حاتم علي: المسلسل السوري يكاد يختفي
لا يحمل المخرج والممثل السوري، حاتم علي، نظرة متفائلة عن وضع الدراما السورية، إذ يراها تمر بأسوأ مراحلها على الإطلاق، لأن العمل في الدراما بسورية يواجه الكثير من المشكلات التي خلفتها الحرب، وأثرت سلباً في كل الصناعات، بما في ذلك صناعة الدراما.
وتطرق حاتم علي في حواره مع «الإمارات اليوم» إلى صناعة السينما والدراما ومشكلاتهما في العالم العربي بشكل عام، مشيراً إلى أنه انتهى من فيلمه الأخير في كندا، وهو بعنوان «سلام بالشوكولاتة»، والذي صوّر تحت إدارة المخرج الكندي جوناثان كيثر.
وشبّه الفنان السوري واقع الدراما في بلده بواقع أي صناعة «فالحرب دمرت كل الصناعات، بما فيها الدراما، فالمسلسل السوري يكاد يختفي، وداخل الوطن هناك مجموعة مخرجين يحاولون تقديم تجارب ولكن ليس هناك تمويل وإمكانات ومساحة كافية من الحرية، وكل ذلك يؤدي إلى تراجع الدراما التي تعد في أسوأ حالاتها». ونفى أن تنطبق مقولة الإبداع يولد من رحم المعاناة على الدراما «فهذا قد ينطبق على الفنون الفردية، كالكتابة والرسم والموسيقى، ولكن ليس على الفنون التي تحمل بجانب منها صناعة، تحتاج إلى تمويل واستقرار وشروط كثيرة هي بطبيعة الحال غير متوافرة في زمن الصراعات والحروب».
وأضاف «كاذب من يدعي أنه يمكن أن يعمل من دون تنازلات في هذه الظروف، فالدراما السورية تكاد تختفي، وكثيرون من العاملين في المجال يعيشون في الشتات، ويعملون في بيئات غير البيئة السورية، في محاولة للتأقلم مع المرحلة، وهذا بالتأكيد على حساب الخيارات، وعلى حساب الصنعة الفنية، ومحظوظ ذلك المخرج الذي يجد مشروعات تناشد تطلعاته، وتحاكي المناخات التي يفتقدها».
مسلسلات رمضان
عن ارتباط الدراما بشهر رمضان الكريم، والتزام الإنتاج بـ30 حلقة، اعتبر حاتم علي أنه توجد محاولات للخروج من هذا السياق الدرامي، إذ أنتجت أعمال من 10 حلقات، ولكن هذا لن يلغي وجود المسلسل الرمضاني، فعادة إنتاج الدراما الرمضانية يرتبط بالتسويق، واليوم بدأت الإعلانات تتسرب إلى منصات أخرى، وهذا شجع صناع الأعمال على الذهاب إلى تلك المنصات، وستزداد مع الوقت.
ولفت إلى أن «وجود أجزاء عدة للمسلسل جزء من الصناعة الدرامية، وموجود في الخارج، ويتبع تقبّل الجمهور، فطالما أنه مستعد للمشاهدة والعمل يحصل على الإعلان فيمكن إنتاج أجزاء منه، فالمعيار هو البيع، والعائد المادي أيضاً هو تعبير عن عدد المشاهدات».
وحول السينما، قال حاتم علي، إن «قوة السينما الأميركية تكمن في كون العالم كله عبارة عن سوق لهذا المنتج، ومن هذا المنطلق أيضاً تستمد السينما المصرية قوتها، فهناك 100 مليون مشاهد مصري، إضافة إلى السوق العربية كلها، والسينما الهندية كذلك، هذه الأنواع من السينما لها أسواق، ولهذا تحولت إلى صناعة». وأضاف: «أمام سيطرة الفيلم الأميركي، نجد أن السينما الأوروبية لها مشكلات تكاد تتشابه مع مشكلاتنا العربية، ولهذا نحن بحاجة إلى مقومات أخرى، ومن هنا تنبع أهمية المبادرات الاجتماعية والحكومية وصناديق الدعم وورش العمل التي تناقش مشكلاتها وتستخلص الحلول، ففي النهاية النشاط السينمائي هو جزء من النشاط الاجتماعي، وهو تعبير عن حالة المجتمع وتطورها وانخراطها في حوار حضاري مع المجتمعات الأخرى، وبالتالي هذه الصناعة لا تتحدد أهميتها من العائد الاقتصادي، فالأخير هو أحد جوانب ومكتسبات هذه الصناعة، إذ إنها تتجاوز البعد الاقتصادي بأبعاد مجتمعية حضارية وسياسية وإنسانية».
إرادة تطوير
عن الصناعة السينمائية في الإمارات، والتي كانت له تجربة فيها، نوه حاتم علي إلى وجود الإرادة لتطوير القطاع: «شهدت الإمارات ولادة مهرجانين عملاقين، قدما إسهامات كبيرة في صناعة السينما المحلية والعربية من خلال صناديق الدعم، وللأسف في عز تألق المهرجانين توقفا، وهناك محاولات خلق تظاهرات بديلة، ومنها (فيلم في الصحراء) المتوجه لصناع الأفلام الإماراتيين».
ولفت إلى أن الإمارات تحوي صالات عرض كثيرة نسبياً، فيما لو قورنت ببلدان عربية كتونس ولبنان وسورية، علاوة على تنوع الجمهور في الإمارات، الذي يعد ميزة إيجابية قد تحمل تأثيرات سلبية على الفيلم المحلي، ولهذا يواجه تحديات كبيرة، منها الجمهور، وكيفية الوصول إليه، ومخاطبة الجمهور المتنوع والعالمي دون التخلي عن خصوصية المجتمع، وكيف يمكن إيجاد الموضوعات والأشكال التي تروي هذه الموضوعات، لأن السينما تحرز تطورات كبيرة على صعيد الخطاب وتقنيات القص والعرض، مع التركيز على المضمون، لأن الخصوصية هي الطريق الوحيد إلى العالمية.
وأعرب علي عن حزنه لغياب الصناعة السينمائية في سورية، إذ يجد متنفساً في الدراما، التي وصفها بالصناعة الجماهيرية الشعبية، مشيراً إلى أنه هنا تكمن قوتها ونقطة ضعفها أيضاً، فضمن إطار الشعبوية تبقى الدراما عصية على التطوير، على خلاف السينما التي تعد منصة أكبر للطرح على صعيد المضمون والشكل «ففي السينما نختار الجمهور، بينما التلفزيون يتوجه إلى شرائح اجتماعية مختلفة، ولكل الأعمار، والخطاب يجب أن يكون مبسطاً كي يلقى الإجماع، ولابد من أخذ الحذر في طرح الموضوعات، خصوصاً أننا ندخل البيوت، وهناك شروط لهذه الضيافة».
«سلام بالشوكولاتة»
انتهى حاتم علي من تصوير فيلم «سلام بالشوكولاتة»، وهو من إخراج الكندي جوناثان كيثر، ويتحدث عن عائلة سورية هربت من الحرب إلى كندا.
وقال علي عن دوره في الفيلم: «ألعب دور الأب الذي كان يمتلك معملاً للشوكولاتة، وحاول إعادة التجربة في كندا، واستطاع النجاح بتأسيس (شوكولاتة السلام)، التي تحدث عنها رئيس الوزراء الكندي، ورواد الفضاء حملوها إلى الفضاء، فهي قصة نجاح حقيقية».
وأضاف أن الإنتاج كندي يضم ممثلين كنديين وسوريين، واصفاً التجربة بكونها لم تشعره بالغربة، كما أن مقاربة الموضوع تمت من خلال السخرية والطرافة، دون شعارات كبيرة وميلودراما أو كليشيهات.
وعن العمل تحت إدارة مخرج، لفت إلى أن هذا يعني إيمانه بالمخرج، وبالتالي يخلع رداء المخرج، ويقوم بدوره كممثل للوصول إلى ما يريده الآخر، مضيفاً: «يغلب المخرج على شخصيتي أكثر من الممثل، فالممثل جزء من العمل الفني، وهو جزء مهم، والأكثر ظهوراً والأكثر حصداً لنتائج العمل الفني، ولكن تبقى حدود إبداعات الممثل محصورة بحدود الشخصية، فالعمل الفني تعود ملكيته للمخرج، وقد تنازلت عن الأضواء وما تقدمه من مغريات في سبيل الحصول على وسيلة تتيح لي التعبير عن نفسي».
داخل سورية هناك مجموعة مخرجين يحاولون تقديم تجارب ولكن ليس هناك تمويل وإمكانات.
الفيلم الإماراتي يواجه تحديات، منها الجمهور المتنوع، وكيفية الوصول إليه دون التخلي عن الخصوصية.