إحدى نجمات الزمن الجميل ونموذج للفن الجاد
رجاء الجداوي.. «الأنيقة» ترحل دون مراسم
بلا مراسم حاشدة.. ولا جنازة مزدحمة يشهدها النجوم وجمهورها العريض.. ودّعت مصر، أمس، الفنانة القديرة رجاء الجداوي، التي توفيت داخل مستشفى الحجر الصحي بمدينة الإسماعيلية عن عمر ناهز 82 عاماً، بعد صراع استمر نحو 43 يوماً مع فيروس «كورونا» المستجد.
ووصفت وزارة الثقافة المصرية الفنانة الراحلة بأنها «إحدى نجمات الزمن الجميل ونموذج للفن الجاد. إذ نجحت بحسها الراقي أن تخلق شكلاً مميزاً للأدوار التي لعبتها طوال تاريخها الفني الممتد».
ومنذ الستينات من القرن الماضي، شاركت رجاء الجداوي في قرابة 400 فيلم ومسلسل تلفزيوني ومسرحية بجانب كبار نجوم السينما المصرية، مثل فاتن حمامة وعادل إمام، لتنال شهرة واسعة في العالم العربي.
وُلدت رجاء الجداوي في السادس من سبتمبر عام 1938 باسم نجاة علي حسن الجداوي، وعاشت فترة من طفولتها مع خالتها الممثلة والراقصة تحية كاريوكا، وجسّدت دورها لاحقاً في مسلسل «السندريلا» للمخرج سمير سيف. انتقلت رجاء إلى القاهرة وهي طفلة برفقه شقيقها الأكبر للإقامة مع خالتها الفنانة تحية كاريوكا التي تولت رعايتهما، والتحقت بمدارس (الفرنسيسكان) بالقاهرة، حيث تعلمت الفرنسية والإيطالية في سن مبكرة، ثم عملت في قسم الترجمة بإحدى الشركات الإعلانية، كما أوردت، أمس، وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية (أ.ش.أ) في تقرير لها حول الراحلة.
دخلت رجاء الجداوي الفن عبر المرور بعرض الأزياء، وتعدّ من أقدم الفنانات العربيات اللائي لم يغبن عن الشاشة، إذ كانت بدايتها الفنية، من خلال فيلم «غريبة» عام 1958، وسنوات عملها الفني التي وصلت إلى 62 عاماً.
حكاية عمر
قالت رجاء الجداوى، في تصريحات سابقة: «انفصل والدي عن والدتي ونحن أطفال صغار عندما كان عمري أربعة أعوام فقط، ورغم الانفصال ظلت علاقتنا به طيبة، والدتي كانت سيدة عظيمة تفرغت لتربيتنا حتى حضرت للقاهرة أنا وأخي الأكبر (فاروق) لمنزل خالتنا تحية التي تولت تربيتنا، وأصرّت خالتي على إلحاقي بمدرسة أجنبية هي مدرسة (الفرنسيسكان) التي لم يكن يلتحق بها سوى علية القوم».
وأضافت: «لم تبخل أبداً في إنفاقها علينا وتعلمت في سن مبكرة الفرنسية والإيطالية، وكان لوجودي في هذه المدرسة دور كبير في تعلم أصول (الإتيكيت) والنظام، ما أسهم في تكوين شخصيتي كفنانة وإنسانة، كما أسهم وجودي بالمدرسة لمدة 11 عاماً متواصلة في الاعتماد على نفسي فقد كانت الدراسة داخلية، ولم نكن نخرج منها سوى يومي السبت والأحد فقط من كل أسبوع».
وتابعت الراحلة: «في المدرسة تربى بداخلي من الصغر الاستقرار وعشق القراءة للأدباء العالميين باللغة الإنجليزية، دون أن أهمل القراءة لأدبائنا العرب، كان في مقدمتهم معشوق البنات في هذا الوقت إحسان عبدالقدوس، وقد اشتهرت المدرسة بفضل دراستي بها بعد ذلك فحتى اليوم يقولون (الفرنسيسكان) بتاعة رجاء الجداوي».
حصلت رجاء الجداوي على «وشاح سمراء القاهرة» في كرنفال بحديقة الأندلس، الذي حصلت من خلاله على جائزة «ملكة حوض البحر المتوسط».
أعمال بالجملة
قدمت رجاء الجداوي أفلام: «إشاعة حب» و«ثمن الغربة» و«أيام في الحلال» و«بريق عينيك» و«عاد لينتقم» و«الوحل» و«البيه البواب» و«تيمور وشفيقة» و«الثلاثة يشتغلونها» و«كركر» و«مراتي وزوجتي» و«من 30 سنة».
وجمعتها علاقة فنية قوية بالممثل الكوميدي عادل إمام، وشاركت في كثير من أعماله مثل: فيلم «حنفي الأبهة» ومسلسلي «أحلام الفتى الطائر» و«عوالم خفية» ومسرحيتي «الواد سيد الشغال» و«الزعيم».
من أبرز مسلسلاتها التلفزيونية: «هند والدكتور نعمان» و«أوان الورد» و«تامر وشوقية» و«نونة المأذونة» و«عائلة الحاج متولي» و«شربات لوز» و«يوميات زوجة مفروسة أوي» و«في غمضة عين» و«لعبة النسيان»، الذي كان آخر عمل عرض لها في شهر رمضان الماضي.
وفي فبراير الماضي نالت رجاء الجداوي تكريماً من إدارة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته الرابعة. كانت لها تجارب في مجال التقديم الإذاعي والتلفزيوني، وشاركت المذيع عمرو أديب، تقديم برنامج «الحكاية» على قناة «إم.بي.سي مصر». وتزوجت من حارس مرمى النادي الإسماعيلي لكرة القدم الراحل حسن مختار، ولها منه ابنة وحيدة.
ساحة عزاء بديلة
خلّف رحيل الفنانة القديرة رجاء الجداوي حالة من الحزن الحقيقية على حسابات النجوم بمواقع التواصل الاجتماعي، التي تحوّلت إلى ساحة عزاء بديلة لنجمة كبيرة تركت إرثاً فنياً حافلاً، في السينما والتلفزيون والمسرح، وكذلك على منصّات الأزياء، التي ارتبطت بها رمزاً للأناقة والموضة.
ورثى حشد كبير من النجوم رجاء الجداوي، مرفقين كلماتهم بصور الراحلة. وكان في مقدمة الفنانين الذين رثوا النجمة الراحلة: سوسن بدر، نبيلة عبيد، عمرو دياب، أنغام، سمية الخشاب، عبدالمجيد عبدالله، أمير كرارة، أحمد السقا، نانسي عجرم، هيفاء وهبي، نجوى كرم، شريف منير، أشرف زكي، إليسا، محمد حماقي، محمد هنيدي، الفنانة أحلام، وآخرون.
ووصف العديد من الفنانين الراحلة بأنها كانت بمثابة الأم بالنسبة إليهم، فكتبت الممثلة مي كساب: «إنا لله وإنا إليه راجعون توفيت إلى رحمة الله تعالى أمي #رجاء_الجداوي».
بينما قال الفنان أحمد السعدني ناعياً الراحلة: «الله يرحمك يا طيبة يا محترمة يا راقية يا جدعة يا حنينة يا ماما رجاء».
لم تصمد طويلاً أمام الفيروس
أصيبت الفنانة الراحلة رجاء الجداوي بفيروس «كورونا» أثناء تصوير الحلقات الأخيرة من مسلسل «لعبة النسيان»، الذي عرض في شهر رمضان الماضي، ونقلت إلى أحد مستشفيات العزل بمحافظة الإسماعيلية، ورغم تحسّن حالتها في البداية، فإنها لم تصمد أمام الفيروس، بعد وجودها لمدة 43 يوماً فى العزل الصحي لمستشفى أبوخليفة بالإسماعيلية، إذ وضعت على جهاز تنفس اصطناعى اختراقى داخل العناية المركزة بالمستشفى، بعد تدهور حالتها الصحية، ولفظت أمس، أنفاسها الأخيرة، تاركة خلفها تاريخاً فنياً حافلاً. وبسبب التدابير الصحية المعتمدة حالياً في مواجهة وباء «كورونا»، ووري جثمان الفنانة الراحلة الثرى، بلا مراسم، في مدافن العائلة في حي البساتين جنوب القاهرة.
تكريم أخير
في فبراير الماضي نالت الراحلة رجاء الجداوي تكريماً من إدارة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته الرابعة.
وتصدر نبأ وفاة الفنانة قائمة المواضيع الأكثر تداولاً في بلدان عربية عدة صباح أمس، مع سيل من تعليقات الإشادة بالفنانة التي وصفها كثر بأنها من «أكثر النساء العربيات أناقة».
«في المدرسة تربى بداخلي من الصغر الاستقرار وعشق القراءة للأدباء العالميين باللغة الإنجليزية».
1938
العام الذي ولدت فيه الفنانة رجاء الجداوي في مدينة الإسماعيلية.
400
فيلم ومسلسل تلفزيوني ومسرحية شاركت فيها النجمة الراحلة.
43
يوماً، قضتها الفنانة الراحلة في مستشفى العزل الصحي بمدينة الإسماعيلية.
1958
السنة التي قدمت فيها رجاء الجداوي أول فيلم لها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news