بواسطة الذكاء الاصطناعي ومغن أردني شخَّص حركات الفنان الراحل
عبدالحليم حافظ يستعيد الزمن الجميل في «أوبرا دبي»
بعد مرور 44 عاماً على رحيله أطلّ العندليب الأسمر على خشبة «دبي أوبرا»، أول من أمس، في حفل أقيم بواسطة المزج بين «الهولوغرام» والذكاء الاصطناعي، وأطرب عشاق فنه، وجاء الحفل استعادة لأغنياته الحالمة والرومانسية، التي تحمل نفحة من الطرب الأصيل. النموذج الثلاثي الأبعاد الذي يحاكي تفاصيل شكل عبدالحليم حافظ، إلى جانب العمل على تطوير تفاعله مع الحضور، منح الجمهور فرصة الاستمتاع بحفل يدمج بين ما هو افتراضي وواقعي لعيش تجربة تجمع بين عذوبة صوت العندليب وألق الحضور على المسرح.
بالتصفيق لأغنية «أبوعيون جريئة» بدأ الحفل الذي أعاد الحضور إلى حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، فكانت البداية حافلة بالأجواء الرومانسية.
وكان التصفيق المتواصل إشارة للتفاعل الكبير بين «الهولوغرام» والجمهور الذي شهد الحفل، فلم تكن الصورة الثلاثية الأبعاد على المسرح مجرد مؤدية للأغاني، ومقارنة مع الحفل السابق، الذي أنتجته شركة «ان دي بي» نفسها المنتجة لحفل حليم، فقد تم العمل على تطوير ميزة التفاعل لمنح العرض صفة أكثر واقعية. وتجلى هذا التفاعل في كثير من المحطات في الحفل، أولها التصفيق مع الأغنيات وقبلها، والانحناء للحضور، إلى جانب التفاعل مع الفرقة الموسيقية وقيادتها على المسرح، فيما كانت بعض حركات جسد الراحل عبدالحليم حافظ موجودة بكثرة، منها تصفيف شعره والتلاعب بيديه مع الموسيقى.
وبدا واضحاً تفاعل الجمهور مع الحفل، لاسيما مع الأغنيات التي تميزت بشعبية بالغة، منها «أول مرة تحب يا قلبي»، وأغنية «أسمر يا أسمراني»، فكانت تعلو الصرخات في مسرح الأوبرا لتحية الفنان الراحل، كما أن منهم من تأثر بهيبة الحضور في بدء الحفل، فلم يتمكنوا من حبس دموعهم. وتأرجحت اختيارات أغنيات الحفل بين الأغنيات التي تروي الحب والشوق، وأخرى تحمل نفحة من الحزن والهجران، منها «بلاش عتاب»، لكنها بالمجمل كانت معظمها من الأغنيات القصيرة التي لا تتجاوز 10 دقائق، والتي قدمها الراحل في أفلامه، ما أتاح تقديم برنامج طويل خلال الحفل، الذي امتد إلى ما يقارب الساعة و40 دقيقة.
وكان اللافت في حفل عبدالحليم حافظ تقنية الصوت التي تميزت بالجودة العالية، حيث إن صوت الفنان الراحل كان يصدح في فضاء مسرح الأوبرا بشكل نقي وعذب، جعل الحضور ينسجم معه كثيراً، لاسيما في أداء أغنياته ذات الشجن العالي، كأغنية «نعم يا حبيبي»، والأغنية التي ختم بها الحفل «جبار».
أقيم الحفل بخلفية بسيطة من الديكور الذي يعيدنا إلى الزمن الجميل، وكانت الفرقة الموسيقية المؤلفة من 28 عازفاً موجودة على المسرح خلف مجسم «الهولوغرام»، فيما تدلّت من سقف المسرح الثريات المضيئة والستائر. أما الإضاءة والألوان فكانت تتبدل مع كل أغنية بشكل يتلاءم مع ملابس الفنان وبدلاته الملوّنة، ما جعل المسرح يأخذ ألواناً عدة، منها الأخضر والرمادي والأزرق وغيرها.
يذكر أن الحفل الذي أطرب الجمهور هو الحفل الثاني الذي يقام في دبي بـ«الهولوغرام» بعد حفل أم كلثوم، ما يؤشر إلى انتقال تجارب الترفيه إلى مستوى جديد.
وأكد المخرج ومؤسس شركة «إن دي بي» المنتجة للحفل، الذي أقيم بالتعاون مع هيئة السياحة والتجزئة في دبي، و«إم بي سي»، حسن حينا، ان التقنيات في هذا المجال تخضع للتطوّر المستمر، وسيكون «الهولوغرام» عنوان الترفيه بدبي في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن التقنيات في الحفل تطوّرت بعد استغلال فترة جائحة «كورونا» لتحسين مستوى الصورة والصوت في الحفل. ولفت حينا إلى أن الحفل تم بعد الاستعانة بالمغني الأردني يوسف كيلاني، الذي تعاون كثيراً في تقديم شخصية الراحل وحركاته للتمكن من تقديم صورة تحاكي الواقع تماماً على المسرح، كما أن تطوير تقنيات الصوت في هذا الحفل كان مميزاً، وهناك دراسة لمشروع وضع الصوت على منصّات بسبب الجودة العالية التي يحملها. وشدد على وجود مشروعات كثيرة مقبلة في الإمارات، حيث سيتم العمل على تقديم حفلات لأسماء كبيرة، منها أسماء غربية، إضافة إلى دراسة العمل على تقديم «هولوغرام» على شكل ثنائي بين فنانين من أجيال مختلفة، أي ثنائيات تجمع الفنانين الراحلين والمعاصرين، لتقديم أمتع التجارب الترفيهية.
سيرة العندليب الأسمر
ولد الفنان المصري عبدالحليم حافظ عام 1929، واسمه الحقيقي عبدالحليم علي شبانة، وقد ولد في قرية الحلوات في محافظة الشرقية. توفيت والدته بعد ولادته بأيام، وقبل أن يتم عبدالحليم عامه الأول توفي والده ليعيش اليتم ويتربى في بيت خاله. كان حليم الابن الرابع في العائلة، وأكبر إخوته إسماعيل شبانة كان مدرّساً موسيقياً في الوزارة. عمل في التدريس الموسيقي في البداية، إلى أن قدم أولى أغانيه، ويقال إن أغنية «صافيني مرة» قوبلت بالرفض عام 1952، إلا أنها حققت نجاحاً باهراً في العام التالي. تمكن الفنان الراحل من تحقيق حالة من التألق بعد مجموعة من الأعمال تعاون فيها مع كبار الملحنين والكُتّاب، منهم محمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي، كما غنى من كلمات الشاعر نزار قباني. في رصيده أغنيات عاطفية ووطنية وابتهالات دينية، وما يقارب 156 فيلماً سينمائياً. عانى في حياته مرض البلهارسيا، وقد أصيب بتليف الكبد بسبب هذا المرض، حتى توفي عام 1977.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news