الزراعة في الإمارات.. رحلة الأفلاج تصل إلى الاستدامة
صفحة أسبوعية تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، بهدف التعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسّسون للدولة من أجل قيامها، وربطها بما يحققه قادة الإمارات اليوم وأبناؤها من إنجازات شهد لها العالم.
رغم أن التداعيات السلبية لجائحة فيروس «كوفيد-19» امتدت لمختلف مجالات الحياة حول العالم، فإن هناك قطاعات شهدت رواجاً كبيراً، وتحوّلت إلى مركز اهتمام الدول والأفراد على حد سواء، من بينها الفضاء الرقمي، الذي أصبح عالماً موازياً تتواصل فيه الحياة التي توقفت مظاهرها في الواقع، وكذلك قطاع الزراعة والأمن الغذائي، الذي أصبح شاغل الدول والحكومات لتوفير حاجات شعوبها من الطعام. أما في الإمارات فقد جاءت كلمات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مطمئناً الجميع بأن «الدواء والغذاء خط أحمر.. والإمارات قادرة على تأمينهما إلى ما لا نهاية.. لا تشلون هم»، هذه الكلمات خلقت واحة أمل للجميع، وخلقت حالة من الأمان والاطمئنان بين الكبار والصغار.
صمام الأمن الغذائي
في ظل الجائحة، أصبح مجال الزراعة في دائرة الضوء، وظهر بوضوح أن ما استثمرته الإمارات على مدى ما يزيد على أربعة عقود في مجال الزراعة قد أثمر، وأن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان سبّاقاً في اهتمامه بقطاع الزراعة منذ بداية قيام الاتحاد، وهو ما أشار إليه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قائلاً: «إن الوالد الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان يولي الزراعة اهتماماً خاصاً، ويقدم لها الدعم، ولم يعترف أبداً بالعقبات والتحديات أمامها، ولم يستمع إلى من قالوا له إن الزراعة ليس لها مستقبل في بلادنا، لأنه، رحمه الله، كان بعيد النظر، ويرى أن الزراعة أمر أساسي في حياة أي مجتمع، وواصل صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، الاهتمام بهذا القطاع، وتقديم أشكال الدعم كافة للمزارعين، لتحفيزهم وتطوير مشروعاتهم الزراعية الحيوية».
فقد آمن الشيخ زايد منذ البداية بأهمية الزراعة، وهو ما عبّر عنه في مقولته الشهيرة: «أرني بلداً يتمتع بقاعدة زراعية قوية، أرك بلداً قوياً راسخاً»، وكذلك مقولته: «أعطني زراعة، أضمن لكم حضرة»، ولذلك بذل كثيراً من الجهد منذ أن كان حاكماً للعين، لتطوير الزراعة واستصلاح أراض جديدة وحفر وتجديد أفلاج المياه بها. وبعد قيام الدولة، رصد ميزانية ضخمة لتطوير قطاع الزراعة في الدولة، وقام بنفسه بالتجول في أنحاء الدولة للتعرف إلى متطلبات المزارعين وما يواجهونه من مشكلات ومصاعب لتذليلها لهم، بهدف استقطاب مزيد من المزارعين وإطلاق مشروعات زراعية محلية.
حلول مناسبة
وضع المغفور له الشيخ زايد حلولاً مناسبة للمشكلات رئيسة التي يعانيها هذا القطاع، مثل ندرة موارد المياه والأراضي الصالحة للزراعة، وملوحة التربة، والظروف البيئية الصعبة، وارتفاع تكاليف الإنتاج، والآفات الزراعية، وخسائر ما بعد الحصاد، وقد بذل جهوداً عديدة للحفاظ على الموارد المائية، مع التركيز على تعزيز استخدام وتركيب نظم الري الحديثة لاستبدال طريقة الري بالغمر، التي تهدر كميات كبيرة من المياه، وكانت النتيجة أن نسبة استخدام نظم الري الحديثة، مثل (أنظمة الري بالرش، وبالتنقيط، وبالنافورة) إلى 91% عام 2011، بعد أن كانت 32% عام 1999. كما ارتفع عدد المزارع من 4000 مزرعة عام 1971 إلى 35 ألفاً و704 مزارع عام 2011، على مساحة تقدر بـ105 آلاف و257 هكتاراً.
ونتيجة لجهود دولة الإمارات توجد الآن 54 مزرعة عضوية للخضراوات، وثلاث مزارع للإنتاج الحيواني، ومنشأة واحدة للتصنيع. وزادت مساحة أراضي الإنتاج العضوي في دولة الإمارات إلى 3920 هكتاراً في نهاية عام 2013، وفق ما ورد على موقع البوابة الرسمية لحكومة الإمارات.
مشروعات طموحة
ولمواصلة مسيرة التنمية الزراعية والدفع بالإنتاج الزراعي المحلي للعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة، شهد عام 2020 إطلاق مشروعات عدة مهمة في الإمارات في هذا القطاع، في مقدمتها تشكيل مجلس الإمارات للأمن الغذائي، بهدف تعزيز منظومة حوكمة ملف الأمن الغذائي بين مختلف الجهات في الدولة، وتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي. يترأس المجلس وزيرة الدولة للأمن الغذائي، مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وهي أول وزيرة على مستوى العالم للأمن الغذائي. في 28 يونيو 2020 اعتمد مجلس الوزراء إطلاق النظام الوطني للزراعة المستدامة، الهادف إلى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي في الدولة من المحاصيل الزراعية، وتحسين المردود الاقتصادي للقطاع، وزيادة الاستثمارات فيه وتوظيف التكنولوجيا، لرفع الإنتاجية الغذائية للقطاع الزراعي. ويستهدف النظام تحقيق مجموعة من المحاور على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية تشمل: زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي في الدولة للمحاصيل الزراعية المستهدفة بمعدل سنوي يبلغ 5%، وتحسين المردود الاقتصادي للمزرعة بواقع 10% سنوياً، وزيادة القوى العاملة في المجال بمعدل 5% سنوياً، وترشيد كمية المياه المستخدمة في وحدة الإنتاج بواقع 15% سنوياً.
أيضاً اعتمد صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 2020 بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، الهادف إلى تنظيم المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية في الدولة، في حال حصول أزمات وطوارئ وكوارث، وتحقيق الاستدامة في مجال الغذاء. كما أطلقت الإمارات عام 2020 النظام الوطني للزراعة المستدامة، الذي يهدف إلى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي في الدولة من المحاصيل الزراعية، وتحسين المردود الاقتصادي للقطاع، وزيادة الاستثمارات فيه وتوظيف التكنولوجيا، لرفع الإنتاجية الغذائية للقطاع الزراعي. ووضعت وزارة التغيّر المناخي والبيئة بدولة الإمارات ضمن أولوياتها زيادة استخدام التكنولوجيا المائية بين المزارعين، وتعتمد هذه التكنولوجيا على المياه الغنية بالمغذيات لنمو النباتات من دون تربة، أو بوجود كمية قليلة من التربة. فتوفر هذه الطريقة ما يقرب من 70% من المياه، في حين أنها تسمح لموسم نمو أطول، وتتجنب المواد الكيميائية الضارة. وحتى الآن هناك 87 مزرعة تجارية تستخدم هذه التكنولوجيا.
منصة أبحاث الغذاء
أطلق مكتب الأمن الغذائي في دولة الإمارات منصّة أبحاث الغذاء ،حتى يشارك الخبراء فيها بآخر استكشافاتهم ومنشوراتهم في ثمانية مجالات بحث واعدة. كما تهدف المنصّة إلى تلبية احتياجات مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة في ما يتعلق بالبيانات والمعلومات الخاصة بالبحث والتطوير، في مجال الإنتاج الغذائي المستدام، والأمن الغذائي في دولة الإمارات.
مؤشر الأمن الغذائي العالمي
تقدمت دولة الإمارات 10 مراكز في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، حيث انتقلت من المركز 31 في عام 2018 إلى المركز 21 عام 2019. ويعكس هذا التقدم الكبير الجهود التي بذلتها حكومة الدولة، لتكون الإمارات مركزاً رائداً على المستوى العالمي في مجال الأمن الغذائي القائم على الابتكار. ويستند المؤشر إلى ثلاثة معايير رئيسة مرتبطة بالأمن الغذائي، وهي: القدرة على تحمّل التكاليف، وتوافر الغذاء، وجودة وسلامة الغذاء. وغطى المؤشر تقييم 113 دولة حول العالم. وتهدف الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي إلى رفع ترتيب دولة الإمارات، لتكون ضمن أفضل 10 دول على مستوى العالم في مؤشر الأمن الغذائي بحلول عام 2021.
• 87 مزرعة تجارية تعتمد تكنولوجيا الزراعة المائية.
• 54 مزرعة عضوية للخضراوات في الدولة.
• وضع الشيخ زايد حلولاً لمشكلات الزراعة، مثل ندرة موارد المياه، والأراضي الصالحة للزراعة، وملوحة التربة.
• شهد عام 2020 مشروعات مهمة في قطاع الزراعة، في مقدمتها تشكيل مجلس الإمارات للأمن الغذائي.