محمد سلطان بن ثاني: رحلات شيقة في سكيك دبي وشوارعها
من سكيك دبي وشوارعها القديمة وأسواقها الشعبية، ينطلق الإماراتي محمد سلطان بن ثاني، في رحلات شيقة يصحب فيها متابعي حسابه على موقع «إنستغرام»، ليتعرفوا إلى مجتمع الإمارات على الواقع، بعيداً عن الصورة السطحية التي تقدمها بعض الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يشعر المتابع للحساب أنه أقرب إلى القناة الإعلامية منها إلى حساب شخصي، لما فيه من تنوع في المحتوى. مؤكداً أن الإمارات تتضمن ما هو أعمق من المباني الشاهقة والمدن الحديثة، سواء كان تراثاً أصيلاً أو إنساناً صنع وبنى وغامر واجتهد.
ويرى محمد بن ثاني في حواره مع «الإمارات اليوم» أنه «وسط هذا الكم الهائل من قنوات التواصل الاجتماعي أصبح من الصعب العثور على حسابات تقدم محتوى اجتماعياً هادفاً له رسالة واضحة تهدف إلى تقديم مجتمع الإمارات بصورة جميلة وإيجابية، وتعكس النجاحات والمشروعات المتميزة، وتربط الماضي بالحاضر بالتركيز على شخصيات محلية مواطنة ومقيمة تعكس منحى إيجابياً إن كان تاجراً أو موظفاً أو بائعاً في سوق السمك وغيرها من الشخصيات».
البداية من سوق السمك
بن ثاني أوضح أن بداية دخوله مجال التواصل الاجتماعي، كانت في عام 2009 من خلال «تويتر»، قبل أن يكتشف «إنستغرام» في عام 2013، ووجد أنه أقرب إلى شخصيته حيث يمزج بين السينما التي درسها وأحبها، وبين الصحافة التي أحبها وعشقها. لافتاً إلى أن «إنستغرام» كان في بداياته يتيح نشر الصور فقط، إلا أن المزج بين الصورة والكتابة أتاح له مجالاً كبيراً لتقديم موضوعات وتحقيقات صحافية مختلفة، فكان سوق السمك في ديرة هو البداية من خلال تقديم تغطية يومية لأحداث السوق وأسعار الأسماك، ثم توسع لتغطية الأسواق الأخرى كسوق الخضراوات والفواكه، ومن هنا بدأت شهرة حسابه. مضيفاً: «سوق السمك أتاح لي فرصة الالتقاء بالعديد من الشخصيات التي شكلت مادة جميلة وخصبة مثل العم مبارك وعيسى بالمينون، ومن خلاله كونت صداقات جميلة ومستمرة.. ولكن الأهم في الموضوع أن ما ينقل على (انستغرام) كان بمثابة سينما الواقع من خلال شخصيات جميلة أتتبع حياتها اليومية». وأشار إلى أن التوجه العام الذي يركز عليه في ما ينشره من موضوعات عبر حسابه يتضمن التركيز على الجانب المحلى والتجاري والاجتماعي والسياحي. لافتاً إلى أن هذا التوجه تبلور بشكل أكثر وضوحاً مع الوقت زيادة شهرة الحساب. مضيفاً: «كنت أبحث عن تقديم مستوى مفيد بحكم خبرتي ككاتب وصحافي، وكنت وقتها أقوم بكتابة قراءات نقدية للأفلام السينمائية وتغطية الأخبار الفنية المرتبطة بالإذاعة والتلفزيون، ولكن لتنويع المجالات التي أقوم بتغطيتها أخذت أتجول في أسواق الراس بدبي بحثاً عن موضوعات وأفكار متنوعة للجريدة، وهذا ما ساعدني اليوم في تقديم مستوى هادف ومتميز».
لا للإعلانات
ويقول بن ثاني إن دراسته السينمائية والعمل الصحافي ثم سنوات طويلة من العمل الحكومي في دائرة الأراضي والأملاك بدبي، أتاحت له خبرات كبيرة في العديد من المجالات خصوصاً في مجالات التخطيط والتميز المؤسسي والعناية بالمتعاملين، وهذه الخبرة انعكست في تقديم محتوى مفيد يهدف إلى عكس صورة إيجابية عن جوانب مختلفة من المجتمع، سواء كان ذلك من خلال بائع عصير في السوق أو تجار الأغذية والبهارات وغيرهم. معتبراً أن من أكثر ما يسعده أن يكون حسابه سبباً في نجاح عمل شباب مواطن مثابر متميز في عمله ولكن يحتاج إلى دفعة إعلامية ولا يستطيع تحمل نفقات تنظيم حملات إعلامية مكلفة، فيقوم بتقدم مثل هذه الخدمة له مجاناً.
وشدّد بن ثاني على رفضه تحويل حسابه إلى نشاط اقتصادي، لافتاً إلى أهمية دعم الجهات السياحية في الدولة له ولغيره من الحسابات المشابهة. وأضاف: «قاومت ولاأزال أقاوم تحويل حسابي إلى حساب تجاري، حيث أتلقى يومياً عشرات الطلبات من أجل تغطيات إعلانية مدفوعة الأجر، في المقابل أحرص على اختيار الموضوعات والأعمال التي أعتقد أنها مثيرة للاهتمام وأقدمها للناس، وقد أتاح لي الابتعاد عن المحتوى الإعلاني المدفوع الفرصة لتقديم موضوعات ثقافية واجتماعية هادفة وتشد المشاهد. وما يدعو للفخر بالنسبة لي أن العديد من الشخصيات والموضوعات التي أقدمها لفتت انتباه وسائل الإعلام الرسمية وقدمتها من خلال قنواتها الرسمية. ولذا نتطلع إلى دعم حساباتنا من قبل جهات مثل دوائر السياحة والثقافة في الدولة حتى نتمكن من الاستمرار في تقديم مادة متنوعة وتخدم الجميع، بدلاً من الاتجاه إلى خدمة الأعمال التي تدفع مقابل إعلان تجاري».
فيديوهات ليست للنشر
ويتوقف محمد بن ثاني أمام بعض القصص التي قدمها وكان لها تأثير كبير عليه، موضحاً: «كثيرة هي الشخصيات والقصص التي أسعدتني شخصياً، حيث استطعت من خلال هذا الحساب تغيير مجرى حياة بعض الأشخاص من خلال مبادرة الكثير من المتابعين إلى تبني قضاياهم والبحث عن حلول لها، وأذكر من بين هذه القصص مبادرة الدكتور عبدالله النقي لعلاج عيون العم مبارك، وشراء قارب صيد لعيسى، عدا عن العديد من القصص الأخرى التي يصعب الحديث عنها بالتفصيل وشعرت بسببها أن ما أقوم به له فائدة اجتماعية». مشيراً إلى أنه لايزال هناك العديد من الأفكار والموضوعات والشخصيات التي تمنّى أن يلتقي بها، ولكنه يتوقف إما لقلة الإمكانات أو لرفض هذه الشخصيات الحديث للكاميرا، معتبراً أن أصعب المواقف عندما يصور فيديو ثم يرفض صاحبه نشره، وهي فيديوهات عديدة عنده، ولكن لا يستطيع نشرها.
في المقابل، انتقد بن ثاني تحويل البعض حساباتهم إلى منابر لتقديم صورة سلبية ومبتذلة عن المجتمع وأفراده. معرباً عن أمله أن يكون لكل صاحب حساب القدرة على اختيار مستوى مناسب لما يقدمه من محتوى، وأن يضع في باله أن العالم كله يرى ما يقدم، ولذلك يجب أن يكون له انعكاس إيجابي يفخر به.
قصص وشخصيات
رغم المجهود الذي يبذله في اختيار وتنفيذ محتوى حسابه على «إنستغرام»، اعتبر محمد بن ثاني أنه لا يمثل أداة مناسبة لتوثيق وأرشفة التراث، «ولكنه وسيلة للفت الانتباه إلى أن هناك ما هو أعمق في تاريخ الإمارات وتراثها من مجرد عمارات شاهقة ومعالم بارزة؛ فهناك إنسان صنع وبنى وغامر واجتهد، والإمارات عموماً ودبي خصوصاً كانت ولاتزال مركزاً تجارياً مهماً في المنطقة، وأطمح إلى المزيد من اللقاءات ولفت الانتباه إلى هذه الحقيقة، كما أن تحويل الموضوعات التي أقدمها إلى أفلام وثائقية عمل جميل اتركه للمتخصصين».
• بن ثاني: «وسط هذا الكم الهائل من قنوات التواصل الاجتماعي أصبح من الصعب العثور على حسابات تقدم محتوى اجتماعياً هادفاً»