محاولة لخفض الآثار المدمّرة للاحتباس الحراري على الطبيعة والكائنات

مساحات خضراء تنمو وسط مدن العالم

يضم «ذي غاردنز باي ذي باي» في سنغافورة مثلاً 18 «شجرة» خرسانية عملاقة مكسوّة بالنباتات المورقة. أ.ف.ب

ازدهرت المواقع الخضراء في المدن الكبيرة، سواء كانت مزروعة على سطح مبنى مرتفع في نيويورك، أو على إحدى عمارات ميلانو، أو على مستوى الأرض في الصحراء السعودية، أو في شوارع ميديلين.

وثمة إجماع في العالم، اليوم، على ضرورة إعادة الطبيعة إلى المدن، إذ إن المناطق الحضرية تشكّل مصدراً لنحو 70% من الغازات المسبّبة لمفعول الدفيئة، وبغض النظر عن وتيرة خفضها، يتوقع أن تتسارع الآثار المدمرة للاحتباس الحراري على الطبيعة والكائنات الحية، وتصبح ملموسة قبل مدة طويلة من سنة 2050، وفقاً لمسودة تقرير أعده خبراء المناخ في الأمم المتحدة.

ويشهد العالم اليوم زخماً في مجال تخضير المدن، ويمكن بفضل الجدران والأسطح الخضراء خفض درجة الحرارة في تسع مدن في أنحاء العالم، بما بين 3.6 درجات و11.3 درجة مئوية في أشد الأوقات حرارة.

أشجار خرسانية

يضم موقع «ذي غاردنز باي ذي باي» الواقع قرب حي الأعمال الجديد في سنغافورة مثلاً 18 «شجرة» خرسانية عملاقة مكسوّة بالنباتات المورقة، يراوح ارتفاعها بين 25 و50 متراً، وتعلوها ألواح شمسية تتيح إضاءتها ليلاً، فتبدو أشبه بصحون طائرة.

أما «فلاور دوم»، فهي عبارة عن خيم زراعية ضخمة مصنوعة من الفولاذ والزجاج، تحتضن حديقة نباتية ملونة تضم عشرات الآلاف من الأنواع النباتية النادرة من القارات الخمس. وتتألف غابة «كلاود فورست» من جبل اصطناعي له شلاله، والنباتات التي تنمو عادة على ارتفاع 2000 متر.

زراعة على السطح

الزراعة على السطح وسط المباني الشاهقة والمداخن العالية والطرق ذات الحارات الأربع، وفي الأسفل تقع حقول مزروعة بالفجل والكراث والخس على قطعة أرض تتجاوز مساحتها 14 ألف متر مربع، إنه أحد أكبر الأسطح المزروعة في العالم، ويقع في الطبقة التاسعة من مبنى في «سانست بارك» في نيويورك.

وتسهم هذه المزرعة المفتوحة للراغبين في التنزه وفي شراء الخضر، في خفض الحرارة، وتحسين جودة الهواء، وإثراء التنوع البيولوجي، إذ تشاهَد فيها طيور صغيرة تنقر البذور، وأخرى جارحة كالصقور ذات الذيل الأحمر.

«الغابة العمودية»

الغابة العمودية في ميلانو «بوسكو فيرتيكاليه»، تبلغ مساحتها هكتارين، ولكن بشكل عمودي، تضم 20 ألفاً من النباتات والأشجار موزعة على مبنيين في وسط حي بورتا نوفا.

على كل شرفة من هذين المبنيين تنمو عشرات النباتات أو الأشجار، كالأركس والكرز والتفاح والزيتون والزان، موزعة بحسب قدرتها على مقاومة الرياح والظروف الأنسب لها، من حيث الضوء أو الرطوبة.

وأنجز بناء «بوسكو» عام 2014، وحصل عام 2015 من مجلس المباني الشاهقة والمناطق السكنية الحضرية في شيكاغو على جائزة أجمل مبنى في العالم.

وتمتلئ مساحة «المزرعة العمودية» البالغة 7000 متر مربع برفوف على 14 مستوى، يبلغ ارتفاعها 10 أمتار، مضاءة بما مجموعه 20 ألف مصباح «ليد». وتنتج هذه المزرعة سنوياً ما معدله 15 محصولاً من الخضر والأعشاب.

وتتولى روبوتات مهمة حمل البذور والبستنة في هذه المزرعة المقامة في حظيرة في منطقة تاستروب الصناعية في كوبنهاغن، وافتتحتها في ديسمبر شركة «نورديك هارفست» الدنماركية الناشئة.

الممرات الخضراء في «ميديينكانت» طرق ميديين في كولومبيا محرومة من الطبيعة، ويطغى عليها الحرّ، ومتروكة للنفايات أو لمدمني المخدرات، لكنها حوّلت إلى 30 «ممراً أخضر» مزروعاً بالأشجار والأزهار، «متصلة» بشبكة من المساحات الخضراء القائمة أصلاً، من الحدائق العامة أو المروج إلى الحدائق الخاصة.

وأتاح مشروع الشبكة الخضراء هذا لميديين، ثاني أكبر مدن كولومبيا، خفض الحرارة بمقدار درجتين مئويتين، للمساعدة على تنقية الهواء، وإعادة النحل والطيور، وإشراك السكان، وتوفير فرص العمل، بحسب شريط فيديو للبلدية التي تدعم المشروع منذ عام 2016.

وحصل المشروع على عدد من الجوائز، لإسهامه في «تحسين التنوع البيولوجي»، و«خفض الحرارة»، وتعزيز «رفاهية المواطنين»، بحسب موقع «سي 40 سيتيز».

باقة مبانٍ

«باقة» مبانٍ خضراء في تشنغدو الصينية من الأعلى، يبدو المشهد في مدينة تشنغدو عاصمة مقاطعة سيتشوان في جنوب غرب الصين، أشبه بباقة من المباني الخضراء وسط الحجر والخرسانة.

إنها ثمانية مبانٍ خضراء، زُرعت نباتات مورقة على شرفات شقّقها، ضمن مشروع تجريبي أطلق عام 2018، بعنوان «حديقة كيي الغابية»، فوق طريق سريع مؤلف من أربع حارات.

وتبدو بعض الشقق كأنها أكواخ مقامة فوق شجرة، في وسط الغابة المطيرة، ونقيق الطيور. يقول لين دينجينغ، وهو أحد المقيمين، إن«نوعية الهواء جيدة صباحاً»، مشيراً إلى أن رؤية «هذه الأشجار المملوءة بالخضرة» تجعل كبار السن مثله يشعرون بالراحة.

تويتر