إنسانية الإمارات تخفّف من تداعيات فصل الشتاء عــن 100 ألف عائلة
يصعب تخيل أن 3.8 ملايين لاجئ ونازح في الشرق الأوسط، وملايين من العائلات المعدمة في إفريقيا، يعيشون ظروفاً مأساوية في مواجهة واحد من أبرد فصول الشتاء في المنطقة، حيث يواجه هؤلاء في الدول المضيفة للاجئين في كل من لبنان والأردن والعراق، درجات حرارة تصل إلى ما دون الصفر، كما يصعب تخيل أن يحتمي طفل بخيمة متهالكة، يبحث وسط الفيضانات والعواصف والثلوج عن بعض الدفء، تخيلوا أن تدفع الظروف القاسية أب أسرة إلى اتخاذ قرارات صعبة جداً، تصل لحد القبول بتقليص وجبات الطعام لأسرته، والتضحية بأهمية الدواء، في سبيل تأمين بعض التكاليف الإضافية لتدفئة أطفاله، وعزل مسكنهم المتمثل في خيمة أو غرفة وحيدة غير مدفأة، تؤويهم، في حي أو مخيم متداعي الأبنية، البرد القارس والصقيع والفيضانات!
ومن هذا المنطلق، جاءت حملة «لنجعل شتاءهم أدفأ»، التي أطلقتها حملة «أجمل شتاء في العالم»، بالشراكة مع «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، و«المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، و«الشبكة الإقليمية لبنوك الطعام»، وبالتعاون مع صانع المحتوى العربي، حسن سليمان، المعروف بـ«أبوفلة»، والتي تهدف إلى توفير أكبر قدر من المساعدات، ودعم أكبر عدد من عائلات اللاجئين والمجتمعات الأقل حظاً في المنطقة في فصل الشتاء، بواقع 100 ألف عائلة، ليتمكنوا من مواجهة وتحمل ظروف الشتاء الصعبة في الوطن العربي، أو الذين يواجهون ظروفاً معيشية متدنية في إفريقيا، تعزيزاً لمفهوم العمل الإنساني في المجتمع، وتكريسه كنهج دائم في دولة الإمارات التي باتت تمثل منصة عالمية للأعمال الإنسانية.
وتعتمد كثير من العائلات اللاجئة والنازحة داخلياً وخارجياً على المساعدات التي تقدمها المفوضية، لتتمكن من تأمين الدفء والأمان، وتلبية احتياجات أطفالها من مأوى وطعام وغذاء، وغالباً ما يحل هذا الموسم مثقلاً بأعباء وتكاليف إضافية، تلقي بظلالها على أسر تواجه أصلاً تحديات جمة في سبيل تأمين الاحتياجات الأساسية طوال العام، لذلك أطلقت المفوضية خطة مساعدات شتوية لـ 3.8 ملايين لاجئ ونازح في المنطقة.
فمن دون التبرعات العاجلة، لن يتمكن كثيرون من البقاء آمنين ودافئين خلال الأشهر الباردة. وبالنسبة لكثيرين، فسيكون هذا الشتاء هو العاشر على التوالي الذي يحل عليهم وهم بعيدون عن أوطانهم، حيث تواجه العائلات ظروفاً أكثر صعوبة دفعتها إلى الفقر المدقع، ما جعلها أكثر عرضة للخطر من ذي قبل.
وتعمل المفوضية في 130 دولة لتقديم الحماية والمساعدة، ودعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة على التكيف، وإيجاد الحلول وسط مناخ يزداد قسوة على نحو متزايد، حيث تطلق المفوضية حملة «لنجعل شتاءهم أدفأ»، في العديد من الدول، حيث تشير إحصاءات المفوضية إلى تجاوز أعداد النازحين قسراً حول العالم عتبة الـ84 مليون شخص في عام 2021.
ووفقاً لأرقام المفوضية بقي أكثر من 1.2 مليون عراقي في عداد النازحين داخلياً حتى نهاية عام 2020، كما كان هناك أكثر من 280 ألف لاجئ أو طالب لجوء في العراق، بينهم 242 ألف سوري، وشكلت النساء نسبة 48% من إجمالي عدد اللاجئين في العراق.
وفي تقرير لها حول اللاجئين السوريين صدر في مارس الماضي، أعلنت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن نصف السوريين أصبحوا لاجئين ونازحين، بعد 10 سنوات من اندلاع النزاع في بلادهم. وأشارت إلى أن أكثر من 13 مليون سوري يحتاجون للمساعدة الإنسانية والحماية، بينما يعاني 12.4 مليون شخص (60% من إجمالي السكان) من نقص الغذاء. ودعت المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود الجماعية لدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات التي تستضيفهم.
أما في لبنان، الذي يعاني بدوره أوضاعاً اقتصادية صعبة، زادت من التحديات التي تواجه اللاجئين السوريين على أرضه، فتتعاون المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، لمواجهة ما تصفها بـ«حالة التدهور السريع في الظروف المعيشية للاجئين السوريين»، الذين تؤكد الوكالات الثلاث أن «جميعهم تقريباً باتوا عاجزين عن توفير الحدّ الأدنى من الإنفاق اللازم لضمان البقاء على قيد الحياة».
ويعاني اللاجئون للعثور على مأوى لائق وآمن في لبنان؛ فنحو 60% من عائلات اللاجئين السوريين يعيشون في مساكن معرضة للخطر، أو دون المعايير المطلوبة أو مكتظة. وقد اضطرت ثلثا العائلات إلى تقليص حجم حصص الطعام أو تقليل عدد الوجبات المستهلكة يومياً. ويساعد برنامج الأغذية العالمي حالياً أكثر من 1.1 مليون لاجئ سوري، و600 ألف مواطن لبناني في الشهر عن طريق تقديم مساعدات نقدية وحصص غذائية.
وفي الأردن، خصصت المفوضية نحو 35 مليون دولار عام 2021 كـ«مساعدات شتوية تشكل الدفء الحقيقي» للاجئين قبل دخول فصل الشتاء، ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة في 2011، بينهم 669 ألفاً و922 لاجئاً مسجلين لدى مفوضية اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة لغاية 17 أغسطس 2021.
وتشير أرقام الأمم المتحدة حول أوضاع النازحين واللاجئين في العالم، إلى أن حجم المأساة اليوم تعني أن أكثر من 1% من سكان العالم تعرضوا لنزوح قسري فقدوا معه - بشكل شبه مؤكد – القدرة على العودة إلى ديارهم، خاصة مع ما شهده العالم العامين الماضيين من اضطرابات مناخية وتداعيات مؤلمة لوباء (كوفيد-19).
وعبّر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، عن هذا الواقع بقوله في تصريح سابق له، إن النزوح القسري أصبح واقعاً، ولم يعد ظاهرة مؤقتة وقصيرة الأجل، وأن ملايين البشر الذين باتوا خارج ديارهم لا يمكنهم الاستمرار في العيش في حالة من الاضطراب لسنوات متتالية، دون فرصة للعودة إلى ديارهم، ولا أمل في بناء مستقبل لأنفسهم في مكان وجدوهم.
والأخطر في ظاهرة اللاجئين والنازحين هو تهديدها لمستقبل أجيال كاملة، فهناك ما لا يقل عن 374 مليون طفل مهجر أو نازح، بينهم كثير من غير المصحوبين بذويهم، ما يعادل على سبيل المثال، العدد الكلي لسكان أستراليا والدنمارك ومنغوليا مجتمعين.
ويعيش 80% من المهجرين حول العالم في بلدان أو أقاليم متضررة من انعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية الحاد - وكثير من هذه البلدان تواجه بدورها مخاطر تتعلق بالمناخ وغيرها من الكوارث.
• «لنجعل شتاءهم أدفأ» تخاطب الجانب الإنساني لدى الجمهور في المنطقة والعالم.
• 3.8 ملايين لاجئ ونازح في الشرق الأوسط، وملايين من العائلات المعدمة في إفريقيا يعيشون ظروفاً مأساوية.
جائحة «كوفيد-19» رمت بالملايين تحت خط الفقر المدقع
إلى جانب قوافل اللاجئين والنازحين قسرياً حول العالم، أرخت جائحة «كوفيد-19»، بظلالها على الاقتصاد العالمي، فتسببت في رفع معدلات الفقر المدقع في العالم في عام 2020، لأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً، وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن جائحة «كورونا» دفعت ما يصل إلى 150 مليون شخص إلى براثن الفقر المدقع عام 2021. ويؤكد البنك الدولي أن اقتران جائحة «كوفيد-19» بضغوط الصراعات، وتغير المناخ، سيجعل من تحقيق هدف القضاء على الفقر بحلول عام 2030 أمراً بعيد المنال.
وعلى الرغم من أن أقل من 10% من سكان العالم يعيشون على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم، فإن ما يقرب من ربع سكان العالم يعيشون دون خط الفقر البالغ 3.20 دولارات، ويعيش أكثر من 40% من سكان العالم - أي ما يقرب من 3.3 مليارات نسمة - دون خط الفقر البالغ 5.50 دولارات للفرد في اليوم.