#طموح الشباب.. نجلاء الأنصاري تغامر بمشروع وسط الجبال
وسط الجبال، وما يحيطها من جمال سكون وهدوء بمنطقة الفاية في الشارقة، ابتكرت نجلاء الأنصاري مساحة «في اللامكان»، تُعنى بإيجاد تجارب متباينة لا تقتصر على الاستمتاع بالقهوة أو الطعام، بل تمتد لتكون تجربة من نوع خاص مع العودة للطبيعة، والتوغل في أعماق الذات وسط السكون ورمال الصحراء، فهي أشبه بحالة الانفصال التام عن العالم الخارجي من أجل العودة للالتحام به من جديد.
يحمل «نوت أ سبيس» الكثير من الإبداع، والنشاطات التي تتيح للزوار التجمع في الصحراء، فهو ليس مجرد رحلة في البر، وإنما تجربة محمّلة بالمشاعر والتأمل.
وعن المشروع وبداياته، قالت نجلاء الأنصاري لـ«الإمارات اليوم»: «كانت البداية عبارة عن مساحة يوجد فيها صالون حلاقة ومقهى، وذلك بالمقر الرئيس في مويلح، لكن هذه التجربة قابلة لأخذها إلى أي مكان وتطويرها، وهذا ما كان مع افتتاح هذه المساحة الخاصة في جبال الفاية».
وأضافت: «كانت جرأة فكرة افتتاح هذا المساحة وسط الصحراء، حيث لا يوجد أي شيء هنا، ولكنها فعلياً شهدت إقبالاً كبيراً، خصوصاً أنها تقدم أفكاراً إيجابية للزوار، فالمقهى كان بمثابة فرصة لاكتشاف الناس وما يبحثون عنه من مساحة يجلسون بها ويجتمعون».
وأوضحت نجلاء أن المساحة التي ابتكرتها كان هدفها جذب الشباب والسياح، فالوجود في الصحراء والبرّ مهم لكثيرين، مشيرة إلى أن «الفكرة وُجدت من لا شيء فعلاً»، إذ إنها دائماً ما تقود السيارة عبر الإمارات وترى المشاهد الجميلة، ومن خلال ذلك تشجعت لتقديم الفكرة.
وأكدت أن الموقع الذي اختارته لإيجاد هذه التجربة يحمل الكثير من القصص، فهو موقع تاريخي، وتوجد فيه أول محطة بترول في الدولة، وتحمل اسم «المحطة البريطانية» وتعود إلى الستينات من القرن الماضي، بالإضافة إلى فندق يعد الأول من نوعه في الإمارات، ويحمل تجربة مختلفة عن وجهات الضيافة الفاخرة.
شمس وقمر
عن المكان وطبيعة النشاطات التي تنظمها، ذكرت أن الموقع يتسم بجماليات مختلفة، فالشمس عند الغروب تكون من جهة وفي مقابلها القمر من جهة ثانية، خصوصاً مع اكتمال القمر، لافتة إلى أن جمالية المكان جعلتها تنظم العديد من الأنشطة التي تبرز روعة هذا الموقع كمساحة تأمل، ومنها بعض الفعاليات الخاصة باليوغا والتأمل، كما تعاونت مع بعض الشركات التي تقدم مجموعة من الأنشطة في الصحراء، وعملت على توفير المكان لمجموعة من الفنانين الذين يحضرون في أيام الإجازات ويغنون، فباتت النشاطات تجمع بين الموسيقى والرياضة، وتحمل تجارب ثقافية متنوعة.
ويستلزم الوصول إلى هذه المساحة القيادة لمسافة بعيدة، وحول كيفية جذب الجمهور إلى مشروع (مقهى) في وسط الصحراء، رأت نجلاء الأنصاري أنها في البدء تأكدت من وجود الموقع على الخريطة، ثم بدأت التسويق للفكرة من منطلق النقص لمكان مفتوح يتيح للناس التنفس، معتبرة أن الفرق بين المساحة والمكان أن المكان يبنى، بينما المساحة هي الفضاء الذي يكون فيه المرء حراً، ولذا تجذب كل الأعمار.
تحديات
عن التحديات التي رافقت التحضير اعترفت صاحبة المشروع بأنها كانت كثيرة، خصوصاً أنها بدأت من مكان ليس سهلاً، إلى جانب التجهيز الخاص بالأرض، ثم الحصول على كل الموافقات، فالتحضيرات اللوجستية هي تحدٍّ في حد ذاته.
وكشفت عن أن فكرة المشروع وسط الصحراء كانت تعد مغامرة كبيرة، خصوصاً أنها لم تحصل على الكثير من التشجيع، معتبرة أن التحضيرات يمكن إنجازها بسهولة، لكن المرء دائماً يحتاج إلى الدعم، ورأت أن هذه المغامرة حظيت في ما بعد بإقبال لافت، ولذا من الممكن أن تعيد ابتكار مساحة جديدة في العام المقبل، خصوصاً في فصل الشتاء، مع تقديم تجربة من نوع مختلف، لافتة إلى أن المساحة التي تحوي صالون حلاقة، تحمل جواً جميلاً، فالمسألة لا تقتصر على إيجاد منتج مختلف، وإنما مختبر اجتماعي مختلف.
تؤمن نجلاء الأنصاري بأن الانفصال عن العالم مهم جداً من أجل إعادة التواصل معه، معتبرة أن مشروعها الحر يتميز بأنه يتيح للجمهور الالتحام مع الطبيعة على نحو غير مألوف، فحتى الأطفال يتصلون مع هذه الأجواء بشكل غير اعتيادي.
وأضافت: «الحياة عبارة عن مغامرة، وعدم الإقدام على ذلك لا يمكّن من معرفة الصحيح من الخاطئ، وأنا مستعدة دائماً للتعلم من الآخرين، ومن الضروري أن ينعزل المرء خلال فترات معينة، لأن الأفكار تأتي من الناس، فهم مصدر الإلهام الأول».
رسائل إيجابية
حرصت نجلاء الأنصاري على تقديم طاقة ورسائل إيجابية في مساحة مشروعها الذي يشهد إقبالاً كبيراً، لاسيما أنها تؤمّن تجربة مميزة، تبدأ من القيادة في الطريق المحاط بالجبال، وقبل الوصول إلى المقهى الذي سيغلق مع نهاية مارس الجاري، إذ تقدم القهوة والطلبات على مرايا تحمل كلمات ورسائل أمل.
ويمكن للزوار التقاط صور «سيلفي» عبر هذه المرايا، بحيث تظهر الجبال في خلفية الصورة من خلال انعكاسها، ما يتيح الاستمتاع بالتجربة إلى أبعد الحدود مع كل التفاصيل.
• مستعدة دائماً للتعلم من الآخرين، لأن الأفكار تأتي من الناس، فهُم مصدر الإلهام الأول.
• المشروع كان بمثابة فرصة لاكتشاف الزوار، وما يبحثون عنه من مساحة يجلسون فيها ويجتمعون.