مغني الراب كاني ويست.. مرشح رئاسي أم نزوة موسيقيٍّ مريض
تيلورايد بلدة صغيرة في ولاية كولورادو الأميركية يطل سكانها، الذين يزيد عددهم قليلاً على 2000 نسمة، على جبال «روكي ماونتينز» التي تعلو المنطقة في مشهد رائع. هذه البلدة كانت في مطلع أغسطس الجاري ساحة للقاء أثار الكثير من الدهشة في الولايات المتحدة، حيث التقى جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع «كاني ويست»، أحد منافسي ترامب في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في نوفمبر المقبل. لكن هل هو منافس حقاً؟ فالبعض يعتقد أن مغني الراب ويست يدعم ترامب في إعادة انتخابه رئيساً للبلاد.
لكنه في الرابع من يوليو، يوم الاستقلال، كتب كاني ويست في تغريدة مثيرة: «علينا الآن أن نفي بوعد أميركا من خلال الوثوق بالله، وتوحيد رؤيتنا وصياغة مستقبلنا. أترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة».
يجوب ويست العالم، ويناديه معجبوه باسمه الأول كاني، وهو يبدو دائماً كشاب مبهور. إنه ليس رجلاً متعالياً أو ساخراً، ولا يشعر بالاندماج في عالم تليفزيون الواقع البراق لزوجته كيم كاردشيان، فعالمه هو الموسيقى التي أثر ويست فيها إلى حد كبير منذ أكثر من 15 عاماً.
ففي أول عمل له «ذا كوليدج دروب أوت» مزج ويست عام 2004 بين موسيقى السول والجوسبل. وفي ألبوم «جراديويشين» تجرأ عقب ثلاث سنوات على تقديم البوب والهاوس والإنديروك. وبألبوم «808 إس أند هارتبريك» أسس عام 2008 تأثير النغم التلقائي المنتشر في كل مكان حتى اليوم، وذلك قبل أن يطرح تصميماً صوتياً ضخماً للغاية في ألبوم «يزوس» عام 2013.
وخلال ذلك، وضع الفائز بالعديد من جوائز غرامي حداً لصورة الذكوري مفتول العضلات في موسيقى الهيب هوب، ولم يُخف حقيقة أنه شديد الحساسية ومملوء بالشك الذاتي وهش أحياناً. وفي ألبوم «ييه» عام 2018، تطرق ويست بشكل مكثف لمعاناته اضطراباً ثنائي القطب، وتحدث العام الماضي مع الإعلامي الأميركي ديفيد ليترمان عن مرضه الذي يأتي في نوبات. ويعاني المصاب باضطراب ثنائي القطب من تقلبات شديدة في المزاج والرغبة.
استشعر كثيرون انطلاقة جديدة لدى ويست عندما عقد أول ظهور في حملته الانتخابية - والوحيد حتى الآن - عقب إعلانه الترشح للرئاسة. وفي ولاية ساوث كارولينا ظهر على المسرح مرتدياً سترة واقية من الرصاص، وخلال خطابه المشتت انهار ويست باكياً وهو يتحدث عن أن أبيه كان مؤيداً لإجهاضه، وقال: «ما كان سيصبح هناك كاني ويست».
الشكوك حول جدية ترشحه لاتزال قائمة: هل كان الأمر كله مجرد دعاية لألبومه الجديد «دوندا»؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فهل سينجز فعلاً الأوراق اللازمة ليصبح مسجلاً في أوراق اقتراع الولايات الخمسين؟ في هذه النقطة يظهر داعمون لم يكونوا في الحسبان: أشخاص على اتصال بالحزب الجمهوري لدونالد ترامب.
ففي الأسابيع القليلة الماضية، تحدث الكثير من وسائل الإعلام، من «واشنطن بوست» إلى «ميلووكي جورنال سنتينل»، عن مساعدي ويست في الولايات، الذين يعمل بعضهم في حملة ترامب الانتخابية، بل إن أحدهم مندوب للمؤتمر العام للحزب الجمهوري. وقبل أيام قليلة التقى ويست بصهر ترامب كوشنر في تيلورايد. وقال كوشنر: «أجرينا مناقشة عامة حول السياسة». فكلاهما في النهاية صديقان وكانا موجودين في التوقيت نفسه في كولورادو.
وأكد ويست مراراً قربه من ترامب. وكان ظهوره في المكتب الرئاسي عام 2018 لا يُنسى، حيث أشاد بترامب وتطرق خلال حديثه عن أكوان متوازية وطائرات تعمل بالهيدروجين. لكن قبل بضعة أسابيع، قال لمجلة «فوربس» إنه لا يحب حقيقة أن ترامب «خبأ» نفسه لفترة وجيزة في قبو البيت الأبيض خلال الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في واشنطن.
وأصبح من المستبعد الآن أن يلعب كاني ويست دوراً في انتخابات الثالث من نوفمبر المقبل بسبب عدم إيفائه بعدد من المواعيد النهائية للتسجيل في العديد من الولايات. لكن حتى لو كان هذا الترشح مجرد ملاحظة هامشية لعام انتخابي مثير للفضول، فإنه لايزال له صدى، حيث يشك كثيرون في أن أنصار ترامب يريدون إلحاق الضرر بمنافسه جو بايدن - الذي يحظى بشعبية خاصة لدى الناخبين السود - بترشيح ويست واستغلاله في أغراضهم الخاصة حتى خلال مرحلة غير مستقرة.
وعقب فترة وجيزة من الحملة الانتخابية في ساوث كارولينا، أثار ويست قلقاً شديداً على وسائل التواصل الاجتماعي. فليلا كانت تعج تغريداته بنظريات المؤامرة - خصوصاً بشأن رغبة زوجته كيم كاردشيان في نقله إلى مستشفى، ثم تم بعد ذلك محو كل هذه التغريدات تقريباً.
وأخيراً تحدثت كاردشيان بنفسها، وبدا الأمر كما لو أن شخصاً في تلفزيون الواقع توقف لفترة وجيزة للتحدث بوضوح بعيداً عن فقاعة هوليوود، حيث كتبت أن ويست «شخص لامع لكنه معقد. وبالإضافة إلى ضغوط كونه فناناً وأسود، فقد عانى خسارة مؤلمة لوالدته واضطر للتعامل مع الضغط والعزلة التي تؤدي إلى تفاقم اضطرابه ثنائي القطب»، طالبة التفهم، مضيفة أن المقربين من الموسيقي يعرفون أن كلماته لا تتوافق دائماً مع نواياه.
كيم كاردشيان:
«زوجي شخص لامع لكنه معقد. وبالإضافة إلى ضغوط كونه فناناً وأسود، عانى خسارة والدته واضطر إلى التعامل مع الضغط والعزلة واضطرابه ثنائي القطب».