150 عازفاً حافظوا على مقتضيات التباعد الجسدي
مهرجانات بعلبك: حفلة وحيدة بلا جمهور
شعت «مدينة الشمس» بعلبك غناء وفرحاً، أول من أمس، خلال حفل موسيقي ضخم من دون جمهور هو الوحيد لهذا العام في إطار المهرجان اللبناني العريق، في حدث يرتدي رمزية كبيرة في ظل أزمة غير مسبوقة تشهدها البلاد.
وعلى مدى ساعة من الوقت، تابع اللبنانيون عبر المحطات التلفزيونية المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي الحفلة التي حملت عنوان «صوت الصمود»، وأحيتها الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية بقيادة المايسترو هاروت فازليان.
وتوزع أكثر من 150 مشاركاً بين عازفين ومغنّي كورس على أرجاء باحة معبد باخوس في القلعة الرومانية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث، محافظين بدرجة كبيرة على مقتضيات التباعد الجسدي الذي فرضه تفشي فيروس كورونا المستجد.
وفي سينوغرافيا لافتة من توقيع جان لوي مانغي، ومشهدية مسرحية متقنة راعت خصوصية الموقع التاريخي ورمزيته، تحلّق المشاركون داخل المعبد الروماني ضمن حلقة دائرية مع هالة نور بما يشبه شمساً ساطعة بخيوط ذهبية في قلب «مدينة الشمس».
كذلك تنقل المشاهدون مع الكاميرا بين زوايا معبد باخوس الذي أضيئت أعمدته بألوان مختلفة طغى عليها الأحمر، مع إخراج تلفزيوني استُخدمت فيه أحدث التقنيات البصرية، بما يشمل خصوصاً لقطات جوية أظهرت القلعة التاريخية التي وقف على أدراجها كبار الفنانين في لبنان والعالم منذ انطلاق مهرجانات بعلبك قبل أكثر من ستة عقود.
وتضمن البرنامج الموسيقي مجموعة منوعة من الأعمال الفنية، تمازجت فيها المقطوعات الكلاسيكية كـ«أو فورتونا» من نصوص كارمينا بورانا و«نشيد الفرح» لبيتهوفن، بالأغنيات اللبنانية من أعمال الأخوين الرحباني إضافة إلى الروك.
كما عرضت خلال الحفل على أعمدة المعبد مشاهد تذكّر بأبرز الأسماء التي استضافتها المهرجانات منذ مسرحيات فيروز وحفلات أم كلثوم في الستينات والسبعينات، مروراً بكبار المغنين والمسرحيين وراقصي الباليه في العالم، من أمثال إيلا فيتزجيرالد وموريس بيجار ومايلز ديفيس.
وقدم خلال السهرة أيضاً الممثل اللبناني رفيق علي أحمد مشهداً مسرحياً مقتبساً من قصة «دمعة وابتسامة»، للأديب والفيلسوف اللبناني جبران خليل جبران.
وتفاعل اللبنانيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع الحفلة التي وصفها منظموها بأنها «صرخة أمل»، للتأكيد على أن «الثقافة في لبنان لن تموت». وأشاد كثيرون بينهم سياسيون وإعلاميون، بالحدث الذي يقدم مشهداً إيجابياً عن لبنان يتعارض مع الجو السائد بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تتخبط فيها البلاد.
ويشهد لبنان عادة خلال الصيف الكثير من الحفلات والمهرجانات الموسيقية في سائر أنحاء البلاد، والتي استقطبت في العقدين الماضيين بعضاً من أشهر الفنانين العالميين، بينهم شاكيرا وستينغ وأندريا بوتشيلي وبلاسيدو دومينغو.
غير أن البلاد تمر حالياً بأسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، مع أزمة سيولة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين أموالهم بالدولار، فضلاً عن ارتفاع معدّل التضخّم، ما جعل نحو نصف السكّان تحت خط الفقر. ويضاف إلى ذلك تبعات جائحة «كوفيد-19» والإغلاق الذي رافقها.
حفلات قليلة
لم يعلن أي من المهرجانات اللبنانية الأخرى عن برامج فنية لهذا العام، غير أن معلومات صحافية تحدثت أخيراً عن التوجه لإقامة حفلات قليلة لفنانين لبنانيين خلال شهري أغسطس وسبتمبر، يحضرها جمهور صغير التزاماً بتدابير مكافحة الوباء.
المهرجانات
استضافت، منذ مسرحيات فيروز وحفلات أم كلثوم في الستينات والسبعينات.
اللبنانيون تابعوا الحفلة عبر المحطات التلفزيونية المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news