مصور إماراتي يحترف متعة محفوفة بالخطر
يعقوب الحمادي.. كاميرا مُموّهة تطارد الصقور والبوم في صحراء الإمارات
ربما كان عشق الحياة البرية وتجارب عائلته الطويلة في مجال تربية الصقور، هما ما دفعا الإماراتي يعقوب الحمادي للتعلق بهواية التصوير والتخصص في مجال تصوير الطيور والحيوانات البرية التي تزخر بها طبيعة الإمارات الساحرة الممتدة على ربوع إماراتها السبع، ما فتح له أبواب التميز في هذا المجال الذي برع فيه بشكل واضح، مكرساً تجربة متنوعة الأوجه ومتمنياً الاستمرار في التقدم وتحقيق نجاحات أكبر في هذا المجال الصعب والمملوء بالتحديات والمخاطر.
«تظهير الصورة»
في مستهل حواره مع «الإمارات اليوم»، توقف يعقوب الحمادي عند بدايات تعلقه بهواية التصوير بشكل عام، والتي يرجع عشقه لها إلى سن التاسعة من العمر. وذلك، بعد أن أهداه والده أول «كاميرا»، رغبة منه في تحقيق حلم طفولي قديم لم يتمكن من تجسيده على أرض الواقع، لافتاً إلى سعادته بهديته الأولى التي سرعان ما تحمس لاكتشافها وتجربتها، وذلك، على الرغم من بساطة تقنياتها المعتمدة آنذاك على مبدأ «تظهير الصورة» وكنت أنتظر نتائج تحميض فيلم كامل من 36 صورة للحصول على صورة ناجحة، حيث أكد الحمادي قائلاً «تعلقت بهذه الهواية لسنوات عديدة، قبل أن أعود لها بشكل احترافي مع بداية عام 2008، بالتزامن مع التحاقي للعمل في مجال تدريب الصقور في إحدى المحميات الخاصة في دبي، حيث قام الشيخ بطي بن مكتوم بإهدائي كاميرا خاصة لتصوير حيوانات المحمية وتوثيق نمط الحياة البري فيها، فاتحاً لي بوابة عالم التصوير وفرص اكتشاف أسراره وتفاصيله وتقنياته المختلفة، فتصوير الحياة البرية متعة محفوفة بالخطر، وقد حرصت دائماً على استثمار التجربة لمواصلة البحث والسؤال عن أدق الأمور المتعلقة بميدان هوايتي، كما عمدت أكثر من مرة للمشاركة في مختلف المنتديات الخاصة بهذا الفن للتعرف إلى أحدث تقنياته والاستفادة منها بشكل أكبر لتنمية معارفي في المجال ومن ثم تطوير تجربتي في مجال تصوير الحياة البرية في الإمارات».
رحلات «القنص»
مع مرور الوقت والممارسة اليومية، نجح الحمادي في لفت الأنظار إلى موهبته الواضحة في هذا المجال، ليرافق عدداً من الشيوخ في رحلات «القنص» والصيد بالصقور التي كانوا يرتحلون فيها بين مناطق متعددة داخل الإمارات وخارجها بداية من عام 2018، حيث رافق في العام التالي الشيخ أحمد بن راشد، في إحدى رحلات الصيد الخاصة، والمغفور له بإذن الله الشيخ حمدان بن راشد في رحلة صيد الصقور في باكستان، التي استطاع من خلالها الحمادي تصوير ما يزيد على 10 ألبومات، يضم كل واحد منها أكثر من 80 صورة.
وحول خصوصية فن تصوير الحياة البرية في الإمارات، وتحدياته ومصاعبه الميدانية، أكد المصور الإماراتي يعقوب الحمادي أن لكل نوع من الطيور والحيوانات في البيئة البرية خصوصيته ومميزاته المختلفة عن غيره سواء من ناحية طبيعته أو طرق حياته البرية، ما يجعل المصور مطالباً كل مرة بمعرفة هذه التفاصيل والتعمق فيها للإحاطة بكل جوانبها وحسن التعاطي معها في عملية التقاط الصور، مما قد يتطلب منه أحياناً المكوث طويلاً في بيئاتها ومن ثم «التخييم» في مكان واحد لأكثر من أربعة أشهر متواصلة لالتقاط صورة «فعلى سبيل المثال، تطلب تصوير أحد أنواع البوم المعروف ببوم (النسارية) الصحراوي، البحث المكثف على أعشاشها ومن ثم حفر حفرة أو نصب خيمة صغيرة بالقرب منها لمراقبة تحركاتها واقتناص اللحظة المنتظرة، وكذلك أوقات التصوير المتعددة التي تختلف بين فترتي الصباح والعصر لضمان نوعية وجودة عالية للصور الملتقطة».
متعة دائمة
من جهة أخرى، يضيف الحمادي أن «لكل صورة جمالياتها الخاصة وخصوصيتها، ولحظاتها الأنسب، إلا أن تصوير الحياة البرية يبقى دوماً متعة لا تضاهيها متعة، وذلك، على الرغم مما يحيط بها من مفاجآت وتحديات لا متناهية في كل مرة»، لافتاً إلى ميله الكبير لتجربة تصوير البوم وهي تتحرك في محيطها الصحراوي، التي كشف أنه يجد فيها سعادة وسحراً استثنائيين. مشيراً كذلك إلى تنقله في تجربة التصوير البري بين مناطق عدة من الدولة، قائلاً «تتمتع الإمارات ببيئة صحراوية ومحميات طبيعية رائعة في دبي ومناطق المرموم والقدرة، إلى جانب محميات أخرى في أم القيوين وليوا والذيد، وجبال شعم في رأس الخيمة، وجزر المنطقة الغربية وغيرها من الأماكن الرائعة».
طموحات
بالإضافة إلى الشغف والبحث والاستقصاء الدائمين، اعتمدت تجربة الحمادي في مجال تصوير الحياة البرية على عمله الحالي في مجال تربية الصقور ودرايته الكبيرة بها، الذي ورثه من عائلته التي اعتنقت منذ زمن طويل هذا الشغف العربي الأصيل.
وعن مشاركاته في معارض ومناسبات خاصة في المجال داخل الإمارات وخارجها، أكد الحمادي مشاركاته في معرض «سكة» في عام 2018، ونيته المشاركة في دوراتها اللاحقة عند توافر الفرصة، مضيفاً «لا أبحث عن مشاركة فردية بقدر سعادتي برؤية مبدعي الإمارات في معرض فني مشترك، نتبادل فيه الأفكار والخبرات والتجارب»، مشيراً إلى توقه إلى توسيع نطاق تجربته والسفر إلى محميات عالمية في أوروبا وإفريقيا وروسيا، لتصوير مختلف أنواع الطيور والحيوانات النادرة فيها.
مواقف طريفة
في معرض حديثه عن المواقف الطريفة التي تعرض لها أثناء تجارب تصويره للحياة الصحراوية، لفت الحمادي إلى أنه «في إحدى المرات، تصادف تواجدي على مقربة من عش بومة وصغارها، فبادرت لإخفاء الكاميرا وتمويهها بطريقة لا تلفت الانتباه، لكنني فوجئت وأنا أعاين عدسة الكاميرا الكبيرة، باختباء أحد صغار البوم فيها». مضيفاً «كما هاجمني أحد الصقور مرة، أثناء مرافقتي له في تجربة تدريبه من قبل أحد الأصدقاء في المحمية، لكنني سعدت آنذاك بنجاة الكاميرا من هذا الهجوم المفاجئ».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news