يسابق الزمن لإنقاذ النوع النادر من السمك الصغير
الأردن.. الموطن الأخير لـ «الأفانيس العربي»
يسابق الأردن الزمن جاهداً لإنقاذ نوع نادر من السمك الصغير المهدد بالانقراض في «موطنه الأخير» في محمية طبيعية رطبة في أكثر منطقة انخفاضاً في العالم في جنوب غرب المملكة.
وتسعى إدارة محمية «فيفا» (140 كيلومترًا جنوب غرب عمان) إلى إنقاذ وإكثار سمك «الأفانيس العربي»، الذي تدهور وضعه في السنوات الأخيرة.
والاسم العلمي لسمك الأفانيس العربي هو «أفانيس ديسبار ريتشاردسون»، ويعرف بالإنجليزية بـ«توث كارب» البحر الميت. أزرق اللون لمّاع، والأنثى منه تتميّز بخطوط سوداء غير مكتملة على الجانبين، ولا يتجاوز طوله أربعة سنتيمترات. وأدرج عام 2014 على قائمة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة الذي يتخذ من سويسرا مقراً، على أنه نوع مهدد بالانقراض.
ويقول مدير المحمية، إبراهيم محاسنة، لـ«وكالة فرانس برس» إن هذا النوع «مهدد بالانقراض على المستوى العالمي، إذ إنه متوطن هنا، وغير موجود في مكان آخر».
وتبلغ مساحة المحمية التي تأسست عام 2011 نحو 23 كيلومتراً مربعاً، وتنخفض 426 متراً تحت مستوى سطح البحر. تديرها الجمعية العلمية الملكية لحماية الطبيعة، وهي مؤسسة مستقلة غير ربحية.
في عام 2017، أعلنت المحمية التي تقع على بعد نحو 60 كيلومتراً جنوب البحر الميت، كأكثر موقع انخفاضاً في العالم، بموجب اتفاقية «رامسار»، وهي معاهدة دولية للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة، لوقف تدريجي لفقدان الأراضي الرطبة.
بركة خاصة
بينما قال عبدالله العشوش، وهو باحث بيئي في المحمية: «هناك تهديدات مختلفة لهذا السمك، منها انخفاض مستوى المياه، وتغير بيئته، ووجود أسماك تتغذى عليه وعلى بيوضه، منها التلابيا والقمبوزيا والكارب».
وأضاف بينما يتفقد زوجاً من الأسماك في جدول ماء ضمن المحمية أن «برامج المراقبة الدورية حذّرت من تراجع أعداد هذه السمكة بشكل واضح في السنوات الأخيرة»، لهذا يجري العمل حالياً على إنشاء بركة خاصة، سينتهي العمل فيها خلال شهر، لعزل الأفانيس عن بقية الأسماك، ومحاولة إنقاذه وإكثاره.
ويشير العشوش إلى أن هذا النوع يتميز بـ«تحمّل درجات الملوحة العالية للمياه»، وإلى أن الأنثى منه تضع نحو 1000 بيضة في الموسم.
ووفقاً للمتحدث باسم الجمعية العلمية الملكية لحماية الطبيعة، سالم نفاع «يعيش في الأردن نوعان نادران من الأسماك غير موجودين في العالم، هما بالنسبة لنا أشبه بالكنز الذي نعمل للحفاظ عليه».
ونجحت الجمعية التي تأسست عام 1970 في إنقاذ سمك «السرحاني»، الذي كان على وشك الانقراض في نهاية الألفية الثانية في موطنه الوحيد في «محمية الأزرق» (نحو 110 كلم شرق عمان).
«محمية الأزرق»
قال مدير «محمية الأزرق»، حازم الحريشة، بفخر، وهو يقف قرب إحدى البرك في المحمية التي تأسست عام 1978 إنه مع مطلع عام 2000 «بدأت قصة إكثار هذا النوع من السمك، بعد أن كان على حافة الانقراض»، مؤكداً أنه «لا يعيش في أي بيئة ثانية في العالم إلا في الأردن».
ويسمى علمياً بـ«أفانيس السرحاني»، نسبة إلى وادي السرحان الممتد من الجزيرة العربية إلى الأزرق، وبالإنجليزية فهو «كيلي فيش»، ولا يتجاوز طول السمكة منه ستة سنتميرات.
ورغم صغر حجمه، يمكن مشاهدته في عدد من البرك في محمية الأزرق المجهزة لاستقبال الزوار، والتي تضم ممرات خشبية ومسارات وأكواخاً خشبية لمراقبة الطيور والحيوانات.
ولون هذا السمك فضي، الأنثى منه منقطة، بينما يحمل الذكر خطوطاً سوداء.
ويوضح الحريشة أنه تمّ عام 1998 تأسيس حوض مائي اسمنتي لإكثار سمك السرحاني، وعزله عن الأنواع الأخرى التي تهدد وجوده وتتغذى منه ومن بيوضه، مثل الشبوط (كارب) أو البلطي (التلابيا).
ومن التهديدات الأخرى التي تعرض لها هذا السمك تغيّر المناخ، وانخفاض منسوب المياه. وكانت مياه المحمية التي تقع على أحد أهم مسارات هجرة الطيور، جفت تماماً مطلع التسعينات، فتمّ استقدام المياه إليها.
وسجل في المحمية، بحسب الخريشة «350 نوعاً من الطيور من أصل 436 نوعاً مسجلة على مستوى المملكة، وأهمها أنواع من البط والطيور المائية».
«السرحاني»
قال مدير مركز مراقبة التنوع الحيوي في الجمعية، نشأت حميدان «بحلول عام 2000، كان تعداد سمك السرحاني لا يتعدى 500 سمكة في كل الواحة، وهذا يعني أن وجوده كان شبه معدوم».
وأضاف «كان يتناقص بشدة، ووصل إلى نسبة 0.02 فقط من عدد الأسماك في الواحة. جمعنا 20 سمكة على مدى عامين في بركة إسمنتية مخصصة لتتكاثر».
وتم تحديد الاحتياجات الحيوية لسمك السرحاني، وتحليل مواصفات دورة حياته، وتحديد أنه يحتاج إلى مياه ضحلة غير عميقة لوضع البيوض، لكن مع بيئة متنوعة من حيث الأعشاب، مع ضرورة بقائه في معزل عن أنواع السمك الأخرى ليبقى حياً.
وتابع حميدان «أعدنا تأهيل برك المياه الطبيعية واحدة تلو الأخرى»، مضيفاً أن نسبة سمك السرحاني حالياً هي «بين 60% الى 70% من عدد الأسماك في الواحة»، مشيراً إلى أنه لا يجب أن تتدنى عن 50%.
تهيئة موئل طبيعي
قال مدير محمية «فيفا»، إبراهيم محاسنة، إن «خطتنا خلال الفترة المقبلة إعادة تأهيل سمك الأفانيس ضمن دراسة علمية مع الخبراء، لتهيئة موئل طبيعي يتكاثر فيه، وفي الوقت نفسه، تخفيف حدة التهديد الموجود في المكان الطبيعي».
• 1000 بيضة تضعها في الموسم أنثى الأفانيس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news