إسراء الآغا.. تجربة تطوعية مُلهمة في مواجهة «كورونا»
أبدت إسراء الآغا، طالبة الطب الأردنية، التي لم يتجاوز عمرها 22 عاماً، شجاعة كبيرة خلال فترة تطوعها لمواجهة فيروس «كوفيد-19»، وقامت بشكل يومي بمهام صعبة يحجم عنها الآخرون، كالاتصال بشخص لإخباره بإصابة أحد أفراد أسرته، وأن عليه أن يستعد لإجراءات العزل التام.
وتنضم إسراء إلى عدد كبير من العاملين والمتطوعين في مجال الرعاية الصحية، الذين تم تكريمهم من قبل مكتب «فخر الوطن» لقاء ما بذلوه من جهود استثنائية لحماية الناس أثناء الجائحة.
تعيش إسراء الآغا في عجمان برفقة شقيقيها الأصغرين ووالدتها التي كانت تحارب السرطان، قبل انتشار فيروس «كوفيد-19»، وحياتها تتلخص في أنها كانت تتوجه إلى الكلية صباحاً لدراسة الطب، وأنها تعطي دروس تقوية في مادة الرياضيات عبر الإنترنت للطلاب مساءً، لكسب دخل إضافي لمساعدة عائلتها.
تطوعت إسراء في المناوبات اليومية لمستشفى القاسمي، ليكون عملها الأساسي هو التنسيق ما بين عائلات المرضى ومقدمي الرعاية الصحية. كما قامت بتقديم المشورة للأقرباء القلقين بشأن أحبائهم، لاسيما أنهم كانوا ممنوعين من زيارتهم.
وقالت إسراء: «كان الأمر صعباً على الصعيد العاطفي، وغالباً ما كان عليّ التعامل مع أشخاص منفعلين يتحرقون للحصول على المعلومات. كانت ساعات العمل في المستشفى طويلة، وكان عدد المرضى كبيراً جداً. وكان المكان يفيض بقصص الألم والأمل، خصوصاً في بداية فترة انتشار الفيروس، وكنّا نقف على أقدامنا طوال اليوم بلا فترات استراحة، ونتعرض باستمرار للمرضى المصابين بفيروس (كوفيد-19)، وما تبع ذلك من مخاطر. وفي كل مرة أخضع فيها للفحص، كنت أنتظر نتيجة الفحص السلبية لأعود لمواصلة العمل». عانت إسراء الآغا المشقة والتعب خلال فترة تطوعها إبّان الأزمة، ولكن بالنسبة لها كان العمل صعباً ومفعماً بالعواطف، وفي نهاية المطاف، ترى الآغا أنه مقارنةً بكل ما قدمته في حياتها، يعد هذا العمل أكثر الأعمال التي تبعث الراحة والرضا في النفس على الإطلاق.
وحول هذه الذكريات، تقول إسراء: «لكم لأن تتخيلوا صعوبة الاتصال بأب لإخباره بأن ابنته ذات السبعة أعوام مصابةٌ بفيروس (كوفيد-19)، وأن فريقاً مختصاً في طريقه لأخذها للحجر الصحي. كان الأمر صعباً جداً».
وحول التجربة، تقول إسراء: «لم يفهم أصدقائي سبب إقدامي على هذا العمل، فالبعض كان ينصحني بأن أبقى بعيدةً، لكني كنت أقول إنني كما عشت لحظات القلق عشت لحظات الفرح والأمل، فقد كانت أسعد اللحظات هي لحظة تعافي أحد المرضى من فيروس (كوفيد-19)، واتصالي بعائلته لأزف إليهم الخبر السعيد، وأخيراً أنا ولدت في دولة الإمارات، وعشت فيها حياتي بأكملها، وكان الجهد الذي بذلته طريقتي في رد الجميل لهذا البلد». وتسترجع إسراء ما حدث في تلك الفترة قائلة: «كنت أخشى العودة إلى المنزل، لأن المخاطر كانت كبيرةً جداً. خلال الفترة الأولى من الجائحة، كنت أرى والدتي أيام الجمعة فقط عندما أتأكد من أن نتيجة فحصي سلبية».
طرق جديدة
كان شعور إسراء بالمسؤولية ورغبتها في المساهمة في تخفيف آلام الآخرين هوما دفعها إلى التفكير في طرق جديدة للمساعدة. فشجعت أخويها وعمرهما 18 و19 عامًا على التطوع للعمل في مستشفى القاسمي أيضًا، وبدأت هي نفسها التطوع في ثلاثة مستشفياتٍ أخرى في الشارقة وعجمان ودبي.
«أسعد اللحظات كانت تعافي أحد المرضى واتصالي بعائلته لأزف إليهم الخبر السعيد».
«ولدت في الإمارات، وعشت فيها، والجهد الذي بذلته طريقتي في رد الجميل لهذا البلد».