يزن القضماني.. الزراعة العضوية شغف لا يخلو من التحديات
انطلقت مزرعة الإمارات العضوية عام 2016، ويعمل على إدارتها يزن القضماني، الذي أخذ شغفه بعالم الزراعة، ولاسيما العضوية منها، من والده يحيى القضماني، الذي كان رائدا في مجال الزراعة والأسمدة العضوية منذ السبعينات. ويدور مفهوم المزرعة التي تعتبر عضوية بنسبة 100% حول تقديم محاصيل معينة توجد في الإمارات، حيث تتم زراعة ما يفوق الـ60 صنفاً بطريقة عضوية تماماً، أي أن البذور عضوية، والتربة أيضاً، كما أن الزرع خالٍ من المبيدات.
تحديات
حمل تأسيس المزرعة في البداية الكثير من التحديات، وأشار القضماني إلى أن والده عمل في مجال الزراعة منذ السبعينات، إذ كان يعمل على بناء البيوت المحمية والأبحاث، فمع تأسيس الإمارات أسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مراكز أبحاث للزراعة حول ما يمكن تقديمه في الدولة، فوالد القضماني عمل في أبحاث تتعلق بزراعة القمح، وتم نقله إلى مشروع «العوهة»، وزرع وقتها مساحات كبيرة من القمح. ولفت القضماني إلى أنه استكمل مسيرة والده في الزراعة، وبسبب النهضة الزراعية التي شهدتها الإمارات، كانت الأسمدة تأتي من الخارج، ومنها ما يكون غير معالج، وبالتالي وجد الكثير من الحشرات والآفات غير الموجودة في البلد، ما دفع والده إلى تأسيس مصنع لمعالجة السماد العضوي، إذ بات هناك اكتفاء من السماد العضوي، كان يتم تصديره للخارج، وعلى أثر نجاحه تمت صناعة سماد عضوي للنخلة، وقد حاز جائزة، ما جعل والده وشركاءه يحصلون على قطعة أرض، تم تحويلها إلى مزرعة.
دراسة
درس القضماني الإدارة المالية، والزراعة كانت جزءاً من عمله، فالمزارعون ليسوا مهندسين زراعيين، مشيراً إلى أنه اكتسب الخبرات من خلال العمل ومن خبرة والده، موضحاً أن الزراعة تعتبر من المهن المتوارثة. وأكد أن البداية كانت بمزرعة ليست سوى كثبان الرمال، وبالتالي يكون تأسيسها مع الرمل الخالي من العناصر المفيدة، من خلال إضافة السماد العضوي، الذي يعمل على بناء التربة الجيدة، ثم إن وجود الطيور والحشرات المفيدة يؤدي إلى حدوث توازن، ففي الزراعة التقليدية تتم إزالة كل ما هو موجود وتتم زراعة صنف واحد وبشكل متخصص، بينما في الزراعة العضوية لا يمكن القيام بذلك لتجنب انتشار الحشرات، إذ يتم مزج المساحات المزروعة بالأصناف المتنوعة، وذلك لتلافي انتشار الحشرات، لأن لكل شجرة ونبتة هناك آفات معينة ومكافحة خاصة، وبالتالي كثافة النبات في المساحة قد تقضي على المحصول، ما يعني أن الدورة الطبيعية للبيئة تكون أكثر فاعلية مع الزراعة العضوية.
طيور ودواجن
وعن التحديات التي تحملها الزراعة العضوية، لفت القضماني إلى أنهم لا يعيدون زراعة الصنف نفسه في التربة لموسمين متتاليين، لأن النبتة تأخذ كل حاجاتها من التربة، فهناك أساليب لمزج المزروعات كي تكون التربة أكثر إنتاجاً وبشكل عضوي. ونوه بأن المزرعة تحتوي، أيضاً، على الدواجن فهناك 15 ألف طير، وبالتالي مخلفات الدواجن تعود للتربة، كما أن مخلفات المزروعات يتم تقديمها للطيور. أما ريُّ الزراعة العضوية فلا يختلف عن ري الزراعة التقليدية، مشيراً إلى أنه يتم اعتماد طريقة الري بالتنقيط، التي توفر 60% من المياه، لو قورنت بالري المتعارف عليه في بلدان أخرى، موضحاً أنه تتم دراسة الري بحسب الزراعات، فمثلاً الذرة تزرع بشكل أفقي بينما تتم زراعة اليقطين تحتها، وبالتالي تتم الاستفادة من زراعة صنفين في المساحة نفسها، وهذا ما لا يمكن القيام به في الزراعة التقليدية، كما أن الأخيرة تقوم على التخصص وتعتمد على الآلات في حين العضوية تجعل الناس يزرعون الأصناف بشكل متقارب، ويكون العمل يدوياً، لهذا ترتفع كلفة الزراعات العضوية.
توعية وفعاليات
يسعى القضماني إلى تقديم التوعية حول ماهية هذه الزراعة، مشيراً إلى أنهم يقومون بتنظيم مجموعة من الفعاليات بواسطة مرشد، حيث تأتي المجموعات إلى المزرعة لمعرفة طبيعة الزراعة العضوية، وقد تم العمل على الفعاليات كمشروع سياحي، فالتوعية مهمة جداً، وهي ليست لتقديم مفهوم الزراعة العضوية، وإنما لعيش التجربة في المزرعة حول كيفية الزراعة، فأحياناً يقوم الزوار بالزراعة أو قطف المحصول، فهي مزرعة متكاملة وكبيرة وتفتح أبوابها للزوار.
تسويق
نوه يزن القضماني بأن الوعي حول تناول المأكولات العضوية متوافر عند الأجانب. أما تحديات التسويق، فأشار إلى أن الزراعة العضوية نسبتها 10%، ومازالت الزراعة التقليدية تصل إلى 90% من المتوافر في السوق، وبالتالي هناك الكثير من الأمور التي تدخل نطاق التسويق، منها على سبيل المثال المعلومات غير الدقيقة التي تكتب على المنتجات، إذ يصبح هناك نوع من الارتباك لدى الناس في المعلومات التي تقدم لهم، بحيث تخف قدرتهم على التفريق بين العضوي، وبين المنتج التقليدي الذي تكتب عليه بعض العبارات، ما دفع القضماني إلى القول بأنهم يعملون، دائماً، على إرشاد الناس حول كيفية قراءة المعلومات على النحو الصحيح.
نصيحة للمبتدئين
نصح يزن القضماني المبتدئين بمشروعات جديدة بالتعلم جيداً والدراية بكل جوانب المشروع قبل البدء به، فالمعلومات موجودة اليوم، وتتوافر عبر الإنترنت، وهناك دعم من العديد من المصادر في الدولة، فيجب أن يكون هناك هدف يتم العمل عليه، كما أنه من الضروري أن يرد المرء الدين للمجتمع الذي يوجد فيه. ولفت إلى أن الاستدامة في أي مشروع تتطلب النجاح المالي، لكن مع النجاح المالي لابد من الالتفات إلى كيفية العطاء في المجتمع.
الزراعة من المهن المتوارثة والبداية كانت بمزرعة ليس فيها إلا كثبان رمال.
في الزراعة العضوية تزرع الأصناف بشكل متقارب ويكون العمل يدويا، ولهذا ترتفع كلفتها.
المنتجات العضوية نسبتها 10% وما زالت الزراعة التقليدية تصل الى نسبة 90%
# طموح الشباب
تبدأ الحكاية بالشغف، وبكثير من الإصرار على تحقيق الهدف، مهما بلغت التحديات.. هكذا هي حكايات يختصرها لنا شباب وأصحاب تجارب راهنوا على قدراتهم وبدأوا الحياة المهنية ومشروعاتهم الصغيرة من الصفر، لتكبر مع الوقت ويكبر معها الحلم والطموح. البدايات ليست سهلة، لكنها غالباً ما تكون متسمة بنجاحات بسيطة، تكبر مع مرور الأيام ونضوج التجربة.
أما الوصول إلى ضفة النجاح فهو إنجاز محفوف بكثير من الدعم والتشجيع من المحيطين، والمثابرة في كل يوم. نتعرف في هذه الصفحة إلى قصص الشباب.. طموحاتهم.. تحدياتهم وقصص نجاحهم.