مؤلف «الجنس الأقوى»: النساء متفوقات على الرجال وراثياً
يجب أن يتحلى الرجال بالشجاعة عند قراءتهم لكتاب «الجنس الأقوى»، الصادر في ألمانيا حديثاً، لأنهم ليسوا المعنيين بعنوان هذا الكتاب، إذ يوضح مؤلف شارون مواليم، العالم المتخصص في الوراثة العصبية، بداية أن النساء يتسمن بنظام مناعة أقوى واضطرابات أقل في النمو، ومكافحة أكثر نجاحاً للسرطان «فالنساء ببساطة أقوى من الرجال في كل مرحلة من مراحل الحياة»، كما يرى أنهن متفوقات على الرجال وراثياً.
وعلى الرغم من أن مواليم ألّف كتابه قبل اندلاع أزمة «كورونا»، فإن ما حدث في الجائحة يتناسب مع الصورة التي رسمها في الكتاب، لأن حالات الإصابة والوفاة بمرض «كوفيد-19» عند الرجال أكثر منها عند النساء. لكن الأسباب الدقيقة لهذا الأمر لاتزال محل نقاش. غير أن الكاتب يرى بوجه عام أن العنصر النسائي يتمتع بميزة في البقاء على قيد الحياة.. وهذا ما يستقصي أسبابه في «الجنس الأقوى».
وأوضح مواليم أن «هذه الميزة تتضح من خلال ارتفاع متوسط العمر المتوقع للنساء مقارنة بالرجال، إذ إن كل 100 أنثى حديثة الولادة يقابلها في المتوسط 105 ذكور حديثي الولادة، وعلى الرغم من ذلك، فإن عدد النساء يبلغ ضعف عدد الرجال في الشريحة العمرية التي تزيد على 85 عاماً، ولربما احتج القرّاء بأن الرجال هم أكثر عرضة للذهاب إلى الحرب أو أكثر تدخيناً أو أنهم يمارسون وظائف أكثر خطورة، لكن المؤلف لا يرى أن هذه الحجج صحيحة». وكتب مواليم: «نعرف في الوقت الراهن أن الارتفاع في متوسط العمر المتوقع للنساء يمكن أن يُعْزَى إلى عوامل بيولوجية»، ولفت إلى أن دراسة تضم بيانات أكثر من 11 ألف راهبة وراهب كاثوليكيين من بافاريا، أظهرت ميزة للنساء في البقاء على قيد الحياة، رغم أن الرهبان كانوا يعيشون في ظل حماية واسعة النطاق من المخاطر.
ولكن كيف هذا؟ يجيب مواليم بأن كروموسومات الجنس تلعب دوراً حاسماً في هذا الموضوع، فالصبغيات الجنسية لدى المرأة تحوي زوجين متشابهين من الكروموسومات x، بينما الصبغيات الجنسية لدى الرجل تحوي زوجين مختلفين من الكروموسومات x وy، وهذا الأخير هو المسؤول عن تحديد نوع الوليد إلى ذكر، وهو مسؤول أيضاً عن إنتاج الحيوانات المنوية، ويحتوي على 70 جيناً فقط، فيما يحتوي الكروموسوم x على قرابة 1000 جين. وأضاف مواليم: «هكذا تتمتع النساء بمزيد من الحلول في مجموعة أدواتهن الجينية»، لأن لديهن كروموسوم x من الأب وآخر من الأم ولكل منهما بدائل جينية مختلفة. وتساعد هذه الأدوات الإضافية، على سبيل المثال، في الدفاع ضد الفيروسات: فالخلايا المناعية تحاول باستمرار تطوير أجسام مضادة أفضل من خلال الطفرات، وهذا الأمر يؤدي إلى امتلاك النساء المزيد من الجينات المناعية المختلفة التي تتنافس مع بعضها بعضاً، ما يُسَرِّع وتيرة عملية تطوير الأجسام المضادة. ولاحظ مواليم هذه النتائج كطبيب في دار أيتام تايلاندية في أطفال مصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة (إتش آي في): «ففي كل مرة يدخل فيها ميكروب جديد إلى دار الأيتام، يحذر العاملون أصحاب الخبرة كل العاملين الآخرين من أجل توفير اهتمام شديد للصبيان»، لأنهم عُرضة بصورة أكبر للإصابة مقارنة بالفتيات. وأضاف أن «زوجته تعافت بصورة أسرع منه بعد حادث سيارة وقع لهما، وذلك رغم خطورة إصابتها». ويحكي مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً عن محترفات تاريخيات في البقاء على قيد الحياة، وعن نساء مارسن رياضات خطرة.
عالم نحل العسل
تطرّق مؤلف الكتاب أيضاً إلى عالم نحل العسل، مشيراً إلى أن إناث النحل العاملات تمتلكن ضعف الكروموسومات التي لدى الذكور، ولا عجب في ذلك فالإناث تحضر الطعام وتنتج العسل وتراعي الخلية وتدافع عنها، بينما لا تصلح الذكور إلا لشيء واحد هو التكاثر. وكتب مواليم أن «الذكور تطرد قبل وقت قصير من حلول الشتاء، ولا تبقى على قيد الحياة طويلاً»، معتبراً أن حظ الرجال أنهم أفلتوا من مصير كهذا.
شارون مواليم.. عالم متخصص في الوراثة العصبية.