنين».
من جهته، رأى عميد كلية الفنون الجميلة في مدينة الأقصر، الدكتور يوسف محمود، أن البر الغربي للأقصر، حيث جبانة طيبة القديمة، صار اليوم غنياً بالورش والمعارض الفنية، وبات سكناً دائماً للكثير من الفنانين المصريين والأجانب.
وأضاف أن جبل القرنة التاريخي الذي يطل على المنطقة، ويمتد من شمالها لجنوبها، والذي نحتت به أعظم المقابر لملوك وملكات ونبلاء مصر القديمة، يوجد في جنوبه أقدم مدينة سكنها الفنانون بالعالم، وهي مدينة دير المدينة، التي شيدت للفنانين والعمال الذين نحتوا ورسموا وشيدوا أجمل المعابد والمقابر في القرنة، ووادي الملوك، ووادي الملكات، والأشراف، وذراع أبوالنجار، والعساسيف وغيرها من المناطق التي تحتوى بين جنباتها قرابة عشرات المعابد ومئات المقابر المصرية القديمة.
يذكر أن فنون الرسم والنحت والنقش البارز والغائر قد ازدهرت بمصر القديمة، بوجه عام وفي البر الغربي لمدينة الأقصر، حيث أقيمت جبانة طيبة القديمة، بوجه خاص، ويدل ما تزخر به من مقابر ومعابد قدماء المصريين على ما وصلت إليه الفنون المصرية من سمو قبيل آلاف السنين.
وكانت اللوحات الجدارية على جدران المقابر والمعابد، والتماثيل التي تنتشر وسط المعالم الأثرية التي شيدها المصري القديم بالجيزة والأقصر وأسوان وقنا وسوهاج وغيرها من محافظات مصر التاريخية، من بين أهم العلامات المميزة للفن المصري القديم.
تجربة مدهشة
قالت الأكاديمية في جامعة الإسكندرية الفنانة التشكيلية الدكتورة غادة جلال، إنها استمتعت بالمشاركة في تجربة فنية مدهشة، قرب تمثالي ممنون الشهيرين اللذين شيّدهما الملك أمنحتب الثالث عند المدخل الشرقي لجبانة طيبة القديمة، مشيرة إلى أنها كانت ضمن المشاركين بورشة أقامها غاليري الأقصر للفنون، للنحت على «حجر التلك»، وقدمت من الإسكندرية للاستمتاع بممارسة فن النحت في رحاب آثار مصر القديمة في البر الغربي للأقصر.
البر الغربي لمدينة الأقصر غني بمئات المقابر والمعابد القديمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news