بعد طلاق بيل غيتس وميليندا.. ما مصير أكبر مؤسسة خيرية عائلية في العالم؟
لقد بدأ الأمر برحلة سفاري في إفريقيا، إذ ذهب الشاب والشابة بيل وميليندا غيتس، إلى القارة السمراء للمرة الأولى في عام 1993، واستقلا شاحنة للاستمتاع بمشاهدة الحيوانات والمناظر الطبيعية الخلابة، بالاضافة إلى مناقشة أولوياتهما كإثنين مقبلين على الزواج، إلا أن ما شهداه هناك أثار نقاشاً أوسع بشأن الثروة الهائلة التي كانا قد بدآ جمعها بالفعل.
وقالت الكاتبة صوفي ألكسندر في نقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن ميليندا كانت قالت في خطاب ألقته في أبوظبي في عام 2016: «لقد كانت أول نظرة مستدامة لنا على الفقر المدقع.. لقد كانت بداية تعلمنا بشأن التحديات التي تواجه الناس الأشد فقراً في العالم».
كما كانت بداية لاطلاق «مؤسسة بيل وميليندا غيتس»، وهي مؤسسة خيرية أميركية عملاقة، شيدها الزوجان على مدار فترة زواجهما الذي استمر لمدة 27 عاماً وانتهى الأسبوع الماضي.
وكتب بيل وميليندا في البيان المشترك الذي أعلنا فيه نبأ انفصالهما، إنهما سيستمران في إدارة المؤسسة الخيرية سوياً.
وأضاف الزوجان في البيان المشترك الذي نشره غيتس، مؤسس شركة «مايكروسوفت» الشهيرة، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «بعد قدر كبير من التفكير والكثير من العمل على علاقتنا، اتخذنا قراراً بإنهاء زواجنا».
وجاء في البيان: «على مدار السنوات الـ 27 الماضية، قمنا بتربية ثلاثة أبناء رائعين وبنينا مؤسسة تعمل في جميع أنحاء العالم لتمكين جميع الناس من أن يعيشوا حياة صحية ومنتجة».
وتابع البيان: «نحن نواصل مشاركة الإيمان بتلك المهمة وسنواصل عملنا معاً في المؤسسة، لكننا لم نعد نعتقد أننا يمكن أن ننمو معا كزوجين في هذه المرحلة التالية من حياتنا.»
وعلى الرغم من هذا التأكيد من جانبهما، تسبب نبأ الطلاق في إثارة حالة من الصدمة في عالم الأعمال الخيرية.
وكان بيل وميليندا - اللذان يبلغ حجم ثروتهما حالياً نحو 145 مليار دولار - وقعا في عام 2010 مبادرة «تعهد عطاء»، وهي عبارة عن وعد شاركا في إعداده لتشجيع أغنى أغنياء العالم على التبرع بمعظم ثروتهم في حياتهم، أو لكي ينصوا على ذلك في وصيتهم بعد وفاتهم. والتزم الزوجان من جانبهما بالتبرع بـ «الغالبية العظمى من أصولنا لمؤسسة بيل وميليندا غيتس».
ومازال من غير المعروف كيف سيتم توزيع هذه الأموال بعد نبأ انفصال الزوجين.
يشار إلى أن «تعهد العطاء» غير ملزم من الناحية القانونية بأي حال من الأحوال، وقام بيل وميليندا بالفعل باستكشاف طرق أخرى من أجل العطاء، ومعالجة التغير المناخي وعدم المساواة بين الجنسين، على التوالي، من خلال شركات الاستثمار الخاصة بهما.
من جانبها، قالت إليزابيث ديل، وهي أستاذة مشاركة في القيادة غير الربحية بجامعة سياتل، إنه من الممكن أن تتوسع الاعمال الخيرية الفردية الخاصة بهما الآن، لأن هناك أسرتين ثريتين بدلاً من أسرة واحدة.
وأضافت أن مؤسسة بيل وميليندا غيتس ليست مؤسسة خيرية عائلية عادية؛ ولكنها الأكبر من نوعها على هذا الكوكب، إذ يعمل بها أكثر من 1600 شخص في أنحاء العالم، ولديها صندوق للهبات يقدر حجمه بـ 50 مليار دولار، ووزعت بالفعل أكثر من 50 مليار دولار منذ أن إطلاقها، لمعالجة قضايا مثل تطوير اللقاحات وتمكين المرأة. فهي تنافس الدول الكبرى في أعمال الدعم التي تقوم بها، إذ إنها تساهم بمزيد من الموارد المتعلقة بأعمال البحث والتطوير لمكافحة أمراض مثل الملاريا والسل وغيرها. كما تربط المؤسسة العملاقة علاقات بوول ستريت.
ويقوم صندوق المؤسسة بتوزيع عشرات الملايين من الدولارات كرسوم في كل عام، لمديري الاعمال الاستثمارية وشركات الخدمات المالية.
ومن المتوقع أن يكون لأي تغيير يطرأ على مشاركة بيل أو ميليندا في المؤسسة، تأثير كبير بسبب حجم مجلس إدارتها غير العادي، بحسب ألكسندر. ويشكل بيل وميليندا ثلثي أمناء المؤسسة. أما العضو الثالث فهو صديقهما، المستثمر البارز وارن بافيت، الذي أضاف أكثر من 27 مليار دولار من أمواله إلى خزائن المؤسسة على مدار السنوات الـ 15 الماضية.
ويتفق كل من ديل وجريج ويتكوفسكي، وهو أحد كبار المحاضرين في مجال الإدارة غير الربحية بجامعة كولومبيا، على أن الانفصال لن يؤثر على المؤسسة أو على المنح التي تم التعهد بها بالفعل، بصورة فورية، ولكنه قد يؤثر على مستقبلها، بناء على كيفية تطور نهج بيل وميليندا في العمل الخيري بعد الانفصال.